السندات الإسلامية عمليات متداخلة
شهدت سبعينيات القرن الماضي توجهاً نحو تحويل النظام المصرفي الإسلامي إلى نظام تجاري يُعمل به في بلدان تمتد من الشرق الأوسط إلى جنوب آسيا. ولكن النمو الذي شهدته السنوات العشر التالية كان بطيئاً جداً في ضوء عدم وجود مؤيدين لهذا النظام وعدم قدرته على منافسة النظام المصرفي التقليدي الذي كان ينمو بخطى سريعة. أما اليوم، فقد حققت منتجات خدمات التمويل الإسلامي دورة صعودية في السوق العالمية التي يتنامى فيها الطلب على المنتجات المالية التي تراعي أحكام الشريعة الإسلامية بسرعة، ليس فقط في أوساط المسلمين البالغ عددهم 1.2 مليار نسمة، ولكن في أوساط غير المسلمين.
وفي نظام التمويل الإسلامي، لا يتم الاعتراف بأي دخل يتأتى من دفعات الفائدة على القروض، أو الأنشطة الائتمانية لأنه ربا محض. ولذلك فإن هناك شرطاً يقضي بأنه قبل بيع الدين أو التفاوض عليه، يجب أن يكون هناك عقد أساسي لبيع وشراء موجودات ملموسة حقيقية في مستهل العملية. وفي العادة، تنطوي هذه العملية على عنصر السداد المتأخر، وهكذا يتكون الدين وهو الدين الذي سيصبح في وقت لاحق محور الضمان المزمع. ومن المرجح أيضاً استخدام فكرة أخرى هي بيع العينة في إيجاد ضمان الدين. ذلك أن بيع العينة يسمح بعمليات البيع وإعادة الشراء بحيث تنتج موجودات سبق بيعها سعراً أرخص بالمقارنة بثمن البيع اللاحق. مثال: يدفع المشتري الأول، الذي عادة ما يكون من أصحاب المال، نقداً الثمن الذي اشترى به الأصل ولنقل إنه 100 مليون دولار، ويقوم على الفور ببيع الأصل نفسه إلى الطرف الأول الذي عادة ما يكون عميلاً بمبلغ 210 ملايين دولار تدفع على أقساط لمدة خمس سنوات.
إن العملية برمتها تشتمل على عدد من العمليات المتداخلة على النحو التالي:
1 - عقد بيع وشراء عادي (البيع). حين باع العميل الأصول التي تعود له إلى صاحب المال في العملية الأولى، كان ثمن البيع 100 مليون دولار.
2 - عملية إعادة الشراء التي حدثت فوراً بعد العملية الأولى، وكلفت 210 ملايين دولار.ويطلق على عملية إعادة الشراء والبيع العادي معاً "بيع العينة".
3 - يتم تأخير سداد قيمة إعادة الشراء ليتم بموجب آلية الأقساط المعروفة في الإسلام باسم البيع بثمن آجل أو الدفع المؤجل.
4 - الدين المستحق على العميل نتيجة لعملية إعادة الشراء سيباع بعد ذلك كسندات، ويكون مصحوباً بشهادة أو كمبيالة.
5 - حين يتم بيع هذا الدين كضمانات، تستخدم فكرة أخرى هي فكرة بيع الدين.
من هنا، فإن هناك فرقاً دقيقاً بين السند التقليدي والسند الإسلامي. وبالمعنى التقليدي، فإن السند هو أداة دين يدفع بموجبها المصدر نسبة مئوية من الفائدة إلى مشتري السند الذي تم إصداره، أو، إذا كان سنداً صفرياً، فإنه يتم إصداره بخصم ويسدد كاملاً عندما يحين أجل السداد. ويتقاضى حملة السندات أرباحاً على شكل فائدة. وفي المقابل، فإن الدين الذي يوجد عبر عملية إسلامية هو ثمن شراء غير مدفوع مستحق على العميل لصاحب المال.
فلا يكون هذا الدين نتيجة لعملية إقراض مالي لعدم وجود مثل هذا النشاط.
ومن العناصر الرئيسية الأخرى الموجودة في هذه العملية، البيع بثمن آجل والمضاربة والمرابحة والقرض الحسن.
هذه هي العناصر التي يمكن أن تتم مناقشتها هنا. ويجب أن تتم مراجعة النواحي القانونية والضريبية والتشريعية إلى جانب استمرار عملية الدراسة والبحث وتطوير المنتجات.
أستاذ التمويل الإسلامي في كلية التمويل الإسلامي في جامعة كامدين في الولايات المتحدة