خدمة الرسائل القصيرة "تم" تقدم سيرة ذاتية عن المركبة خلال ثوان

خدمة الرسائل القصيرة "تم" تقدم سيرة ذاتية عن المركبة خلال ثوان

بمرور الأيام يستشعر المواطن السعودي معنى الحكومة الإلكترونية وتطبيقاتها في حياته اليومية، بعد أن كان هذا المشروع مجرد فكرة نظرية تبشر بها المحاضرات، وتدعو إليها اللقاءات والندوات المعنية بالأمر. واليوم وبعد أن صارت المعاملات الإلكترونية جزءا لا يتجزأ من الواقع، ومنافسا لا يستهان به للطرق التقليدية في إنجاز الأعمال، فإن وجودها بات أمرا بديهيا مفروغا منه، فيما انصب التركيز على الإسراع في تطبيق إجراءاتها مع الحرص في الوقت نفسه على النوعية العالية لخدماتها.
وفي إطار هذا المفهوم الذي يزاوج بين السرعة والنوعية، أسفر التعاون الثلاثي بين كل من الإدارة العامة للمرور، وشركة العلم لأمن المعلومات، وشركة الاتصالات السعودية عن طرح خدمة جديدة في شكلها ومضمونها، تحت اسم "تمّ". وقد اقتبس الاسم المختصر لهذه الخدمة من الحرفين الأولين لعبارة "تأكيد الملكية"، التي هي جوهر هذه الخدمة، فضلا عما تجمعه كلمة "تم" من معان اجتماعية غنية بمضمونها، تخبر من يسمعها بأن كل شيء على أفضل ما يرام، وأن طلباته مجابة وأوامره منفذة.
"الاقتصادية" التقت بعدد من المسؤولين عن هذه الخدمة والمستفيدين منها في التحقيق التالي إلى التفاصيل:

استطاعت شركة العلم لأمن المعلومات أن تسخر خبراتها الوطنية في توفير البنية التقنية لإنشاء هذه الخدمة وضمان استمرارها، عبر تكوين نموذج للربط الذكي بين قواعد بيانات الإدارة العامة للمرور، وآليات خدمة الرسائل القصيرة sms لدى شركة الاتصالات، لتقدم لعموم المواطنين والمقيمين خدمة تأكيد الملكية التي يستطيعون من خلالها الاطلاع على "السيرة الذاتية" لأي سيارة مستعملة يرغبون في بيعها أو شرائها، ومما تتضمنه هذه السيرة - إضافة إلى تأكيد الملكية - تاريخ انتهاء الاستمارة، وعدد الملاك السابقين، إضافة إلى رقم الهيكل "الشاصي" وسنة الصنع، وكذلك الرقم التسلسلي للمركبة.
ولأن تقنيات الهواتف النقالة باتت هي الأقرب للناس والأوسع انتشارا بينهم، فقد كان اختيار الطرف الثالث في معادلة التعاون بين المرور وشركة العلم موفقاً، حينما وضعت شركة الاتصالات السعودية "الجوال" إمكاناتها تحت تصرف هذه الخدمة، ووفرت لها الوصول لأكبر شريحة من المستفيدين، كونها تمتلك قاعدة عريضة من العملاء تناهز 13 مليون مشترك في خدمتي الجوال وسوا.
وقد برز جليا خلال المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقد بمناسبة إطلاق خدمة "تم" الإلكترونية أخيراً، أن آفاق التعاون بين مختلف الجهات من القطاعين العام والخاص لا حدود لها، وأن المعاملات الإلكترونية أصبحت في متناول اليد أكثر من أي وقت مضى، بفضل هذا التعاون الذي يسير باتجاه هدف واحد، هو تسهيل الأعمال وتوفير الوقت اللازم لإنجازها، مع جعلها متاحة طيلة أيام السنة وعلى مدار الساعة، ومن أي مكان في المملكة.
"تم" كيف تتم؟
نظرا لكثرة معاملات بيع وشراء السيارات المستعملة في مختلف أنحاء البلاد، ولما قد يكتنف بعضها من تدليس وتغرير، عبر استمارة مزورة أو تلاعب برقم الهيكل أو حتى لوحة السيارة، فقد جاءت خدمة "تم" لتوفر لأي بائع أو مشترٍ أهم البيانات التي تكون مطلوبة في هذه الحالات، حتى تتم العملية بسلاسة وأمان وشفافية تامة.
واللافت في خدمة "تم" عدة مزايا، أهمها يسر هذه الخدمة وتوافرها لعموم الناس، فهي لا تتطلب اشتراكا مسبقا ولا رسوما شهرية أو سنوية، وكل ما على الراغب في الحصول على الخدمة إلا أن يرسل رسالة قصيرة إلى الرقم 88905 مضمناً إياها رقم لوحة السيارة ورقم هوية صاحب السيارة (سواء كانت بطاقة أحوال أم إقامة) وما عليه سوى الاتنظار لثانيتين فقط ليحصل على 5 معلومات أساسية في رسالة واحدة، وهنا تكمن الميزة الثانية لـ"تم" حيث السرعة الفائقة في تقديم البيانات المطلوبة.
أما الميزة الثالثة فهي الدقة في تقديم المعلومات، لأنها تأتي للمستفيد من واقع ما هو موجود في سجلات إدارة المرور لحظة الاستفسار.
والجميل في خدمة "تم" أنها لا تكتفي بكشف المعلومات الأساسية لأي سيارة مستعملة بناء على طلب البائع أو المشتري، بل إن هذه الخدمة تنبه كلا الطرفين أو أحدهما إلى الخلل الحاصل عندما ترد إلى جوال المرسل عبارة "لم تتم المطابقة" ما يعني تحذيرا بوجود إشكالية تمنع من إتمام صفقة البيع، وقد تكون هذه الإشكالية وجود تساؤل ملكية البائع للسيارة من الأساس، أو على الأقل.. تشير إلى وجود خطأ ما في بيانات السيارة لدى الإدارة العامة للمرور، كأن يكون البائع قد اشترى السيارة من مدة وجيزة، ولم يتم نقلها رسميا إلى اسمه، وبالتالي فإن عليه تأكيد نقلها إلى اسمه قبل محاولة بيعها. وهكذا توفر هذه الخدمة البسيطة في شكلها وتكلفتها آلاف الريالات التي يمكن أن تدفع ثمنا لسيارة "غامضة الملامح".
ومن ناحية أخرى فإن أي خطأ في إدخال البيانات المتمثلة في رقم الهوية يليه رقم السيارة (أعدادا وأحرفا) وكل واحد منهما في سطر على حدة، تقابله خدمة "تم" بالاعتراض منبهة المرسل إلى ضرورة إدخال البيانات بالشكل الصحيح، حتى يحصل على ما يريد.
سلاح إلكتروني رادع
بذلت الإدارة العامة للمرور جهودا ملموسة تنم عن مرونة عالية في التوجه نحو الإجراءات الإلكترونية، تقليصا لحجم الأعمال التقليدية التي تشكل ضغطا على الإدراة ومراجعيها، لم يعد مبررا في زمن التقنيات البديلة، بكل ما تحمله هذه التقنيات من سرعة ودقة.
وقد جاء استمرار التعاون بين الإدارة العامة للمرور، وكل من شركتي العلم والاتصالات، ليؤكد الرؤية الواضحة لهذه الإدارة تجاه الحكومة الإلكترونية، وضرورة المساهمة فيها بنصيب وافر، وهذا ما أوضحه اللواء مشبب بن سعد الجلبان مساعد مدير الإدارة العامة للمرور، حين عبّر عن رغبة الإدارة واستعدادها المتواصل للاستعانة بأحدث التقنيات، في سبيل تبسيط الإجراءات واختصار الوقت المطلوب لإنهائها إلى أقصى درجة ممكنة.
وقد لفت اللواء الجلبان الأنظار إلى إحدى الفوائد الخفية لخدمة تأكيد الملكية، حيث ستكون "تم" بمثابة سلاح إلكتروني رادع لكل من تسول له نفسه أن يقوم بتزوير وثائق ملكية السيارات أو التلاعب فيها، أي أن الخدمة تشكل إجراء وقائيا مهما ضد المخالفات الجنائية يقلل من احتمال وقوعها ابتداءً، لأن أي مرتكب لجريمة التزوير بات يتوقع أن تكون خدمة "تم" له بالمرصاد وبالتالي فإن تحايله سوف ينكشف، كما أن خططه لتصريف السيارة المسروقة ستبوء بالفشل.
وشدد مساعد مدير إدارة المرور على أن "تم" تقدم معلومات رسمية موثقة، خصوصا أنها تعتمد المطابقة بين رقم الهوية ولوحة السيارة، مما يهبط باحتمال تقديم بيانات غير صحيحة إلى درجة الصفر تقريبا.
وأوضح اللواء الجلبان أن الاعتماد على كل من رقم اللوحة مقرونا برقم الهوية لتنفيذ الخدمة، إنما جاء لحماية خصوصيات الأفراد من الاختراق، فلو كان رقم اللوحة كافيا لأمكن لأي شخص التقاط هذا الرقم وإرسال رسالة به ليحصل على المعلومات التفصيلية لأي سيارة يريد، وفي هذا تفريط في خصوصية الناس وأمانة حفظ بياناتهم.

قصة خدمة "تم" الإلكترونية
وفرت شركة العلم لأمن المعلومات الأرضية التقنية اللازمة لتصميم خدمة تأكيد الملكية بواسطة الرسائل القصيرة، آخذة على عاتقها صياغة المعادلة الذكية للربط والتكامل بين الجهات المعنية، في سبيل تحقيق الاستخدام الأمثل والفائدة الأعم لخدمة "تم".
ولاستكشاف قصة هذه الخدمة توجهت "الاقتصادية" إلى الدكتور خالد بن عبد العزيز الغنيم الرئيس التنفيذي لشركة العلم لأمن المعلومات (المهد الذي ولدت فيه الخدمة) لنتمكن من تسليط مزيد من الضوء على "تم" التي حبذ الدكتور الغنيم وصفها بالخدمة الصغيرة في شكلها والعميقة في مضمونها، سواء من حيث استجابة الخدمة لحاجة سوق السيارات المستعملة والمتعاملين فيها، أو من ناحية تأكيدها على نجاح التنسيق بين مختلف المؤسسات بقطاعيها العام والخاص، وذلك لحث الخطى نحو توسيع نطاق التعاملات الإلكترونية وتغطيتها جميع احتياجات المواطن والمقيم.
وأشار الغنيم إلى أن خدمة "تم" ترفع كثيرا من المشقة عن المتاجرين في سوق السيارات المستعملة، كونها تقدم لهم المعلومات الرسمية الصحيحة في زمن قياسي لا يكاد يذكر، عدا عن أنها غير مرتبطة بتوقيت محدد، فهي متوافرة بلا انقطاع طوال ساعات اليوم، وكل أيام السنة.
كما أوضح الغنيم أن خدمة "تم" لتأكيد ملكية السيارة عبر الرسائل القصيرة، إنما هي حلقة واحدة في سلسلة غير محدودة من التطبيقات التي يمكن لنا أن نستثمرها في مصلحة أبناء المجتمع وتسهيل معاملاتهم، ولاسيما أن جهاز الجوال يملك إمكانات كبيرة لاستيعاب الكثير من الحلول المعلوماتية المتعلقة بخدمات الحكومة الإلكترونية، مؤكدا أن شركة العلم لأمن المعلومات تبذل جهودا جبارة ومتواصلة لابتكار المنتجات التي تحقق هذه الغاية، وتعطي الجوال أبعادا أخرى في إنجاز المعاملات والحصول على البيانات، فضلا عن أبعاده الاتصالية والترفيهية المعروفة.
وذكّر الغنيم بأن "تم" هي الخدمة الثانية التي تطلقها شركة العلم بالتعاون مع إدارة المرور وشركة الاتصالات، حيث سبق للشركة أن دشنت خدمة الاستعلام عن المخالفات المرورية بالتسيق مع الجهتين المذكورتين، وأشار إلى أن لشركة العلم قصة نجاح أخرى في مجال خدمات الحكومة الإلكترونية عبر الجوال، وذلك من خلال خدمة "إشعار" التي قدمتها الشركة بالتعاون مع المديرية العامة للجوازات، التي ترسل للمشترك فيها رسالة قصيرة عند حصول أي حركة في سجلاته أو سجلات مكفوليه لدى المديرية العامة للجوازات.
ومن ناحية أخرى أكد د.خالد أن خدمة "تم" ستبقى خاضعة للتحديث أسوة ببقية الخدمات التي تقدمها "العلم"، ووفاء لاستراتيجية الشركة الراسخة منذ نشأتها والقائمة على استدامة التطوير بمختلف جوانبه، ولاسيما أننا نعمل في مجال لا يعترف مطلقا بالحركة البطيئة، فكيف يمكن له أن يرضى بالجمود؟!

من أرض المعارض
ومن خلال جولة لـ "الاقتصادية" في معارض النسيم في الرياض لاستطلاع آراء أصحاب تلك المعارض والعملاء الذين يترددون عليها، حول خدمة تأكيد الملكية عبر الرسائل القصيرة، حيث رأى أبو إبراهيم المقيّم الذي يعمل في معرض الحمزة أن هذه الخدمة مفيدة لأي شخص له علاقة بتجارة السيارات وليس للبائع والمشتري فقط.
ومن جهته أثنى مطلق العتيبي، صاحب معرض القارات على الخدمة ووصفها بأنها مهمة وإجراء لا غنى عنه لكل زائر للمعارض بقصد الشراء، متمنيا أن تسعى الجهات المعنية إلى تطويرها وإضافة مزايا ومعلومات أخرى إليها، ولاسيما تلك المعلومات التي توضح وضع المخالفات ضد اللوحة أو ضد مالك السيارة نفسه، فقد يكون هناك تعميم على اللوحة بسبب حادث اصطدام مثلا، وكذلك الأمر ربما يكون الشخص مطلوبا في قضية من القضايا، إذ لا يكفي التأكد من معلومات الملكية ورقم الهيكل وغيرهما من البيانات المشابهة، للقول إن عملية البيع ونقل الملكية ستتمان دون معوقات.
وتمنى صاحب معرض القارات الإسراع بإضافة هذه المزايا، لأن هناك معاناة عامة من عدم توافرها، مبرزا وثائق لسيارة من نوع "لكزس" قال إنه لم يستطع نقل ملكيتها لأن مالكها الذي باعها مطلوب في قضية مخدرات، ومثل هذه المشاكل التي لم تحلها خدمة "تم" كلياً تكبد المشتري خسائر مضاعفة سواء بسبب تجميد النقود التي اشترى بها السيارة، أو نتيجة انخفاض قيمتها مع مرور الأشهر والأيام، حسب قوله.
واعتبر العتيبي سعر الخدمة رخيصا جدا مقارنة بتكلفة استخراج "البرنت" التي تتجاوز 50 ريالا، عدا عن الوقت المطلوب للحصول عليه، بعكس "تم" التي تزودك بالمعلومات خلال ثوان قليلة، مضيفا أن تقديم خدمة أكثر تطورا وشمولاً سيلاقي إقبالا كبيرا، حتى ولو تم رفع سعر الخدمة المطورة، لأن أبسط عقبة قد يقع فيها المتعاملون في السيارات ربما تكلفهم أضعاف أضعاف ثمن الخدمة.
أما عايض شعيل، صاحب معرض الشرف للسيارات فقال إن خدمة "تم" مميزة وهي انتقال موفق نحو تحديث وتسريع عمليات بيع وشراء السيارات المستعملة، مؤكدا أنه يتكلم من وحي خبرته التي تمتد لستة وعشرين سنة قضاها في عالم تجارة السيارات، حيث عاين وسمع خلالها عن الكثير من حالات تزوير الاستمارات، متوقعا أن تضع "تم" حداً لتلك العمليات إذا ما تم استخدامها من قبل جميع البائعين والمشترين، ملمحا إلى أن توسيع نطاق استخدامها يحتاج إلى بعض التشجيع عبر خفض رسومها، وبهذا تتحقق الفائدة المرجوة لجميع الأطراف.
وأوضح عثمان الأمين الكاتب في معرض اليرموك أنه يلجأ إلى خدمة "تم" مرات عديدة في اليوم، ورأى الأمين أن أهم ما في خدمة "تم" أنها تستقي معلوماتها من بيانات حاسب المرور مباشرة، أي أنها تزودنا بالبيانات الحقيقية والمعترف بها رسميا، حتى وإن كانت ناجمة عن خطأ في الإدخال، فإن من المهم معرفة ذلك لأن الكلمة النهائية تبقى للمعلومات المخزنة على الحاسب، وهذه نقطة قوة في خدمة تأكيد الملكية لا يمكن إغفالها أبدا، إذ ليست كل استمارة سالمة من التزوير هي استمارة صحيحة المعلومات بالضرورة، وضم الأمين صوته إلى الأصوات المطالبة بإضافة مزيد من المعلومات للخدمة، ولاسيما بيان المخالفات والبلاغات المسجلة ضد لوحة السيارة أو مالكها.

آراء العملاء
بالمقابل ذكر مروي المطيري الذي كان يتجول في أحد المعارض باحثا عن سيارة مناسبة لشرائها إن خدمة "تم" ضرورية 100 في المائة، نافيا أن تكون الخدمة باهظة التكاليف قياسا إلى ما يتم تسديده للمعقبين في حال طلب المعلومات نفسها، مذكرا بأن "تم" لا تحتاج لأي مجهود في تنفيذها، وهي متاحة في كل وقت ومن أي مكان. وعند سؤالنا له عما إذا كان قد جرب الخدمة فعليا، أكد المطيري أنه فرغ قبل دقائق من استقبال رسالة من "تم" كان يهمه منها الحصول على رقم الهيكل لإحدى السيارات وقد تم له ما أراد بسرعة فائقة.
وأكد المطيري أن المعلومات التي تقدمها الخدمة حاليا كافية ووافية لكل بائع ومشتر، أما بالنسبة لممتهني بيع السيارات أو من يسمون "الشريطية" فلا شك أنهم يحتاجون لمعلومات أكثر عن السيارة المعنية.
من جانبه وفيما كان عبد الله الحربي يهم بشراء إحدى سيارات الجيب بعد تفحصها بعناية، يقول إنه سمع عن خدمة "تم" لكنه لم يحتج وظيفتها تماما، ولكنه حسب ما يتوافر لديه من معلومات عنها فهي مهمة ولا غنى عنها عند البحث عن سيارة وشرائها لأنها تكفي أي فرد مقبل على الشراء عناء الوقوع في مشاكل عدة، بعكس البائع الذي قد لا يهمه كثيرا تنبيه المشتري إلى وجود هذه الخدمة، خصوصا في حال وجود خلل ما في استمارة السيارة، مضيفا أن على المشتري الاستعانة بخدمة "تم" في مختلف الأحوال حتى ولو كان متأكدا من السيارة التي أمامه، فزيادة الحرص مطلوبة في هذه الأيام حسب رأيه.
وفضل الشاب نايف العتيبي وصف "تم" بأنها خدمة رائعة بسعر معقول، ذاكراً أن أحد أقاربه "تورط" منذ فترة في شراء سيارة جيب جرى تبديل هيكلها الأصلي، ولم يكتشف ذلك إلا لاحقاً.
وتوقع فهد الصقار وهو عميل من عملاء المعارض أن تجعل الخدمة "حبل الكذب أكثر قصرا من ذي قبل" ولاسيما فيما يتعلق بعدد ملاك السيارة السابقين، حيث يصر بعض من يطرحون سياراتهم للبيع على أنه لم يسبقهم أحد لملكية السيارة فيما تشهد المعلومات الرسمية بخلاف ذلك، معتبرا الرسوم المحصلة لقاء الخدمة معتدلة، لا هي رخيصة ولا باهظة.
في حين نظر ساعد محمد إلى "تم" من جانب مختلف، كونها تخدم اقتصاد البلاد بشكل عام، عبر ما توفره من أموال مهدرة جراء شراء سيارات مسروقة، وهذا ما ينطبق عليه المثل القائل: "درهم وقاية خير من قنطار علاج"، وبناء عليه والكلام لساعد فإن الحديث عن سعر الخدمة هو أمر ثانوي ينبغي تجاوزه إلى التركيز على فاعلية الخدمة وفوائدها التي لا تقدر بثمن، من حيث توفير الوقت والجهد والمال، ومنح المشتري شعورا بالطمأنينة وراحة البال، على أساس أنه يشتري سلعة سليمة من الناحية الرسمية.
مطلوبة على مدار اليوم
وفي عودة إلى أصحاب المعارض بيّن مسفر فيصل القحطاني، مدير معرض فيصل أن كثرة الإشكالات التي كانت تواجه تجار السيارات المستعملة، جعلتهم بالذات الفئة الأشد تلهفاً لإطلاق "تم" ووضعها في الخدمة الفعلية، مضيفا أن أقرب المشكلات التي تعرض لها تتمثل في شرائه سيارة مسروقة من حفر الباطن، تحمّل معرضه تكاليفها كاملة، بسبب عدم وجود آلية سريعة لاكتشاف التزوير في الاستمارة حينها.
وأكد القحطاني أن العملاء صاروا بعد تفعيل "تم" يطالبون أصحاب المعارض بالاتصال على الخدمة للتأكد من بيانات السيارات التي يختارونها، قائلا بلهجة مازحة: إنهم يصرون علينا في هذا الأمر، شرط أن نرسل الرسالة من جوالنا، لا من جوالاتهم!
وحول متوسط السيارات المباعة في معارض النسيم يوميا، أجاب القحطاني بأنه لا يستطيع تحديد العدد بدقة، لكن حركة البيع والشراء تعد نشيطة، حيث يعرف ثلاثة من المكاتب المختصة بإنهاء معاملات نقل الملكية يستقبل كل منها 70 إلى 75 معاملة يوميا.
ويرى القحطاني أن خدمة "تم" ستبقى ناقصة ما لم يتم تدعيمها بالمعلومات التي تؤكد خلو المركبة ومالكها من أي مخالفات أو مطالبات، فقد تأكد شخصيا من صحة بيانات إحدى السيارات المباعة قبل عدة أيام باستخدام "تم" ولكن المشتري اكتشف عند ذهابه للمرور أن السيارة عليها تعميم بسبب التفحيط؛ ما عطّل إتمام نقل الملكية.
أما عوض الحربي، مدير معرض اليرموك فقد قال إنه بات ينصح جميع عملاء المعرض بالاستعانة بخدمة تأكيد الملكية عبر الرسائل القصيرة، وأن معظمهم يقبل النصيحة فيما يرفض البعض الآخر، تشككاً منهم في الخدمات الإلكترونية بشكل عام، وكونهم لا يثقون إلا بالمستندات الورقية.
أما علي أحمد سلطان المسؤول في معرض الهلال فقال إن لديهم طلباً كبيراً على خدمة "تم"، فمن المستبعد أن يمر يوم دون إرسال عدة رسائل إلى 88905، حتى أنهم لم يعودوا يكتفون باللجوء إلى الخدمة قبل البيع فقط، بل صاروا يستعينون بها بعد إتمامه، بناء على طلب العملاء الذين يحبذون التأكد من أن السيارة المقتناة قد تم تثبيتها على حسابهم لدى المرور.
ولفت سلطان الانتباه إلى ملاحظة تتعلق بالرد على بعض الرسائل بعدم المطابقة، حيث إن لعدم تمام المطابقة أسباب عدة ينبغي تفصيلها، حتى لا تختلط الأمور، فهناك عدم مطابقة طبيعية تنجم عادة عن تأخر تثبيت المعلومة في حاسب المرور، وهذه تختلف كليا عن عدم المطابقة المتعلقة بوجود تزوير أو تلاعب في بيانات الاستمارة، فقد يحدث أحيانا أن نستفسر عن سيارة لم يتم إكمال تسجيلها على حاسب المرور فيأتي الرد بتعذر المطابقة رغم أن المركبة نظامية وكذلك جميع أوراقها، على حد تعبير سلطان الذي رأى أن الخدمة يمكن أن تكون أرخص تكلفة تبعاً لتزايد المستفيدين منها يوما بعد يوم.
وحث سلطان جميع الجهات المسؤولة على تطوير "تم" لتشمل كل المعلومات الخاصة عن السيارة ومالكها، لأن هذا سيساهم في الاستغناء عن نظام حجز قيمة السيارة لدى المعرض، والذي ينص على ضرورة حجز المبلغ المدفوع وعدم تسليمه للبائع إلا بعد إنجاز نقل الملكية، ما يعرقل حرية الحركة في المعارض، ويعطل مصالح الناس، خصوصا أن كثيرين يبيعون سياراتهم تحت ضغط الحاجة السريعة لتوفير النقد من أجل مواجهة طارئ معين، وهذا ما يحرمهم منه نظام حجز القيمة، الذي لن يكون له أي داع في ظل تطوير "تم"، مما سينعكس بشكل إيجابي على سلاسة التعاملات في المعارض.
وعن تقديره لحجم سوق السيارات المستعملة في الرياض، قال سلطان إن في النسيم وحدها 250 معرضا، يفترض أن يجري كل واحد منها مكاتبتين على الأقل، ما يعني أننا أمام 500 عقد يتم إبرامها يوميا في هذه المعارض وحدها، علما أن المتوسط الحقيقي يصل إلى نحو أربع مكاتبات، وهناك معارض تحظى بعشرة مكاتبات وأكثر في اليوم الواحد، ومن هنا فإن خدمة "تم" تعد خدمة مطلوبة باستمرار.
ويعلق محمد بن حمزة الحمزة مدير مكتب رئيس معارض النسيم ورئيس معارض القادسية، على خدمة تأكيد الملكية عبر الرسائل القصيرة قائلا إنها خدمة أساسية لعمل المعارض إجمالا، لكن قلة معرفة الناس بها وبأهميتها، بل حتى بوجودها أصلا جعلها تبدو في أعينهم وكأنها خدمة تكميلية أو غير ضرورية، مشددا على أننا بحاجة لمزيد من التعريف بهذه الخدمة خاصة وعموم الخدمات الإلكترونية، مشيرا إلى الجهود التي بذلها من موقعه في تثقيف أهل المعارض حول خدمة "تم" قبل إطلاقها وبعده، ورغم ذلك فإن هناك من لا يزال غير مطلع على مضمون الخدمة تماما، حيث لا يعلم البعض أن عبارة "لم تتم المطابقة" في حال الإدخال الصحيح لها معان متعددة من بينها إمكانية أن يكون مالك المركبة مطلوبا، وبمعنى آخر فإن هذه العبارة تحمل إشارة لضرورة عدم إتمام البيع، وضرورة مراجعة إدارة المرور للتحقق من وضع السيارة والبائع.
وأشار الحمزة إلى أن القول بتنامي سوق السيارات المستعملة على حساب الجديدة فيه جانب كبير من الصحة، حيث تدل بعض الأرقام على أن 70 في المائة من معارض السيارات في المملكة مخصصة لبيع المركبات المستعملة.
وعبّر الحمزة عن اعتقاده بأن المستقبل القريب سيشهد مزاحمة كبيرة للمعاملات التقليدية من قبل نظيرتها الإلكترونية، وهذا فيما يخص الإجراءات الأولية كالاستفسار وتمرير المعلومات، لكن الورق سيبقى حاضرا، لأنه لا بد في النهاية من وجود مستندات وعقود مبايعة.
كما أكد الحمزة في ختام حديثه أن "تم" جاءت رداً عملياً على تزايد حالات تزوير الاستمارات، التي وصلت إلى حد يمكن ادراجها تحت اسم الظاهرة، وخدمة "تم" بهذا المعنى هي براءة ذمة، وأداة تحذير للسارق أو المزور بأنه معرض لانكشاف أمره بسرعة وعبر وسيلة متوافرة في أيدي الجميع، وهي جهاز الجوال.

الأكثر قراءة