3 قضايا في انتظار سبتمبر

3 قضايا في انتظار سبتمبر

3  قضايا في انتظار سبتمبر

[email protected]

الشهر الحالي آب (أغسطس) هو شهر العطلات، حيث الحضور والمتابعة في أدنى معدلاتهما، لكنه الشهر الذي يسبق أيلول (سبتمبر)، حيث يفترض في وزراء منظمة الأقطار المصدرة للنفط أوبك أن يجتمعوا في لقائهم الدوري الثاني لهذا العام وتقييم الوضع في السوق وما يتوجب عليهم عمله كي لا يأخذهم الوضع على حين غرة.
هناك ثلاث قضايا رئيسية يتوقع أن تفرض نفسها على الوزراء: الضعف المتزايد للدولار، وهو في نهاية الأمر العملة الرئيسية لتجارة النفط العالمية، وثانيهما الموضوع المطروح بإلحاح من قبل المستهلكين وتتصدره الوكالة الدولية للطاقة الداعية إلى ضرورة قيام المنظمة بضخ المزيد من الإمدادات، وأخيرا المعلومات الخاصة بالسوق في المدى المتوسط ووضع العرض والطلب خاصة في أثر توقعات الوكالة الدولية للطاقة باحتمال حدوث فجوة بين العرض والطلب في غضون خمس سنوات.
وفي باطن هذا السيناريو هناك مسائل أخرى أكثر حساسية، مثل ما هو السعر الذي تفضله "أوبك" للبرميل؟ وحجم ومدى الاستثمارات لتوسيع الطاقة الإنتاجية وتأهيلها بما يمكنها من مقابلة الطلب المتنامي من ناحية وضعف الإمدادات من خارج "أوبك" من الناحية الأخرى.
بالنسبة للعامل الأول، وهو تراجع الدولار، فإن التقرير الشهري للمنظمة عن وضع السوق الصادر الأسبوع الماضي يشير إلى أن هذا التراجع أدى إلى تقليص القوة الشرائية للدول الأعضاء بنحو الثلث. فمع أن متوسط سعر البرميل من سلة "أوبك" بلغ الشهر الماضي 66.76 دولار بزيادة 2.4 دولار للبرميل عما كان عليه في الشهر الأسبق، وهو أيار (مايو)، إلا أنه بعد حساب التضخم ومتغيرات أسعار الصرف، فإن السعر الفعلي فيما يرى التقرير بلغ 43.60 دولار للبرميل مقارنة بـ 41.98 دولار، كما أنه تراجع في واقع الأمر عن متوسط السعر في العام الماضي، وهو 44.30 دولار للبرميل.
وهذا الوضع ينقل النقاش إلى القضية الثانية، وهي طلب المستهلكين زيادة الإنتاج. فإذا كان سعر البرميل في حالة تراجع في قوته الشرائية، فإن أي زيادة في الإمدادات ستعني في نهاية الأمر إضعافا إضافيا للسعر الضعيف أصلا. وهذا يضيف حجة جديدة إلى الحجج القائلة إن المشكلة التي تعاني منها السوق ليست في نقص الإمدادات من النفط الخام، وإنما لأسباب أخرى على رأسها ضعف طاقة التكرير وعدم قدرتها على تلبية الطلب خاصة في مثل هذا الموسم، إلى جانب تأثيرات العوامل الأمنية والجيوستراتيجية عموما.
وهنا يتوقع أن يفر ض موضوع السعر الذي تفضله المنظمة نفسه بصورة أو أخرى. فـ "أوبك" ليس لها حتى الآن سعر محدد، وبالتالي ضبط سياسات الإنتاج إلى أساسه. الانطباع السائد أن المنظمة مرتاحة إلى السعر الحالي، وبصورة غير رسمية يتحدث وزراء "أوبك" عن سعر يراوح بين 60 و65 دولارا للبرميل، خاصة أنه لم يتضح بعد وجود تأثير تضخمي يذكر أو التأثير على النمو الاقتصادي المستمر منذ ست سنوات والدلائل تنبئ عن تواصله العام المقبل كذلك.
ثم تأتي القضية الثالثة، وهي الأكثر حيوية لأنها ترتبط بالمستقبل وبقرارات لها صلة بالاستثمار في الطاقة الإنتاجية الفائضة، وهي توقعات العرض والطلب على المدى المتوسط وفي حدود السنوات الخمس المقبلة.
الوكالة الدولية للطاقة استبقت الكل وطرحت تقديراتها التي تقول فيها باحتمال كبير لحدوث فجوة في العرض والطلب في غضون خمس سنوات، وهي بهذه الخطوة حدت أجندة النقاش بصورة مسبقة وفرضتها على المنظمة.
أحد القضايا التي أشار إليها تقرير المنظمة تقلص نسبة الطاقة الإنتاجية الفائضة بحلول عام 2012 إلى أقل من 2 في المائة تقريبا، بينما الحد الأدنى المطلوب في حدود 5 في المائة من الطلب العالمي. ومع تزايد المؤشرات على أن الإمدادات من خارج المنظمة ستتجه بدورها إلى التراجع مع دخول العديد من المناطق المنتجة مراحل الشيخوخة، فإن هذا الوضع يفرض على "أوبك" مسؤولية إضافية لتوفير الإمدادات للسوق المتعطشة.
لكن "أوبك" أصبحت تثير تساؤلات من نوع توفير الضمانات اللازمة حول معدلات الاستهلاك لكيلا تقوم بضخ مبالغ استثمارية ضخمة لرفع الطاقة الإنتاجية لتجد أن السوق لا تحتاج إليها، خاصة في ضوء التحركات النشطة للبحث عن بدائل للطاقة الأحفورية من نفط وغاز.
هذه القضايا تحتاج بداية إلى تفاهمات بين الدول الأعضاء والتوصل إلى موقف موحد يمكن على أساسه الحديث، وربما التفاوض مع المستهلكين، خاصة فيما يتعلق بوضع الطلب وبرامج الطاقة البديلة والوقود الإحيائي، وكل ذلك في إطار من كيفية التعامل مع موضع التغير المناخي ومدى مسؤولية الوقود الأحفوري في هذا الجانب.
هذا الوضع مستمر بهذه الطريقة بصورة أو أخرى خلال لأكثر من ثلاثة عقود، ومنذ بدأت المنظمة في تحقيق وجود فعلي لها في السوق. وتحتاج آليات التعامل إلى مراجعة لجعلها أفضل.

الأكثر قراءة