أسوار المساكن.. قضية لم تحسم بعد في المنازل السعودية!
أسوار المساكن إحدى أهم القضايا التي شغلت بال الكثير من المهندسين والمصممين حول قيمة هذه الأسوار ومميزاتها وعيوبها حيث كان النقاش حول أسوار المساكن دائما ومستمرا.. ولأهمية هذا الموضوع التقت "الاقتصادية" عددا من المختصين الذين تناولوا قضية الأسوار.
في البداية التقينا المهندس فيصل الدلبحي الذي يعتقد أن الأسوار بوضعها الحالي لا تخدم الوحدة السكنية بشكل كاف، ولا تقدم مقابل تكلفتها ذلك النفع الكبير, إذ يرى أن تخطيط الحي وتنفيذه بشكل شامل سوف يؤدي بلا شك إلى تقليص كمية الأسوار وإذا كان التصميم مدروسا ومتكاملا فإن الحاجة ربما تنتفي لضرورة وجود الأسوار, ويقول الأسوار تجعل السكان متقوقعين داخل مساكنهم ويضطرون إلى ترتيب احتياجاتهم وخدماتهم من ترفيه ونحوه داخل الوحدة السكنية, وهذا الشيء مرهق ومكلف وكان يفترض أن تكون المساكن مفتوحة ولو بشكل جزئي داخل الحي السكني ويكون سكان الحي كمجموعة متجانسة يستطيعون ترتيب الحاجة إلى الترفية أو الاجتماعات أو حتى لعب الأطفال, فالأطفال في الوضع الحالي لا يستطيعون مزاولة ألعابهم أو قيادة دراجاتهم خارج منازلهم وإن حصل فهناك خطورة عليهم من السيارات في الخارج فتضطر الأسر إلى وضع أحواش مسورة يزاول فيها الطفل هوايته, ولو نفذ الحي بطريقة متكاملة لما بقي الطفل داخل أسوار المسكن ولاستطاع أن يزاول لعبه مع زملائه خارج المنزل بأمان و اطمئنان كامل لكن ذلك لن يتأتى إلا في حالة التخطيط الشامل.
ويشارك المهندس يوسف التويم في وجهة نظر المهندس فيصل الدلبحي في هذا الجانب, ويقول لم تكن لمساكننا أسوار منذ بداية وجود هذا الإنسان على هذه الأرض، ولكن الأسوار أصبحت سمة أساسية للمسكن السعودي وذلك بعد فترة الطفرة, فالمتأمل للمساكن والمباني القديمة والتي كانت متراصة لم يكن لها أسوار, وإنما كان السور فقط لحماية القرية أو المدينة وكانت الأسوار لأغراض دفاعية وأمنية, إذ إن أبواب القرية أو المدينة كانت تقفل مساء ويصبح السكان في أمان تام في مساكنهم التي لا يوجد للأسوار مكان فيها, ويتحدث المهندس يوسف التويم عن هذا الجانب فيقول هذا هو الحل الحقيقي والعملي الذي لا بد أن تأخذ به، إذ إن مقارنة المسكن السعودي بالمساكن الأخرى لا يوجد أي مساكن أو شعوب في العالم تقوم بإحاطة مساكنها بالأسوار كما نقوم نحن به, بل إن تكلفة هذه الأسوار تكلفة كبيرة عالية ويمكن أن تعادل تكلفة إنشاء وحدات سكينة, كما أن الأسوار لا تقدم حلا عمليا فعليا للسكان, إذ إن علمية تسلق تلك الأسوار تتم بأيسر الطرق وأسهلها, فعندما يكون اللص داخل حدود البيت فإنه يكون مطمئنا, إذ إن السور أصبح يحمي اللص داخل المسكن, وهذا هو الجانب الذي يعتبر نقطة ضعف خطيرة في بناء الأسوار, كما أن وجود الأسوار يمنع رؤية جمال المساكن فتحجب الأسوار تلك المساكن فلا يظهر منها إلا أجزاء بسيطة من تلك المساكن وتصبح الأسوار هي الواجهات الفعلية للمساكن. ويطالب المهندس يوسف التويم بأن يكون بناء السور في الواجهة الأمامية خيارا متاحا للشخص بأن يقوم ببناء وحدته مباشرة على حد السور حتى يعطي بعدا جماليا للمسكن وللحي, ويقول ما الذي يمنع من ذلك مادام المواطن يبني داخل أرضه ذلك أن هذه الطريقة سوف تغير من منظر وجمال الحي والشارع عندما تكون الوحدات السكنية ظاهرة للجميع ولا تكون محجوبة بالأسوار. أما عن تكلفة السور فيقول المقاول أحمد زياد وهو مقاول متخصص في بناء الوحدات السكنية, يكلف المتر الطولي للسور من 350 ريالا إلى 450 تبعا لتصميمه, هذا سعر المتر الطولي كعظم, أما مع التشطيبات فإن بعض الأسوار يصل سعر المتر إلى ألف ريال فإذا كانت الأرض 30×20 فإن الأمتار الطولية تكون 100 متر طولي وتكون التكلفة من 60 ألفا إلى 100 ألف ريال للسور, وفي الغالب يكون أحد الأسوار أو أكثر تم بناؤه فتكون الأمتار الطولية أقل من ذلك, وعلى أي حال فالسعر يخضع للتصميم والكمية وغيرها من التفاصيل, ولكن هذا التقدير هو تقدير للمعدل السائد .
ويقول المهندس سالم باوزير إن هناك مبالغة كبيرة من بعض المواطنين في ارتفاع وعلو السور رغبة في زيادة الحماية أو الخصوصية والبحث عن الستر, ويعتقد المهندس باوزير أن الأنظمة تسهم في تلك التخوفات حيث لا تمانع من الأنظمة في كشف الجيران بعضهم لبعض وأن يفتح كل جار نافذته على فناء جاره ما يضطر الجيران إلى رفع أسوارهم, وهذا يؤدي إلى زيادة تشويه وزيادة التكاليف التي يدفعها المواطن من جيبه ولو كانت الأنظمة تراعي خصوصية وستر الجيران لأمكن تقليص الأسوار بشكل كبير. ويقول عادل الزهراني إن السور أو الأسوار للمساكن أمر ضروري وحاجة لا يمكن الاستغناء عنها ولا يمكن أن نتخيل مساكننا بلا أسوار, فالظروف والعادات الاجتماعية تفرض نفسها بقوة على هذا الجانب, بل إن المشكلة أن الأسوار أحيانا لا تكون كافية مما يضطر المواطن وهذا ما حدث لي بعد أن قمت بوضع سور من الشينكو (الحديد المموج) وذلك لزيادة الخصوصية التي شعرت بأنها انتهكت, ويقول لابد من مراعاة هذه المشكلة وحلها من قبل البلديات.