البحث عن الذهب تحت مظلة تهديد البراكين
يكافح العاملون في مجال التنقيب واستخراج الذهب في شبه جزيرة كامتشاتكا الروسية ضد ثورات البراكين والفيضانات والبنية التحتية السيئة. لكن سعر الذهب المرتفع يعني أن عملهم الشاق يؤتي ثماره. والتنقيب عن المعدن النفيس قد يخفف أيضا من المصاعب الاقتصادية في المنطقة. ويقول فيكتور لوبتين نائب رئيس قسم كامتشاتكا في وكالة تراخيص التعدين في البلاد: "دون شك أن ارتفاع أسعار الذهب والنيكل أحد الأسباب التي يمكن أن نجذب بها الاستثمار. "ولكن موقع المنطقة النائية يسبب تحديات. ويقول لوبتين : "البنية التحتية في كامتشاتكا تجعل التعدين صعبا للغاية هناك وسيلة النقل الرئيسية هي النقل الجوي - الطائرات والمروحيات ومن ثم التكاليف باهظة للغاية. "وتبلغ تكلفة رحلة بطائرة هليكوبتر إلى كامتشاتكا 50 ألف روبل بما يعدل نحو 1935 دولارا في الساعة. وتوجد القليل من الطرق في شبه الجزيرة ومساحتها مثلي مساحة بريطانيا ولكن يقطنها أقل بقليل من 400 ألف نسمة. ويعمل ما يصل إلى 2500 فرد في التعدين والتنقيب عن ثروة كامتشاتكا المعدنية حيث يستخرج من أرضها البلاتين والنحاس والذهب والنيكل. ويعمل في منجم الذهب الوحيد النشط في المنطقة 554 فردا. ويقول لوبتين إن العدد سيزيد إذا جرى تشغيل المزيد من المناجم، مضيفا أن تشغيل عامل منجم واحد جديد يخلق ست أو سبع وظائف من سائقين وموظفي خدمات وعاملين في مجال البناء. وارتفعت قيمة الذهب لأكثر من 50 في المائة خلال العامين الماضيين لتسجل أعلى مستوياتها منذ 26 عاما العام الماضي.
ويوجد في كامتشاتكا نحو 200 طن ( 6. 43 مليون أوقية ) من احتياطي الذهب سواء الذي تأكد وجوده أو المحتمل وجوده ويقول لوبتين إن من المحتمل أن تكون هناك ثلاثة أمثال هذا الرقم تحت الأرض. ويجري استخراج جزء صغير فقط. وأنتجت كامتشاتكا 1. 2 طن من الذهب العام الماضي أو 0. 7 في المائة من إجمالي الإنتاج الروسي. ومن المتوقع أن يزيد الإنتاج العام الحالي إلى 2. 5 طن إذ إن شركة كامجولد التابعة لمجموعة أورال بلاتينيوم تحسن من فاعليتها. وأنتجت روسيا العام الماضي 164 طنا من الذهب (5. 27 مليون أوقية). وتحتل روسيا المركز السادس عالميا فيما يتعلق بحجم إنتاجها من الذهب ولكن من حيث المخزون هي الثانية وراء جنوب إفريقيا. ويقدر لوبتين أن من المحتمل أن تدفع شركات التعدين 120 مليون روبل بما يعادل 4. 64 مليون دولار من الضرائب للطن الواحد من الذهب وأن يخصص 60 في المائة من هذا المبلغ لميزانية المنطقة. ويضيف أن القليل للغاية من سكان المنطقة من الخبراء في مجال التعدين في حين أن جذب خبراء من باقي أنحاء روسيا أمر صعب بسبب عدم توافر أماكن الإقامة.
وقبل انهيار الاتحاد السوفياتي لم يكن هناك ضغط يذكر لتطوير كامتشاتكا، التي كانت آنذاك منطقة عسكرية تعتمد على الدعم ولكن معدلات البطالة ارتفعت في التسعينيات ويحصل الآن ربع السكان على أقل من الحد الأدنى للأجور. والبيئة الفريدة لكامتشاتكا يمكن أن تكون لعنة بالنسبة لقطاع الذهب الوليد. يوجد في شبه الجزيرة ما يصل إلى 20 بركانا نشطا وثوراتها والزلازل التي كثيرا ما تهز المنطقة يمكن أن تدمر الطرق ومدارج إقلاع الطائرات وهبوطها. وخلال الشهور التي تسود فيها الأحوال الجوية الدافئة يحظر عبور معظم الأنهار، إذ إنها تعد مناطق إنتاج مهمة لأكثر الموارد المربحة للمنطقة .. الأسماك. ويتحتم على عمال المناجم الانتظار لحين حلول فصل الشتاء ثم التوقف عن العمل ثانية عندما تبدأ الثلوج في الذوبان خلال فصل الربيع. وفي الشتاء كثيرا ما يضطر عمال المناجم لشق طريقهم وسط الثلوج، التي تغرق الطرق القليلة الموجودة عندما تذوب خلال فصل الربيع. ولا يساعد بعد شبه الجزيرة عن العاصمة كثيرا فهي تقع على بعد 12 ألف كيلومتر شرق موسكو والاسم كامتشاتكا هو مرادف غير رسمي بالروسية للمكان البعيد. ويتفق مدير شركة كامجولد فاليري جريجورينكو في الرأي بأن تعدين الذهب في كامتشاتكا صعب ويقول "ولكن أين يمكن أن يكون أسهل؟ لا مكان"، مضيفا أنه إذا جرى الالتزام بكل الإجراءات والأساليب الصحيحة يمكن التغلب على المصاعب وتفادي إلحاق الضرر بالبيئة.