سياسـة التحفظ في القطاع المالي همشت دور الشـركات الصغيـــرة والمتـوسطة وقلصت الخدمـــات التمويليـة للمواطنين
نبه متخصص في مجال الاستشارات الاقتصادية وأعمال الوساطة المالية، إلى ضرورة وضع خطة من قبل هيئة السوق المالية لمساندة وتفعيل أعمال شركات الوساطة المالية التي تم الترخيص لها أخيرا، وخاصة الشركات الناشئة التي حصلت على تراخيص منذ مدة طويلة ولم تمارس نشاطها حتى الآن.
واعتبر محمد عبد العزيز الدخيل نائب الرئيس التنفيذي لمجموعة الدخيل المالية ـ مساهمة مغلقة ـ أن كثرة شركات الوساطة شيء صحي، كونها ستضع أمام المتداولين خيارات متعددة للاستفادة من هذه الخدمة التي كانت إلى وقت قريب حكرا على البنوك التي كانت بدورها تفرض شروطا لا تناسب الكثير من المستفيدين، لكن هذه الشركات ـ أي الوساطة ـ تحتاج إلى مراقبة مستمرة وتقييم بشكل دوري من هيئة السوق المالية.
وأشار الدخيل إلى أن مجموعة الدخيل المالية التي حصلت أخيرا على موافقة وزارة التجارة والصناعة للتحول إلى مساهمة مغلقة، ستقوم خلال الفترة المقبلة بتركيز خدماتها على العملاء ذوي المحافظ الكبيرة وتقدم لهم خدمات مميزة مدعومة بالبحث والتحليل المالي والاقتصادي، كما ستقوم المجموعة بإنشاء وإدارة مجموعة من الصناديق المتخصصة تختلف تماما عن الصناديق الاستثمارية التي تديرها البنوك حاليا، وهي صناديق تستثمر في شركات القطاع الخاصة في المجالات الصناعية والعقارية والخدمات التي تناسب الشركات الصغيرة والمتوسطة. إلى نص الحوار:
ـ بحكم خبرتك في أعمال الوساطة المالية والاستشارات المالية، هل تعتقد أن شركات الوساطة التي تم الترخيص لها أخيرا من قبل هيئة السوق المالية قادرة على منافسة مثيلاتها من الشركات التي خرجت من رحم البنوك؟
لا شك أن المنافسة ستكون قوية، والبقاء سيكون للشركات القوية، ولا استبعد أن تكون هناك اندماجات بين الكثير منها مستقبلا، كما أن فصل شركات الوساطة عن عمل البنوك يسهم بشكل كبير في تجويد الخدمات المصرفية التي تقدمها البنوك للعملاء، بعدما تراجعت هذه الخدمات خلال السنوات السابقة بشكل ملحوظ من جراء انشغالها بأعمال الوساطة، فمثلا: إذا أراد العميل فتح حساب في بنك سعودي قد يستغرق هذا الأمر وقتا طويلا، في حين أن معظم البنوك في دول العالم المتقدمة هي من يبحث عن العملاء لفتح حسابات لهم وتسهيل أعمالهم المصرفية.
نحن لا ننكر أن قطاع البنوك من القطاعات المالية الأساسية، والاهتمام بها يصب في مصلحة الاقتصاد الوطني، لكن هذا لا يعني أن تعطى حق التصرف في كل شيء له علاقة بالتعاملات المالية، فالطريقة التي تسير عليها البنوك حاليا نجم عنها بعض السلبيات على الاقتصاد، خاصة فيما يتعلق بالشركات الصغيرة والمتوسطة، إذ إن البنوك المحلية وصلت إلى مرحلة أصبحت فيها ترفض التعامل مع هذا القطاع من الشركات على اعتبار أنها عالية المخاطر، وكرست البنوك كل نشاطاتها لخدمة ودعم الشركات الكبيرة ذات المخاطر القليلة نسبيا.
تقييم دوري لشركات الوساطة
ـ كيف تنظر إلى مستوى كفاءة شركات الوساطة الموجودة حاليا في السوق؟
هيئة السوق المالية رخصت لعدد من الشركات لممارسة أعمال الوساطة في السوق السعودية، بعض هذه الشركات دخلت بتحالفات مع شركات عالمية متخصصة، في حين أن شركات أخرى ناشئة حصلت على الترخيص منذ فترة لكنها إلى الآن لم تبدأ في ممارسة نشاطها بشكل فعلي، وشركات أخرى لا تزال في مرحلة التأسيس، المطلوب من الهيئة مراقبة تلك الشركات ومساندتها على بدء العمل وعمل تقييم دوري لها.
إن الخطوة التي اتخذتها هيئة السوق المالية في الترخيص لعدد كبير من شركات الوساطة المالية هي في الاتجاه الصحيح لأن السوق متعطشة وتحتاج إلى مثل هذه الشركات، لكن كم من هذه الشركات لديها القدرة على تقديم استشارات مالية جيدة، وكم منها يقدم دراسات مالية متكاملة وخدمات في مجالات متخصصة يترك أمره للسوق التي ستكون الحكم في هذا الأمر.
مستوى عال من المهنية
ـ ذكرت في حديثك أنه ربما تكون هناك اندماجات واستحواذات في قطاع شركات الوساطة، بنظرك من ما الشركات التي ستنجح؟
الشركة التي ستنجح هي الشركة التي لا تركن إلى عمل الوساطة فقط، وإنما تقدم إلى عملائها خدمات إضافية عالية المستوى والمهنية مثل إدارة الأصول والبحوث المتخصصة والاستشارات المالية المتخصصة بالاكتتابات العامة والخاصة.
أعمال الوساطة وأرباح البنوك
ـ هل الدخل الذي تحققه شركات الوساطة التي انفصلت عن البنوك أخيراً سيدخل ضمن أرباح البنوك في نهاية السنة مالية؟
هذا الأمر يعتمد على نسبة ملكية البنك لهذه الشركة الجديدة، واعتقد أن معظم البنوك تملك الغالبية العظمى من هذه الشركات وبالتالي فإن العائد من هذه الشركات سيذهب لأرباح البنوك.
ليس لدينا خبراء في إدارة الأصول
ـ كيف تنظر إلى مستوى صناديق الاستثمار التي تديرها البنوك؟
الحقيقة أنه دائما ما ينظر إلى الصناديق الاستثمارية على أنها وعاء استثماري طويل الأجل، بمعنى أنه ينظر إلى ما تحققه هذه الصناديق على المدى الطويل مابين خمس إلى عشر سنوات، كما أن نسبة الربح تعتمد على الأصول التي دخلت فيه. لكن هذه الصناديق تحتاج إلى مديرين أكفاء في هذا المجال، ونحن في السوق السعودية لانزال نفتقد الكوادر المتخصصة في إدارة الأصول.
إن مديري الصناديق لهم دور كبير في نجاح الصندوق من عدمه، ففي الدول المتقدمة مثل: الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا المهتمين في هذا النوع من الاستثمار يتكلمون عن مدير الصندوق ويعرفونه أكثر من معرفتهم بالصندوق نفسه، ما يعني أن مدير الصندوق قد يكون أشهر من أسم الشركة نفسها التي تدير أموالهم.
نحتاج إلى كوادر محترفة
ـ هل بالفعل لدينا في السعودية مديرو صناديق على قدر عال من الاحترافية في إدارة الصناديق، كما نسمع من الكثير من مسؤولي البنوك؟
لست على إطلاع على ما تعلنه البنوك عن مديري صناديقها، لكنني أرى بالنظر إلى أداء الصناديق الاستثمارية فإن الكوادر المحترفة في إدارة الأصول ليست متوافرة في السوق السعودية.
جهات محايدة لتقييم الصناديق سنوياً
ـ هل وصلنا في السعودية إلى تنوع في صناديق الاستثمار؟
أيضا لا، لأن صناديق الاستثمار التي لدينا محدودة، كما أنه لا توجد لدينا صناديق كافية تستثمر في العقار وفي مجالات مختلفة مثل الصناعة وغيرها.
وفيما يتعلق بهذا الأمر فإننا نأمل أن تكون هناك جهات محايدة تقدم دراسات لتقييم هذه الصناديق سنوياً وفق معايير محددة، وقد سبق أن قام المركز الاستشاري للاستثمار والتمويل بإجراء دراسة في هذا الشأن، حيث تم وضع مقارنة بين 45 صندوقا استثماريا، اشتملت على عدة معايير، وكذلك ماهية الاسترتيجية التي يسير عليها الصندوق، ومن ثم تم التوصل إلى أفضل هذه الصناديق أداءا، وقد وجد هذا التقييم ردود فعل إيجابية لدى الكثير من المتعاملين في السوق.
تكاليف طرح الشركات
ـ ماذا عن التكاليف التي تتحملها الشركات عندما تطرح للاكتتاب العام؟
يجب تقسيم التكاليف الإجمالية التي تتكبدها الشركات عندما تريد طرح أسهمها للاكتتاب العام إلى قسمين رئيسيين: القسم الأول، متعلق بتجهيز أو تأهيل الشركة من النواحي الإدارية، المالية والقانونية حتى تكون على مستوى يضمن للشركة الاستمرارية والنمو على المدى الطويل، وهذا النوع من الهيكلة أو التأهيل يعتبر في نظري ضرورياً واستثماراً في مستقبل الشركة، تعتمد التكاليف في هذه المرحلة على مدى جاهزية الشركة من النواحي المالية والإدارية والقانونية.
أما القسم الآخر فهو متعلق بتكاليف عملية الاكتتاب مثل تكاليف ضامن الاكتتاب وتكاليف شركة العلم لأمن المعلومات وغيرها من الأتعاب المترتبة على الشركة دفعها، وفي نظري إنه يمكن لهيئة السوق المالية إعادة النظر في هذه التكاليف ودراسة إمكانية تخفيضها، خاصة تلك المتعلقة بالرسوم التي تدفعها الشركات المطروحة للاكتتاب لشركة العلم التي تملك حصرياً قاعدة المعلومات الخاصة ببيانات الهوية الوطنية.
صناديق استثمارية في الصناعة والعقار والخدمات
ـ ما الخطط المستقبلية لمجموعة الدخيل للأوراق المالية بعد تحولها إلى شركة مساهمة؟
كما هو معلوم أن وزارة التجارة والصناعة قد وافقت أخيرا على تأسيس شركة مجموعة الدخيل المالية ـ شركة مساهمة سعودية مقفلة ـ استناداً للترخيص الذي سبق أن حصلت عليه المجموعة من هيئة السوق المالية بممارسة نشاط التعامل بصفة أصيل ووكيل والتعهد بالتغطية والإدارة والحفظ والترتيب وتقديم المشورة في الأوراق المالية.
ومن هذا المنطلق فإن المجموعة سوف تكمل المسيرة والريادة في سوق المال السعودية وتقديم الخدمات المالية بمهنية عالية ورعاية مميزة لكل عميل، وقد هيأت المجموعة لذلك، الأنظمة الحديثة والكوادر البشرية المؤهلة، خاصة أن الشركة انبثقت عن المركز الاستشاري للاستثمار والتمويل الذي يملك 27 عاماً من الخبرة في مجال تقديم خدمات الاستشارات المالية وطرح وإدارة الاكتتاب العامة والخاصة وزيادة رأس المال لأكثر من 30 شركة مساهمة محلية تعد من الشركات الرائدة والقيادية في السوق السعودية.
وستعمل الشركة بتقديم الخدمات المالية المتكاملة ومنها الاستشارات المالية لإنشاء الشركات على جميع أنواعها المساهمة والمغلقة وذات المسؤولية المحدودة، وتقديم الاستشارات المالية اللازمة بما في ذلك إعداد دراسات الجدوى ودراسات السوق والتحليل المالي، كما تقوم المجموعة بتنفيذ عمليات الدمج والبيع والشراء للشركات أو حصص منها.
أما في مجال الأسهم، فإن المجموعة ستقوم بتركيز خدماتها في هذا المجال على العملاء ذوي المحافظ الكبيرة وتقدم لهم خدمات مميزة مدعومة بالبحث والتحليل المالي والاقتصادي، كما ستقوم المجموعة بإنشاء وإدارة مجموعة من الصناديق المتخصصة تختلف تماما عن الصناديق الاستثمارية التي تديرها البنوك حالياً، وهي صناديق تستثمر في شركات القطاع الخاصة في المجالات الصناعية والعقارية والخدمات التي تناسب الشركات الصغيرة والمتوسطة.
وقد قمنا في المجموعة بإعداد الأنظمة واللوائح اللازمة لإدارة المحافظ الشخصية والعائلية لكبار المستثمرين ودعم ذلك بالخدمات الاستشارية والإدارية اللازمة.
أما في مجال تغطية الاكتتاب، فإن المجموعة ستقوم مفردة وبالتعاون مع الغير على تغطية الاكتتابات جزئياً أو كلياً، كما ستواصل المجموعة دورها في طرح وإدارة الاكتتابات العامة والخاصة، وسوف يساند جميع الخدمات المالية وخدمات إدارة المحافظ وعمليات سوق الأسهم مجموعة كبيرة من المختصين في مجال دراسة وتحليل الأسهم والشركات ضمن التحليل الاقتصادي للقطاعات الاقتصادية المختلفة على ضوء حركة الاقتصاد العام وتوجهاته المحلية والإقليمية والدولية.