الوقود الحيوي.. هل يصبح بديلاً للنفط؟
الوقود الحيوي.. هل يصبح بديلاً للنفط؟
يتم الحصول على الوقود الحيوي من التحليل الصناعي للمزروعات والفضلات وبقايا الحيوانات التي يمكن إعادة استخدامها .. تحلُل النفايات ومخلفات الأغذية التي يمكن تحويلها إلى الغاز الحيوي
إن تزايد أسعار الطاقة الأحفورية (غاز، نفط، وفحم) وتزايد كميات ثاني أكسيد الكربون المنبعثة من جراء استعمال هذه الطاقة، أدى إلى تركيز الدول المستهلكة على المشكلات البيئية والمناخية، إضافة إلى ظهور كثير من الاهتمام بموضوع نضوب هذه الموارد الطبيعية سواء خلال 50 أو 100 عام، وكذلك افتتان الدول المستهلكة وعلى رأسها أمريكا بفكرة استقلال الطاقة. مما أدى إلى الاهتمام بالدور المحتمل للطاقة البديلة عامة والاهتمام بالطاقة الحيوية خاصة في كل من الدول النامية والصناعية باعتبارها مصدرا للطاقة صديقا للبيئة ومجديا من حيث التكلفة ومتوافرا محلياً.
ويظهر الاهتمام الكبير بالوقود الحيوي وهو الطاقة المستمدة من الكائنات الحية سواء النباتية أو الحيوانية منها، والذي يعد أحد أهم مصادر الطاقة المتجددة، على خلاف غيرها من الموارد الطبيعية مثل: النفط، الفحم الحجري وجميع أنواع الوقود الأحفوري والوقود النووي والتي تعد موارد ناضبة. ولقد اهتمت بعض المناطق بزراعة أنواع معينة من النباتات خصيصاً لاستخدامها في مجال الوقود الحيوي، منها الذرة وفول الصويا في الولايات المتحدة، اللفت في أوروبا، وقصب السكر في البرازيل، وزيت النخيل في جنوب شرق آسيا. كما يتم الحصول على الوقود الحيوي من التحليل الصناعي للمزروعات والفضلات وبقايا الحيوانات التي يمكن إعادة استخدامها، مثل القش، الخشب، السماد، قشر الأرز، المجاري، تحلُل النفايات ومخلفات الأغذية التي يمكن تحويلها إلى الغاز الحيوي.
وتم التركيز على الدور الذي قد يلعبه الوقود الحيوي في خفض انبعاث ثاني أكسيد الكربون حيث يفترض أن استخدام الإيثانول بنسبة 85 في المائة في تشغيل السيارة سيؤدي إلى انخفاض انبعاث غازات الاحتباس الحراري بمعدل 91 في المائة مقارنة بالبترول، وعلى الجانب الآخر فإن وقود السيارات المستخلص من النباتات يمتص ثاني أكسيد الكربون من الجو أثناء عملية التصنيع، مما دفع الإيثانول والوقود الحيوي إلى أن يحظيا بمقادير هائلة من الاهتمام ويحصلا على إعانات دعم ضخمة، وبالرغم من مزايا الإيثانول كوقود نظيف مقارنة بالبترول فإنه يمثل أقل من 1 في المائة من السوق العالمية لوقود السيارات ويعتمد على الدعم الحكومي فقط، ويهدف العلماء إلى توسيع نطاق استخدام الوقود النظيف، حيث إن السيارات كمستهلك للوقود تعد ثاني مصدر بعد الصناعة لنشر ثاني أكسيد الكربون على سطح الأرض.
يوجد عدد من الدول اهتمت بتطوير الوقود الحيوي وعلى رأسها البرازيل، الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي، والصين:
البرازيل أكبر منتج للإيثانول البيولوجي
ففي البرازيل تعمل نحو مليون سيارة بوقود مشتق من قصب السكر، وإن الغالبية العظمى من السيارات الجديدة تعمل بواسطة" محركات ذات الوقود المرن"، فمنذ أن دخلت تلك المحركات قيد الخدمة قبل ثلاث سنوات تم الاعتماد على الغازولين أو الإيثانول البيولوجي أو أي مزيج من المادتين المذكورتين، وبدأت البرازيل في إنتاج الوقود البيولوجي قبل 30 عاماً. وفي البرازيل حالياً يُعنى نحو 1.5 مليون مزارع بزراعة قصب السكر لأغراض الوقود غير أنه يمكن إنتاج الوقود الحيوي من طائفة متنوعة من المحاصيل، منها: الصويا، شجرة النخيل الزيتية، جذور البنجر وبذور اللفت. فالبرازيل تتقدم على أوروبا سواءً كان ذلك في مجال إنتاج الإيثانول البيولوجي أو استهلاكه، فالأسعار في أوروبا تكاد تكون ضعف ما هي عليه في البرازيل بعد أن أصبحت السيارات التي تعمل بالوقود الحيوي تشكل ثلثي حجم مبيعات السيارات الجديدة في البرازيل هذا العام، لذا تهتم البرازيل بتصدير تكنولوجيا الوقود البديل إلى مختلف دول العالم كوسيلة لمواجهة ارتفاع أسعار النفط. وتعرض الإيثانول في مطلع التسعينيات لانتكاسة مؤقتة في البرازيل بسبب مشكلات الإمداد ما دفع قائدي السيارات إلى أن يعودوا محبطين إلى البنزين التقليدي، لكن في العام 2003م قدمت شركة فولكس فاجن في البرازيل أول سيارة تسمى بسيارة الوقود المرن، حيث تعمل بالبنزين الخالي من الرصاص والوقود الكحولي أو الإيثانول ومنذ ذلك الحين استمر الطلب على سيارات الوقود المرن، وذكرت هيئة تنمية الصادرات البرازيلية أن نحو 80 في المائة من السيارات الجديدة التي بيعت حتى الآن في العام الجاري كانت من سيارات الوقود المرن، مشيرة إلى أن هذا الاتجاه آخذ في التزايد وبالتالي يتزايد الاستثمار في صناعة الإيثانول والسكر. وذكرت هيئة تنمية الصادرات البرازيلية أنه من المزمع بناء نحو 140 مصنعاً جديداً بحلول عام 2014م في جنوب وجنوب شرقي البرازيل باستثمارات تصل إلى تسعة مليارات دولار، ولا تملك أي دولة أخرى هذه الشبكة المتطورة من الوقود الحيوي وأنظمة التوزيع مثل البرازيل.
الولايات المتحدة
في عام 2006م، أنتجت الولايات المتحدة نحو خمسة مليارات جالون من الإيثانول، ونحو 250 مليون جالون من الديزل الحيوي، ويتوقع أن يواصل كلا الوقودين الازدياد وذلك لهدف تخفيض استهلاك أمريكا من النفط المستورد، حيث تعهد بوش بأن الولايات المتحدة سوف تستخدم 35 مليار جالون من أنواع الوقود المتجدد والبديل بحلول عام 2017م (زيادة بسبعة أضعاف في إنتاج أنواع الوقود المتجدد والبديل خلال عقد فقط)، وحيث إن أمريكا تستخدم نحو 140 مليار جالون من البنزين في كل سنة، لكن ذلك الاستخدام للبنزين لا يشكل سوى نحو نصف إجمالي استخدام أمريكا للنفط، فالولايات المتحدة تستخدم نحو 21 مليون برميل من النفط في كل يوم، أو نحو 321.9 مليار جالون في السنة، ومن هنا وحتى إذا حققت أمريكا هدف بوش، فإن أنواع الوقود البديل التي يطرحها ستظل تشكل فقط نحو 11 في المائة من إجمالي استهلاك أمريكا للنفط بالنسبة للحجم، وحيث إن الإيثانول (الذي من المحتمل أن يشكل أكبر حصة من تلك الأنواع من الوقود المتجدد والبديل) يحتوي فقط على ثلثي طاقة حرارة البنزين، فإن النسبة الفعلية للنفط الذي يتم استبداله ستكون قليلة، وعند تشكيل قيمة حرارة أدنى للإيثانول فإن من المحتمل ألا تؤدي خطط بوش لأنواع الوقود البديل إلى تخفيض إجمالي استهلاك أمريكا من النفط بنحو 7 أو 8 في المائة.
أبدت الولايات المتحدة اهتماماً بتطوير الوقود الحيوي كبديل للطاقة، حيث كان هناك اتفاقيات بين الولايات المتحدة والبرازيل من أجل زيادة كمية الإيثانول البرازيلي الذي يمكن توفيره للسوق الأمريكية، حيث تم التوقيع على اتفاقية تركز على الإيثانول التي تطلب من البرازيل والولايات المتحدة أن تزيدا عملهما حول الوقود الحيوي، مع زيادة الاستثمارات وتبادل التكنولوجيا، حيث كانت "دبلوماسية الإيثانول" محور زيارة الرئيس الأمريكي في آذار (مارس) 2006م في أمريكا اللاتينية. بينما يسيطر على وسائل الإعلام وبوش هاجس الإيثانول، إلا أن علاقة الولايات المتحدة مع البرازيل على المحك لأن البرازيل أصبحت واحداً من أهم منتجي الطاقة النفطية في أمريكا الجنوبية.
وبالنسبة للولايات المتحدة حيث تظل الذرة المصدر العملي الوحيد لإنتاج الإيثانول، فقد تثبت الأسعار المحلقة أنها القيد الأساسي إزاء استخدامه، ففي عام 2006م وحده، ارتفعت أسعار الذرة عندما التهمت أجهزة استقطار الإيثانول خُمس إنتاج الولايات المتحدة من الذرة. وبحلول عام 2008م، قد يبتلع منتجو الإيثانول نصف إنتاج الذرة الأمريكي، وذلك يمكن أن يدفع أسعار الذرة إلى ارتفاع أكثر.
ويضغط بوش والساسة الآخرون في الولايات المتحدة لتطوير الإيثانول السيلولوزي، لكن رغم سنوات من الحديث والاستثمار، فإنه لا يبدو أن هناك اختراقات كبيرة وشيكة، وحتى إذا حدث اختراق كبير فقد تحتاج صناعة الإيثانول السيلولوزي إلى عقود حتى تسهم إسهاماً كبيرا، ويمكن رؤية هذا بالنظر إلى تاريخ مرفق إيثانول الذرة، فقد احتاجت صناعة الذرة إلى 13 سنة قبل أن تتمكن من إنتاج مليار جالون من الإيثانول في السنة، واحتاجت صناعة الذرة إلى نحو عقدين ونصف العقد لتجعل إنتاج إيثانول الذرة يزيد على خمسة مليارات جالون في السنة ... وهكذا. وحتى مع تحقيق اختراق كبير في تكنولوجيا الخميرة، وحتى مع كميات ضخمة من الاستثمار الرأسمالي والإعانات الحكومية، فإن من غير المحتمل لصناعة الإيثانول السيلولوزي أن تقدم أي إسهامات كبيرة في سوق الوقود الأمريكي في المستقبل المنظور.
وفي الولايات المتحدة بدأت بعض الولايات، مثل: كاليفورنيا ومينيسوتا استعداداتها لخلط البنزين، الذي يباع في جميع محطات وقود السيارات بالإيثانول لتلبية المعايير الجديدة للحفاظ على البيئة، والتي يتوقع أن يتم تطبيقها أواخر العام المقبل، فيما تحفظت بعض الولايات على هذه الخطوة حتى تبدأ الأسواق في قبول هذا المنتج ويتزايد الطلب عليه، خاصة مع وجود 114 محطة في الولايات المتحدة متخصصة في بيع وقود الإيثانول، إضافة إلى نحو 90 محطة أخرى جاري إنشاؤها في عدة ولايات. وتعد محطة "بيرسون فورد" من المحطات الأُوَل التي توفر مصادر الطاقة الحيوية، فإضافة إلى البنزين والديزل، توفر هذه المحطة أنواعا جديدة من الوقود، تراوح ما بين البروباين والإيثانول، وحتى مادة "BioWillie"، التي تتكون من حبوب الصويا، ومحطة "بيرسون فورد" تشبه أي محطة أخرى في الولايات المتحدة وخارجها، إلا أن ما يميزها هو وجود شارات على خزانات الوقود، كتب عليها "E85" وغاز طبيعي مضغوط، ومادة E85 التي تتكون من 85 في المائة من الإيثانول و15 في المائة من البنزين، ويمكن استعمال هذا الوقود في مختلف أنواع السيارات.
وتتميز هذه الأنواع الجديدة من الوقود بأنها أرخص ثمناً خاصة مع ارتفاع أسعار النفط عالمياً، وقد أدى تزايد الطلب على الإيثانول الذي يستخرج من الذرة في الولايات المتحدة وعدد من دول الأمريكيتين الوسطي والجنوبية، إلى تدافع المزارعين على زرع حقولهم به بدلاً من زراعات أخرى، الأمر الذي ترتب عليه رفع أسعار الذرة محلياً وعالمياً، فضلاً عن زيادة تكلفة إنتاج لحوم الدواجن والأبقار بصورة كبيرة في الولايات المتحدة ودول أمريكا الجنوبية، وهو ما دفع وزارة الطاقة الأمريكية هذا العام إلى تخصيص 385 مليون دولار لتمويل ستة مشاريع على مدى أربع سنوات، تستهدف إنتاج إيثانول سيلولوزي وتجنب أزمة الذرة عن طريق إنتاج الوقود من مصادر أخرى.
الصين والوقود الحيوي
تعتزم الصين التوسع في زراعة نبات "الجتروفا" في مختلف أنحاء الأقاليم الجنوبية الغربية للاستفادة منه في إنتاج الوقود الحيوي وتقليل الاعتماد على النفط المستورد، ويتوقع أن تتمكن الصين بحلول عام 2020م من استغلال نبات الجتروفا وغيره من منتجات الغابات في إنتاج ستة ملايين طن من وقود الديزل الحيوي وتوليد 1500 ميجا وات من الكهرباء. وتقدم الصين (التي ارتفع استهلاكها من النفط العام الماضي بنسبة 10.2 في المائة وزاد فيه اعتماد الاقتصاد الصيني السريع النمو على مصادر الطاقة الخارجية، حيث استوردت الصين 980 مليون برميل من النفط في 2006م مثلت 48 في المائة من احتياجات الصين, أي ارتفاع 43 في المائة عن عام 2005م)، وتستثمر مؤسسة البترول الوطنية الصينية وشركة كوفكو لتجارة الحبوب في زراعة هذا النبات لاستخراج الوقود منه، وتواجه الصين مشكلة حول كيفية الموازنة بين سياسات الطاقة والسياسات الزراعية. وأقامت الصين أكبر مرفق لوقود الإيثانول في العالم وهو يستخدم الذرة، لكن مقطري الوقود الحيوي الصينيين يختبرون البطاطا الحلوة، وقصب السكر ويذكر أن بكين إضافة إلى اهتمامها بطرق الإنتاج إلا أنها تركز على استيراد الإيثانول البرازيلي أيضاً، وقد سارت اليابان على ذلك الطريق فوقعت صفقة بقيمة 15مليون لتر مع البرازيل في أيار (مايو) 2005م كمقدمة للاستعاضة عن نحو 3 في المائة من غازولين اليابان.
الاتحاد الأوروبي
تهتم دول الاتحاد الأوروبي بدرجة متزايدة بالوقود الحيوي الذي يصنع من مواد نباتية أو حيوانية وذلك لتعزيز أمن الطاقة وخفض انبعاث غازات الاحتباس الحراري وفتح أسواق جديدة أمام المزارعين، وحيث إنه يمكن إنتاج مادة الديزل من أي بذور زيتية فأوروبا هي أصلاً أكبر منتج في العالم لوقود الديزل البيولوجي (الذي يتم إنتاجه حالياً من بذور اللفت وبذور الصويا أو بذور عباد الشمس)، فهذا القطاع يشهد نمواً سريعاً، حيث تدرس عدة بلدان مثل ألمانيا وأوكرانيا وغيرهما و شركات القطاع الخاص والقطاع العام إمكانية الاستثمار في مجال الديزل البيولوجي المنتج من هذه المحاصيل أو من مصادر أخرى. وهناك سيارات جديدة في أوروبا من طرازي "سي - ماكس" و "ساب 9 - 5" من إنتاج شركة فورد تعمل بالوقود (إي 85)، وهو خليط يضم 85 في المائة من الإيثانول و15 في المائة من البنزين. وتوسع بعض الدول النامية مثل ماليزيا من بين دول أخرى مزارعها من زيت النخيل، وتقيم مصانع للوقود الحيوي لخدمة السوق الألمانية بشكل محدد.
تطوير وسائل النقل التي تعمل بالوقود الحيوي
تقوم شركات صناعة السيارات بتطوير نماذج لسيارات تستخدم أنواعاً متعددة من الوقود لكي تتيح استخدام نظم الوقود البديلة المطورة بصورة متنوعة في أوروبا، فعلى سبيل المثال إن نموذج سيارة "فولفو في 70" تستخدم خمسة أنواع مختلفة من الوقود، وإلى جانب البنزين يمكن تحويل السيارة للعمل بالإيثانول الحيوي والغاز الطبيعي والميثانول الحيوي والهيثان (وهو عبارة عن خليط من 10 في المائة من الهيدروجين و90 في المائة من الميثان)، كما أنها مجهزة بخزان للبنزين بسعة 29 لتراً فقط ليتيح المجال لنظم الوقود البديلة الإضافية. أما الغازات الثلاثة فتدمج في خزانين أحدهما كبير والآخر أصغر بحجم إجمالي قدره 98 لتراً، وفي حال ملء الخزانات تستطيع السيارة قطع مسافة 700 كيلو متر دون الحاجة إلى إعادة التزود بالوقود، وزودت السيارة الجديدة بمحرك توربو سعته لتران وطاقته 147 كيلو وات وقدرته 200 حصاناً، ويمكن للسيارة الانطلاق من سرعة الصفر إلى 100 كيلو متر في الساعة في 8.7 ثانية، ويمكن لقائد السيارة التحول من مصدر وقود إلى آخر دون أي تراجع في أداء السيارة. يبذل العديد من شركات صناعة السيارات الأوروبية جهداً أكبر لتطوير مزيد من السيارات التي تعمل بوقود بديل مثل الإيثانول الذي يستخدم على نطاق واسع في البرازيل، وستستمر السيارات الهجين التي تعمل باندماج محرك كهربائي وآخر يعمل بالبنزين في الاستحواذ على نصيب أكبر في الأسواق، وتحتاج المحركات العادية لكي تعمل بالإيثانول إلى قليل من التعديلات، وتعد هذه المحركات أفضل الطرق قصيرة المدى في ظل استمرار ارتفاع أسعار النفط وسريان مفعول القانون الصارم للحفاظ على جودة الهواء. تقول معظم شركات صناعة السيارات إن محرك الهيدروجين الذي يعمل بخلية وقود يبقى مطمحاً على الأجل الطويل بالنسبة لتطور سيارة شعبية يستغرق إنتاجها من 10 إلى 15 عاماً، ولا تزال السيارات الجديدة التي تعمل بالإيثانول تعرض على نطاق ضيق حاليا مثل فورد "سي.ماكس" أو ساب "9 – 5". وتعد هذه واحدة من سلسلة من المحاولات التي تجرى حالياً للتقليل من الاعتماد على البترول, حيث تجري مصانع للسيارات وشركات بترول عالمية أبحاثاً للاستفادة أيضاً من الغاز الطبيعي والفحم في إنتاج نوع من الوقود الصناعي المركّب. ويقول خبراء صناعيون إن الوقود الجديد إضافة إلى فوائده الاقتصادية والسياسية لا يسبب أضراراً بيئية عند الاحتراق، متوقعين في حال نجاح التجارب التي يجرونها حالياً عليه أن يلقى رواجاً كبيراً في الأسواق العالمية. وفي الوقت الحالي تركز فولفو على خيار ما يسمى بسيارات الوقود الممزوج التي تعمل بخليط الإيثانول والبنزين، والسيارات الحالية "فولفو أس 40" و "فولفو في 50" التي تعمل بالوقود الممزوج متاحة حتى الآن في السويد وحدها وستطرح لاحقاً هذا العام في ست دول أوروبية أخرى.
قالت "فورد" إنها ستصبح أول شركة تقوم بتجميع سيارة هجين في كندا، وتعمل سيارات الهجين بمحركين أحدهما بالوقود التقليدي والآخر بالكهرباء مما يوفر استهلاك الطاقة، ويخلف أضراراً أقل على البيئة. وتتيح تكنولوجيا فورد وقف محرك الوقود التقليدي بصورة أوتوماتيكية عندما تتحرك السيارة, إضافة إلى إمكانية إعادة شحن البطاريات من خلال نظام لاستعادة الطاقة. أوضحت الشركة أن مصنعها في أوكافيل في ولاية أونتاريو الكندية سيقوم بتجميع طرازي "إدج" و"لنكولن إم كي إكس"، وسيتم الشروع في إنتاج هذا الطراز الجديد عام 2007م، بينما يتم إنتاجه بصورة تجارية عام 2010م. وتعتزم الشركة طرح خمسة أنواع جديدة من السيارات الهجين عام 2008م، ولتنفيذ هذه الخطة تقوم الشركة حالياً باستثمار مبلغ 860 مليون دولار لتطوير مصنعها في أوكافيل، كما تعتزم "فورد" تنفيذ خطة لإعادة الهيكلة تتضمن تخفيض 25 ألف وظيفة وإغلاق 14 مصنعا حتى عام 2012م, وتأمل في الوقت نفسه بيع 250 ألف سيارة هجين حتى عام 2010م.
تأثيرات الوقود الحيوي في قطاع النفط
هناك توجه نحو الاستغناء عن النفط وتطوير بدائل جديدة ولكن على سبيل المثال الولايات المتحدة أكبر مستهلك ومستورد للنفط في العالم، كانت تخطط في عام 1976م، بأنها ستكون مستقلة في الطاقة خلال عقد من السنوات، وكانت واردات أمريكا في ذلك العام تساوي نحو 2.7 مليون برميل في اليوم، ولكن في نهاية عام 2006م بلغت واردات أمريكا أكثر من تسعة ملايين برميل في اليوم. إن الوقود الحيوي المزروع في المزارع كالإيثانول والديزل الحيوي ما زالا يشكلان نسباً صغيرة من حجم استخدام الوقود الأحفوري كما غيرها من مصادر الطاقة المتجددة كالريح والشمس ولكن تهتم بعض المؤسسات الكبيرة ليس فقط بإنتاج وتطوير الوقود الحيوي، وإنما أيضاً بالضغط على الحكومات عبر العالم بحقائق ارتفاع حرارة الكون، والنظر إلى الوقود الحيوي باعتباره خطوة عملية باتجاه تخفيض انبعاث الكربون، ويشترط عدد متزايد من البلدان الآن مزج الوقود الحيوي بمخزونات الوقود المستخرج من باطن الأرض، وقد استثمرت شركات نفطية مبالغ طائلة استجابة لذلك، وقد أصبحت توزع للعالم الإيثانول عبر شبكتها العالمية من محطات توزيع الوقود. وتتدافع شركات متنوعة للاستثمار في هذا المجال ويصيب الحماس المزارعين حول العالم بشأن سوق كبيرة جداً لمنتجاتهم ويرحب البيئيون بالوقود الجديد باعتباره نظيفاً مستداماً.
ولكن مازالت هناك أسئلة كبيرة حول ما إذا كان من الممكن المضي بالوقود الحيوي إلى حدود قصوى بنجاح ليتمكن من تحدي النفط، هل سيكون هناك على سبيل المثال ما يكفي من الأراضي التي يمكن زراعتها بمحاصيل الوقود دون الضغط على المنتجات الغذائية؟ وهل سيكون الوقود الحيوي قادراً على الوقوف على قدميه بلا ضريبة ودعم خصوصاً إذا اتجهت أسعار النفط إلى الانخفاض؟ ثم هناك سياسة التجارة العالمية، فقد أخذت مجموعة الضغط الزراعية الجبارة في البلدان الغنية تحاول منع تصدير الوقود الحيوي من البرازيل وباكستان وغيرهما من الدول النامية.
وتؤكد الدراسات والتقارير المختصة أنه على الرغم من صرف مليارات الدولارات على أنواع من الطاقة الأخرى وتحول العديد من التقنيات الجديدة من المرحلة التجريبية إلى المرحلة التطبيقية، إلا أن النفط سيحافظ على المركز الأول كمصدر رئيس للطاقة، وأن الحديث عن نضوب منابعه أو منافسة مصادر طاقة أخرى نظيفة أو غير نظيفة لن تبدأ قبل عام 2050م وأن نفط الخليج بشكل خاص سيبقى يشكل المرتكز الأساسي في توفير الطاقة للعالم لعقود قادمة فعمر احتياطياته هو الأطول بين جميع الاحتياطيات في العالم وتكلفة استخراجه هي الأقل أيضاً، مما يمكنه من منافسة مصادر الطاقة البديلة المطروحة.