منظمة التجارة العالمية بين يديك الحلقة (63)
منظمة التجارة العالمية بين يديك الحلقة (63)
اعتماد بروتوكول الانضمام والتصديق على وثائق العضوية
لدى انتهاء هذه المراحل الثلاثة المتزامنة بنجاح، تقوم إدارة الانضمام في المنظمة بتجميع محصلة نتائجها، المتفق عليها بين الدول الأعضاء والدولة المستجدة، ضمن وثيقة موحدة ضمن بروتوكول الانضمام Protocol of Accession، وتشمل الوثائق التالية:
1 ـ الجداول الموحدة الخاصة بالتزامات الدولة المستجدة في قطاعي السلع الزراعية، والصناعية، والخدمات Unified Schedules of Commitments.
2 ـ تقرير فريق العمل Working Party Report، الخاص بوقائع اجتماعات فريق العمل وفقرات الالتزامات والاستثناءات التي وافقت عليها الدولة المستجدة.
3 ـ الأنظمة واللوائح التنفيذية Laws and Implementing Regulations، الصادرة عن الدولة المستجدة والمترجمة إلى إحدى لغات المنظمة الرسمية.
وتقوم إدارة الانضمام في المنظمة بالتعاون مع الدولة المستجدة بتجميع هذه الوثائق الثلاثة وعرضها، ضمن بروتوكول الانضمام، في اجتماع رسمي على فريق العمل المعني بانضمام الدولة المستجدة للمنظمة لاعتمادها رسمياً ومن ثم رفعها إلى المجلس العمومي في المنظمة للتصويت عليها بالإجماع من قبل الدول الأعضاء كافة.
وتمنح الدولة المستجدة، بعد ذلك، مدة زمنية مناسبة لإصدار القرارات السياسية والتشريعية اللازمة بالموافقة على هذه الوثائق والالتزامات الواردة فيها، ومن ثم المصادقة على بروتوكول الانضمام من أعلى سلطة تشريعية في هذه الدولة، وبعد استلام إدارة المنظمة لنسخة من هذه المصادقة، تصبح الدولة المستجدة عضواً رسمياً في المنظمة بعد شهر من الزمن ليتم الإعلان رسمياً عن نجاح هذه الدولة في اكتساب استحقاقات العضوية من قبل مدير عام المنظمة ورئيس المجلس العمومي، وتبدأ هذه الدولة حديثة الانضمام أعمالها بفعالية عن طريق حضور كل الاجتماعات والمساهمة في طرح المبادرات والتصويت على القرارات واتخاذ المواقف المصيرية لصالحها.
ولا يستبعد أن تتقدم دول أخرى أعضاء في المنظمة بطلب التفاوض الثنائي في قطاع السلع والخدمات أو أي موضوع آخر مع الدولة المستجدة قبل إنهاء المجلس العمومي من أعماله، حيث يبقى باب مثل هذه الطلبات مفتوحاً لحين إنهاء هذه الدولة المستجدة جميع متطلبات واستحقاقات العضوية بالكامل كما نصت عليه المادة (12) من اتفاقية إنشاء منظمة التجارة العالمية، كما لا يعني إنهاء مراحل ومتطلبات الانضمام للمنظمة خلود الدولة حديثة الانضمام إلى الراحة، بل إن عضويتها سوف تحتم عليها الإسهام بفاعلية في وتيرة المفاوضات التجارية الشاملة التي تأخذ طابع تعددية الأطراف كما نصت عليه المادتان (2) و(3) من اتفاقية إنشاء المنظمة بغرض التوصل، بالإجماع بين الأطراف كافة، إلى المزيد من التعهدات والالتزامات المتكافئة بين كافة الدول الأعضاء في المنظمة.
بقي أن نأخذ بعين الاعتبار أن المملكة العربية السعودية بدأت مراحل انضمامها الفعلية للمنظمة في 13 مارس 1995م، وقدمت وثيقة سياساتها التجارية في 13 مايو 1996م، وحققت جميع متطلبات الانضمام بنجاح وأصبحت عضواً فاعلا في 11 ديسمبر 2005م، أي بعد أكثر من (10) سنوات، قامت المملكة خلالها بتنفيذ الخطوات الأساسية التالية:
أولاً : تقديم أكثر من (7000) صفحة من الوثائق التي تحتوي على جميع المعلومات الخاصة بالسياسات التجارية والاقتصادية والمالية والتمويلية والاستثمارية والجمركية والقضائية والصحية والبيئية .
ثانياً: الإجابة عن أكثر من (3400) سؤال بشأن كل المواضيع ذات العلاقة بالقطاعات والأنشطة الاقتصادية الإنتاجية، سواء كانت صناعية أو زراعية، أو خدمية، والصناديق التنموية والشركات الحكومية المملوكة من الدولة وتلك الشركات التي تتعامل بالتجارة نيابة عن الدولة، والخطط التنموية واستراتيجيات التخصيص.
ثالثاً: خوض (365) جولة من المفاوضات الثنائية الخاصة بالنفاذ للأسواق في قطاع السلع الزراعية وعددها (1168) سلعة، وقطاع السلع الصناعية وعددها (6391) سلعة، وقطاع الخدمات الذي يحتوي على (12) قطاعاً رئيسياً و(155) نشاطاً فرعياً، إضافة إلى خوض (74) جولة من المفاوضات محدودة الأطراف الخاصة بالدعم الزراعي المحلي والاتفاقات والمبادرات القطاعية، و(14) جولة من المفاوضات متعددة الأطراف الخاصة بإعداد تقرير فريق العمل، أثمرت جميعها عن إبرام (38) اتفاقاً ثنائياً مع الدول الأعضاء في المنظمة من خلال زيارة (62) عاصمة من عواصمها.
رابعاً : إصدار (42) نظاماً جديداً مع لوائحها التنفيذية، منها (19) نظاماً مرتبطاً ارتباطاً مباشراً باتفاقيات المنظمة الأساسية الخاصة بالعوائق الفنية أمام التجارة، والتدابير الصحية والصحة النباتية، وحماية حقوق الملكية الفكرية، وتراخيص الاستيراد، والتثمين الجمركي. وقامت هيئة الخبراء في مجلس الوزراء بترجمة جميع هذه الأنظمة واللوائح التنفيذية إلى اللغة الإنجليزية لتسليمها إلى الدول الأعضاء في المنظمة.
خامساً: إصدار (28) قراراً لمجلس الوزراء تم تتويجها بالأوامر السامية، احتوت على (274) موقفاً تفاوضياً ومنحت المفاوض السعودي الحدود التفاوضية المرسومة اللازمة لتوفير الالتزامات والحصول على الاستثناءات من أجل نيل استحقاقات العضوية بأفضل الشروط وأقل التكاليف. وعقدت اللجنة الوزارية المشرفة على انضمام المملكة للمنظمة (23) اجتماعاً لوضع أهداف واستراتيجيات التفاوض والتأكد من نتائج دراسات المكاسب والتكاليف.
وأخيراً بعد (10) سنوات من المفاوضات الشاقة، تكللت جهود المملكة العربية السعودية بالنجاح والتوفيق، ولقي موضوع انضمامها ترحيب الدول الأعضاء كافة في منظمة التجارة العالمية، واعترفت مصادرها الرسمية بأن وثائق انضمام المملكة أصبحت نموذجاً يحتذى به في مسيرة انضمام الدول الأخرى. الجدير بالذكر أن الفترات بين تقديم طلب الانضمام والانتهاء من مسيرة الانضمام بالنسبة للدول حديثة الانضمام تراوح بين (3 و15) سنة طبقاً لعدة عوامل أهمها قدرة هذه الدول على التأقلم بجدية مع مراحل المفاوضات والتفاعل بسرعة مع طلبات الدول الأعضاء، إضافة إلى المركز التجاري العالمي للدولة المستجدة وثقلها الاقتصادي الدولي، حيث استكملت الأردن مسيرة انضمامها خلال فترة زمنية قدرها (6) سنوات، بينما استغرقت عملية انضمام عُمان (4) سنوات، والصين (15) سنة، وألبانيا سنتين، والمملكة العربية السعودية (10) سنوات، والجزائر (14) سنة ومازالت في طور الانضمام.