جني مجانا!
بعد منع قنوات "الشعوذة" في النايل سات زاد غي القائمين عليها في قمر "نور سات"
الأغبياء فقط هم من يسمحون لهؤلاء باستدراجهم واللعب على وتر الشفاء من الأمراض
الزهراني: من شاهد هذه القنوات وصدق ما يقوله كهنتها فقد كفر بما أنزل على محمد
لا تتعجب عزيزي القارئ عندما تعلم أن محرر هذه المادة الصحافية قد هرب من المكان الذي تابع فيه إحدى قنوات الشعوذة الفضائية، بعد أن بدأ أحد المشعوذين فيها يقرأ طلاسم وتمتمات للاستعانة بمخلوقات أخرى، وأوصى أحد إخوته أن يحضر مبرمجا خاصا لجهاز الاستقبال في منزله ليحذف هذه القنوات نهائيا، فلم يكن يعلم أنه عندما كلف بعمل هذه المادة، سيضطر إلى متابعة مشعوذين يقرأون طلاسمهم التي تتردد على آذان المشاهدين، وأن هذه الطلاسم ستحضر إلى منزله أمورا لا تحمد عقباها!
لـ "الشعوذة" خفايا يستفيد منها هؤلاء المشعوذون، فهم يقومون بحفظ طلاسم معينة بعد أن غمسوا أنفسهم بمعصية الله، وبعد أن كانوا متخفين في أماكن سرية لا يستطيعون الظهور للعلن لدواع أمنية، أصبحوا الآن يظهرون للناس من خلال القنوات الفضائية بشكل علني، يستقبلون اتصالاتهم ويسرقون أموالهم بشكل أكثر حرفية من قبل، فللاتصالات سعر محدد من قبل كل قناة.
"عن طريق جوالك سيدتي ما عليك سوى الاتصال على هذا الرقم، لتقولي لنا مشكلتك، يجب أن تخبرينا عن اسم والدك ووالدتك، وتشرحي مشكلتك بالتفصيل الممل، فالقضية ليست قضية وقت بالنسبة لنا، نحن نقدم خدماتنا لك، بشرط أن تشرحي القضية بالتفصيل الممل" والحسابة بتحسب، وهل تعلمون أن وقت الاتصال قد يستهلك من جيب المتصل أكثر من 16 ريالا للدقيقة الواحدة إلى قنوات الشعوذة أيام التخفيضات! وهكذا تكون الفواتير محصلة أولا بأول دون عناء الاستعانة بـ "الكريديت كارد"!
تابعها: محمد الشهري
تصوير: خالد الخميس
نايل سات يطردهم
"الاقتصادية" التقت المهندس صلاح حمزة رئيس الشؤون الهندسية في القمر المصري "نايل سات"، الذي كشف لنا أن جميع هذه القنوات هددت بإلغاء عقدها بعد مخالفتها الصريحة لشروط التعاقد وبثها برامج عن الشعوذة والسحر، حيث أعطيت مهلة لأسبوع واحد لإيقاف بثها عبر القمر، وهو ما تم الشهر الماضي.
وأكد حمزة، أن إدارة القمر حذرت القنوات الموجودة معها أن الشطب سيكون مصير القناة التي تتعمد نشر مثل هذه الخرافات، وتجعل بثها متخصصا في نشر مثل هذه الأمور، كما أن أي قناة تبث في برامجها أمرا محظورا سيتم إلغاء اشتراكها بعد مخاطبة مالكها، مشيرا إلى أن مثل هذه القنوات تبلغ تكلفة بثها السنوي التقريبية نحو 42 ألف دولار، في حين تشير بعض المصادر إلى أن أقمارا فضائية أخرى تستضيف مثل هذه القنوات تصل تكلفة الاشتراك فيها إلى 300 ألف دولار، وذلك حسب الحزم والمساحة التي تُعطى لها من القمر الفضائي.
كارثة دينية
من جانبه أوضح الشيخ راشد الزهراني الداعية الإسلامي، أن هذه القنوات تشكل خطرا كبيرا على الفرد والأسرة والمجتمع، وهي كارثة دينية واجتماعية خطيرة، وذلك عندما يلجأ الناس إلى حل مشاكلهم عن طريق هذه القنوات التي تبث الفرقة والمشاكل بينهم، حيث إنهم يدعون علم الغيب ويقومون بإخبار المتصلين عن أن ما أصابهم من عين هو من فلان أو أن الذي سحرك فلان، وعند هذه الحالة قد يكون ذلك الشخص بريئا من هذه التهم، إذن هم كما يرى الشيخ راشد داء خطير على المجتمع، ويعملون على نشر الحقد والضغينة بين الناس، بادعائهم علم الغيب. مضيفا أن هذه القنوات تعيد الأمة إلى العصور والحقبة التي كان فيها الوثنية والخرافة والشعوذة والكهانة والسحر منتشرا بين الناس، ما يجعل هذه القنوات عائقا لتقدم الأمة ونهضتها وحضارتها، مبينا أن الأمم العظيمة والمتطورة هي التي تجتنب مثل هذه الأمور.
وقال الزهراني "إننا لم نسمع في يوم من الأيام أن أمة من الأمم وصلت إلى مصافي الدول الكبرى في حضارتها واقتصادها وسياستها وثقافتها وهي تعمل بالسحر وتجعل له مكانة عالية لديها، بل إن الأمة التي تعمل وتجد وتجتهد وتبني نهضتها على ثقافة فكر أبنائها هي الأمة التي تنهض".
وأفاد الزهراني أن هذه القنوات تسعى من خلال نشرها هذه الخرافات والشعوذة بين الناس إلى الكسب المادي والاقتصادي حيث تأتيهم هذه الأموال من خلال الاتصالات التي ترد إليهم من مشاهديها، مبينا أن هذه القنوات تعمل وتستغل جرحا كبيرا لدى هؤلاء الناس، الذين يعانون الكثير من المشاكل المتنوعة في مختلف نواحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والنفسية ويبحثون عن حلها.
ووصف الزهراني من يسعون إلى هذه القنوات لحل مشاكلهم من الجهال والمغفلين وضعيفي الدين، كالغريق الذي لو رأى قشة تعلق بها، إذ يعتقدون أن نجاتهم ستكون من خلال هؤلاء السحرة والمشعوذين، الذين بدورهم يستغلونهم استغلالا ذريعا وبشعا لأخذ أموالهم بالباطل. مبينا أن هناك أهدافا أخرى تتمثل في صرف الناس عن تعلقهم بتوحيد الله سبحانه وتعالى, والأمة القوية هي الأمة التي تكون متمسكة بدين الله وبكتابة وسنة نبيه، مشيرا إلى أن أسباب قوة هذه البلاد بالتحديد تكمن في تحكيمها الكتاب والسنة وعملها بالإسلام، فبنيت هذه الدولة على التوحيد والمنهج العظيم، فهؤلاء يريدون أن يخطفوا منها سر وسبب تميزها من اجل أن يضعفوها، ولكن لن يستطيعوا إلى ذلك سبيلا بإذن الله.
التوعية في المنابر
ودعا الداعية الإسلامي الزهراني كل من ولي منبرا من أئمة المساجد والدعاة والمعلمين والتربويين الالتزام بواجباتهم المهمة، وأداء هذه الرسالة من خلاله المنبر الإعلامي الصحيح للقضاء على هذه الظاهرة، حيث إنه من خلال قيام هؤلاء بالدور المطلوب والمنوط بهم، فإنهم سيستطيعون بإذن الله إنقاذ الأمة وتخليصها من داء السحرة والمشعوذين الذين يستغلون حاجات الناس للشفاء، مشيرا إلى أن على الجميع أدوارا متفاوتة، والكل سيسأل ويحاسب أمام الله عن ذلك.
وفيما يخص الجانب الشرعي وحكم ما تبثه هذه القنوات من سحر وشعوذة وكهانة، بين الزهراني أن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء أصدرت فتوى بتحريم هذه القنوات، وهي تنقسم إلى جزءين، الأول أن من تابعها لمجرد المتابعة فهذا كما ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "من أتى كاهنا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوماً"، والأمر الثاني إن صاحب ذلك تصديق لما جاء فيها فقد كفر بما أنزل على محمد كما جاء في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم "من أتى كاهناً أو عرافاً فسأله عن شيء فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد".
وسواء ذهب السائل إليهم ببدنه أو اتصل عليهم بواسطة الهاتف أو أي وسيلة أخرى فالحكم واحد، وعلى هذا فيجب الحذر من مشاهدة هذه البرامج, فمشاهدتها ولو لمجرد الفرجة حرام، كما يجب على أولياء أمور الأسر منع أهله وأبنائه من مشاهدته هذه القنوات أو الاتصال على هؤلاء السحرة والمشعوذين، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته".
ولفت الزهراني إلى أن الحملة التي بدأت قبل شهرين في عدد من القنوات الفضائية والصحف السعودية للتحذير من خطورة هذه القنوات التي تبث سمومها للمشاهد عبر برامج متخصصة للسحر والشعوذة، لقيت تجاوبا كبيرا وخاصة من قبل المسؤولين عن الأقمار الصناعية، وذلك بإغلاق وحجب هذه القنوات، كما وجد الداعون إلى مقاطعتها تجاوبا ملحوظا من قبل الجمهور ما أضعف التفاعل معها، سائلا الله في ختام حديثه لـ "الاقتصادية" أن ينهيها تماما.
آراء المشاهدين
"الاقتصادية" استطلعت آراء بعض المشاهدين من الشبان الذين شاهدوا هذه القنوات، يقول عبد الله القبيسي إنه عندما شاهد هذه القنوات للمرة الأولى، وجد أن مضمونها غريب ومخيف، لأن تصرفات مقدم البرنامج والضيف الذي جاء بحجة علاج مشكلات الناس وتصرفاتهم، يمكن أن يلاحظ غرابتها أي شخص متوسط التعليم، مضيفا أن هذه القنوات تسعى للكسب المادي البحت، كما أنها قد تسهم في انتشار وبث سمومها بين مختلف الشرائح في مجتمعاتنا العربية. وأوضح القبيسي أن القائمين على هذه القنوات يعتمدون على جذب المشاهدين من خلال إظهار مقدرتهم على علاج الكثير من المشكلات التي تواجه الإنسان في مختلف نواحي الحياة سواء كانت اجتماعية أو نفسية أو مالية وغيرها.
ويصف رائد الصوينع موقفا حصل له وهو يبحث في جهاز الاستقبال الفضائي، إذ وقف مصادفة عند إحدى هذه القنوات، ولم يكن يعلم أنها إحدى قنوات السحر والشعوذة، "عندها سمعت المذيعة ترد على أحد الاتصالات التي وردت إليها من سيدة سعودية تشكو حالها ومشاكلها النفسية مع زوجها، فقالت المذيعة: هل تريدين أن تعرفي ما سبب مشكلتك؟ لفت انتباهي الموضوع عند هذه النقطة، وجلست أتابع كيف تتم معالجة مشكلة هذه السيدة من وجهة نظر المذيعة، فوجدت أن المذيعة تؤكد أن عملهم يتم بالقرآن، وأن الشخص الذي يستضيفونه شخصية معروفة، وقد شفي على يده أناس كثيرون، ثم بدأ هذا الشخص بالرد على المتصلين، وأخذ يقرأ القرآن بصورة غريبة مع تمتمات غير مفهومة وبيده مسبحة، وذلك بعد أن كان يسأل كل متصل عن اسمه واسم أمه وكم عمره، وأخذ يكتب في ورقة ويعد ويحسب بشكل غريب".
يضيف الصوينع: "عندما يريد المتصل أن يصف حالته لهم، تتدخل المذيعة أحيانا وتقول دع الشيخ ينتهي من حساباته ليعطيك أسباب علتك"، مبينا أن كل تصرفات هذه القنوات فيها الكثير من الغرابة، كما أنه وبعد كل اتصال مع أحدهم يقول الكلام نفسه، وذلك بأن المتصل مسحور وعلاجه هو أن يكتب بعض الآيات القرآنية في ورقة بيضاء ويضعها في كوب من الماء المخلوط بالزعفران وغيرها من الأمور العجيبة والمشبوهة. ويتعجب الصوينع من المتصلين وبحثهم عن العلاج الوهمي، "أي علاج عند هؤلاء؟ أليس المرض والشفاء من عند الله؟ كيف يتنازل الإنسان العاقل عن دينه ويتابع هؤلاء الذين لا يمتون للإسلام بصلة".
عبوس واشمئزاز!
من جانبه يرى ماجد الهزازي أن ما لفت انتباهه في هذه القنوات، هو أن الذين يدعون علاج الناس بالقرآن يغلب على وجوههم أمور غريبة، فملامح وجوههم يظهر عليها العبوس والاشمئزاز من شيء ما، كما أنهم يغضبون سريعا من بعض المتصلين بشكل غريب، وعند قراءتهم القرآن يقرأون بشكل سريع، وأحيانا لا نفهم بعض الكلمات التي يلفظونها أثناء هذه القراءة العجيبة والمخيفة أحيانا. ويعتقد الهزازي أن تصرفات هؤلاء يتضح من خلالها الكذب والنصب والخداع، ولا تنطلي خدعهم إلا على ضعفاء الإيمان الذين يبتعدون عن ذكر الله، مشيرا إلى أنهم يتعاملون أحيانا بطريقة تجعل المتصل أو المشاهد يصدق ما يقولون وما يفعلون، والله المستعان.
أما ناصر الصالح فيتفق مع من سبقه في أن الذين يظهرون في هذه القنوات يدعون الإسلام ظاهريا، حيث يوهمون ضعفاء النفوس بأن علاجهم قرآني، وأنه يشفي من كل العلل، كما أن بعضهم يقول إنه لم يتصل عليه أحد أو عالج أحدا إلا شفي على يديه، موضحا أن هذا كفر صارخ وتعد على قدرات الله وحده، عندما ينسب شفاء الأمراض المستعصية له والعياذ بالله، مشيرا إلى أن ما لاحظه في هذه القنوات هو أن أغلب من يتصل بهؤلاء هم من النساء من مختلف الدول العربية. نسأل الله السلامة لنا ولكم.