منظمة التجارة العالمية بين يديك الحلقة (58)

[email protected]

خطوات المفاوضات الثنائية

الخطوة الأولى:
لدى انتهاء الفرق الفنية المتخصصة في الدولة المستجدة من إعداد جداول العروض الأولية في قطاعي السلع والخدمات، تقوم الجهة المختصة في هذه الدولة التي ترأس الفريق التفاوضي، والتي غالباً ما تكون وزارة التجارة والصناعة، بتسليم هذه الجداول رسمياً إلى إدارة الانضمام في المنظمة، التي تقوم بتوزيعها على جميع الدول الأعضاء في المنظمة. وتنطلق من خلال هذه الخطوة مسيرة المفاوضات الثنائية، وتستمر عبر خطوات تنفيذية شائكة تستخدم فيها الدول قدراتها التفاوضية ببراعة متناهية لتعظيم مكاسبها وتخفيف تكاليفها ضمن شروط وقواعد وأحكام النظام التجاري العالمي الذي يبدو لأول وهلة طلسماً معقداً أمام قدرات مفاوضي الدولة المستجدة لتشعب متطلباته وتداخل قوانينه وتباين مواقفه. وهذا ليس بمستغرب لأن مؤسسي هذه المنظومة أحكموا شروط الانضمام إليها وحددوا متطلباته، لذا فإن مراحل هذه المفاوضات الثنائية تخضع لجدول أعمال يتعاطف إلى حد كبير مع إمكانات الدول الأعضاء في المنظمة المؤهلة أصلاً لخوض مثل هذه المفاوضـات الهادفة إلى تحرير التجارة تدريجياً بين هذه الدول، والمسخرة دائماً لمواصلة الضغط على الدول التي ما زالت خارج المنظمة، وتنقسم مرحلة المفاوضات الثنائية إلى ثلاث خطوات رئيسية:
الخطوة الأولى: المفاوضات بشأن جداول العروض الأولية، حيث تقوم الدول الأعضاء في المنظمة عند تسلمها جداول العـروض الأولية واستكمـال دراستها بالإعلان جميعها أو بعضها عن رغبتها في عقد جولة من المفاوضات الثنائية، كل على حدة مع الدولة المستجدة بشأن ما قدمته هذه الدولة من التزامات وتعهدات في جداول عروضها الأولية، وتنبثق رغبة الدول الأعضاء في المنظمة للتفاوض مع الدولة المستجدة من مبدأ تمتع هذه الدول بالحق المطلق في الحصول على المكاسب الصافية، إضافة إلى ما تتمتع به من علاقات تجارية مميزة مع الدولة المستجدة، وتقوم إدارة الانضمام في المنظمة بالتنسيق بين الدول لتحديد جدول المواعيد المناسبة والمكان المخصص للمفاوضات في مقر المنظمة. وتهدف هذه المرحلة من المفاوضات الثنائية إلى التعرف على مواقف الأطراف المتفاوضة وتقريب وجهات النظر وتوضيح الملاحظات الرئيسية على جداول العروض الأولية طبقاً للخطوات التالية:
1 ـ يقوم الفريق التفاوضي في الدولة المستجدة بتقديم تقرير شامل عن جداول العروض الأولية وموقفه التفاوضي المبدئي المعلن، وتوضيح وجهة نظر دولته حيال هذا الموقف بناء على المعطيات التالية:
أ ـ مدى توافق السقوف الجمركية المعروضة المثبتة Bound والشاملة Covered في جداول العروض الأولية للسلع، مع اهتمام الدولة بتنفيذ سياساتها الزراعية والصناعية وعلاقتها الوطيدة بالأمن الغذائي والتنمية الصناعية.
ب ـ مدى اتساق شروط النفاذ إلى الأسواق في جداول العروض الأولية للخدمات مع مبدأ المعاملة الوطنية وقدرة الأنظمة المحلية على تحقيق مبدأ الشفافية وإمكانية الاستشراف ضمن الضوابط والقيود المفروضة على طرق توريد هذه الخدمات.
ج ـ مدى توفير الالتزامات الإضافية عن طريق تخفيض السقوف الجمركية الذروية المثبتة على السلع الزراعية والصناعية تدريجياً Staging، بالتزامن مع تحقيق القواعد الأساسية لتنظيم المنافسة Competition، بين الواردات والمنتجات المحلية المماثلة، وكذلك توفير الالتزامات الإضافية الخاصة بفتح القطاعات الخدمية تدريجياً Gradual Liberalization، لدى اكتمال القوانين واللوائح التنفيذية المحلية اللازمة لتنظيم طرق توريد هذه الخدمات.
د ـ الإعلان عن رغبة الدولة المستجدة في الانضمام إلى بعض المبادرات القطاعية Sectoral Initiative، المهمة لمصالحها الاقتصادية، طبقاً لجدول زمني تدريجي، يفي بالالتزامات تجاه الدول الأعضاء في المنظمة ويحقق لها رغباتها ومتطلباتها.
2 ـ تقوم الدول الأعضاء في المنظمة بالإعلان عن موقف بلادها حيال جداول العروض الأولية، عن طريق تقديم قائمة محددة من الطلبات إلى الدولة المستجدة للاطلاع عليها والنظر في إمكانية الالتزام بها أو معظمها. وتشمل هذه الطلبات في الغالب النقاط الأساسية التالية:
أ ـ تخفيض السقوف الجمركية Bound Rates، على السلع الزراعية والصناعية إلى مستوى لا يتجاوز التعرفة الجمركية المطبقة حالياً Applied Tariffs، في الدولة المستجدة مع مراعاة فئات السلع ذات الأهمية الخاصة للدول الأعضاء، التي غالباً ما تطالب بتخفيض سقوفها إلى الصفر كموقف تفاوضي مبدئي.
ب ـ الالتزام بالتغطية الشاملة Total Coverage، لجميع السلع الزراعية والصناعية دون استثناء، أي أن تكون جميعها مشمولة بالسقوف الجمركية، مع توضيح إمكانية الانضمام إلى المبادرات القطاعية فور الانضمام إلى المنظمة، وليس بشكل تدريجي كما جاء في جداول العروض الأولية للدولة المستجدة.
ج ـ توفير حق التفاوض الأولي Initial Negotiating Right، لعدد من السلع الزراعية والصناعية ذات الأهمية للدولة العضو في المنظمة بما يتفق مع المادة (28) من اتفاقية (الجات 94).
د ـ الالتزام بفتح أكبر عدد من الأنشطة الخدمية، وتخفيف قيود وشروط النفاذ إلى الأسواق، مع توفير أكبر قدر من المعاملة الوطنية لموردي الخدمات الأجانب دون تمييز، بحيث يتحقق الانسجام بين ما تنادي به الدولة المستجدة وما تقدمه من التزامات لتحرير التجارة وفتح الأسواق لجذب الاستثمارات الأجنبية. ولا بدَّ أن تتوافر المبررات الواضحة والمقنعة لحجب بعض الأنشطة الخدمية أو فرض القيود على الأنشطة الاقتصادية المفتوحة.
هـ ـ توفير الأنظمة المحلية واللوائح التنفيذية وتحديد الأنشطة الاقتصادية المستثناة من هذا الاستثمار وإبداء الأسباب الخاصة باستثنائها، مع ضرورة تقديم جدول زمني تلتزم به الدولة المستجدة يهدف إلى توضيح مواعيد إلغاء هذه الاستثناءات.
وتنتهي هذه المرحلة من المفاوضات الثنائية بالطلب من الدولة المستجدة ضرورة تعديل جداول العروض الأولية، آخذة بعين الاعتبار طلبات الدول الأعضاء في المنظمة.