ممكن يا شعراء يا كبار.. أمسيات خيرية للاستفادة من نجوميتكم؟
ممكن يا شعراء يا كبار.. أمسيات خيرية للاستفادة من نجوميتكم؟
فعلها عدد من الشعراء، وقد يفعلها عدد آخر منهم، إلا أنها لم تُكرس كعملية تتكرر كل عام بشكل منظم وهادف، تتحقق عن طريقه أمور أهمها بعد استفادة البسطاء، هو تغيير نظرة المتلقي لشعراء المحكية، فالنظرة السائدة لكم أيها الشعراء نظرة لا تليق بكم وما تقدمون، وقد ابتلي أكثركم من العظماء الذين ابتعدوا عن الساحة بنماذج أقل شاعرية وحضورا، أفهموا الناس أن الشاعر المحكي عبارة عن شحاذ، وآلة للمدح بمقابل!
هذه هي الحقيقة المرة، شاعر يظهر لسنة أو سنتين من خلال قصائد رديئة وحضور وقح، في كلماته التي يرددها شيء من الجرأة التي لم يتعودها المتلقي، لقاء لقاءين يقول فيه كلمات يبدو ظاهرها جريئا رغم تناقضها، كـ"أنا أتحدى"، "أنا متواضع"، "أنا عقيد قوم"! ثم يحضرونه إلى أحد البرامج الجماهيرية التي يتابعها الجهلة وما أكثرهم، فيجدها فرصة للشحذة على "الهواء"!
تخيلوا شعراء كبار كفهد عافت، مساعد الرشيدي، نايف صقر، سليمان المانع، صالح الشادي، ومسفر الدوسري، وهم مكان هذا الأخ الشحاذ، ما سيكون رد فعل المتلقي على الشعر المحكي؟ هل سيقول عنهم ما قاله عن الأخ؟ أقولها جازما سيرتفع الشعر المحكي ومتلقيه إلى الأعلى بالتأكيد، متى ما كان من هم على شاكلة هؤلاء من يمارسون الظهور إلى الناس حتى الآن.
الحضور هو من يساعد الناس على تغيير الذهنية السائدة، الحضور هو من يجعل الناس تحكم من خلال ما ترى، لا من خلال ما ينقله الآخرون لهم، والحضور هو الذي يجعل خيارات المتلقي أكثر من السابق، بمعنى آخر: لو خيروك عزيزي القارئ بين ياسر التويجري وضيدان بن قضعان.. من ستختار؟ حتما ستكون الخيارات موزعة على الاثنين، لكن لو خيروك بين عافت ونايف ومساعد ومسفر والخياران المذكوران أعلاه؟ بالتأكيد سيذهب الخيار إلى الأكثر وعيا وثقافة، وهو رأي نعتقد بصحته نظرا للفارق الكبير في العقليات التي قرأنا لها واستمعنا لشعر فاخر وفخم قدموه قبل عشرات السنين وما زال في المقدمة.
انسحاب الشعراء الكبار عن الساحة يعتبر ذنبا أكثر منه هروبا، هم بالتأكيد يحبون الشعر، هم بالتأكيد يريدون للشعر الأفضل، ويريدون للمتلقي وعيا أكثر بالجميل والمميز منه، إلا أن التفكير بابتعادهم لا يقنع المتلقي بذلك، ولا ينفع الشعر ولا الشعراء المحبين لمدارس هؤلاء.