دولارات البترول مقابل صغار الملاك

دولارات البترول مقابل صغار الملاك

اندلاع الخلافات حول خطط استثمار الملايين في زراعة الأرز

كان يبدو أنهما ثنائي نموذجي. فالكويت تملك الكثير من المال وتحتاج إلى استيراد الغذاء، وكمبوديا لديها الكثير من الأراضي الخصبة, وتحتاج إلى اجتذاب رأس المال الأجنبي. وهكذا، تخطط حكومة دولة زراعية فقيرة، كما يحدث في جميع أنحاء العالم منذ ارتفاع أسعار الغذاء عام 2007-2008، لتسليم مساحات شاسعة من أراضيها إلى دولة منتجة للنفط وأكثر ثراء.
وتبادلت الكويت وكمبيوديا زيارات على مستوى رؤساء الوزراء ووقعت صفقات على كل شيء، من فتح السفارات وتعزيز التعاون في مجال الطاقة إلى فتح الرحلات المباشرة وإقامة مباريات كرة القدم الودية. ويقال إن الكويت وافقت الآن على تقديم قروض بقيمة إجمالية تبلغ 546 مليون دولار لتمويل بناء سد على نهر Stueng Sen لأغراض الري والطاقة الكهرومائية ولبناء طريق إلى الحدود التايلندية. وتقول الحكومة الكمبودية إنها لم تقرر بعد ما سيحصل عليه الكويتيون في المقابل، ولكن هناك تكهنات في Phnom Penh أنه قد يعرض عليها 50 ألف هكتار (124 ألف فدان) من الأراضي الزراعية، ربما بعقود إيجار لمدة 99 سنة. والكويت ليست الوحيدة في ذلك. ففي العام الماضي، زار رئيس وزراء دولة خليجية غنية أخرى، هي قطر، Phnom Penh وفي جعبته خطط لاستثمار 200 مليون دولار في الزراعة في كمبوديا.
وغالبا ما تتعكر مثل هذه الصفقات بسبب الخلافات حول التفاصيل. ويبدو أن الصفقة الكمبودية تواجه ذلك. فالاتفاقات التي صادق عليها البرلمان دون مداولات تتضمن عموميات شاملة وأقل تفصيلا مما قد يتوقع الكثيرون حين يستأجرون شقة. وقد قال Sony Chhay، وهو نائب معارض ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في الجمعية الوطنية حين تم توقيع الصفقات، أنه لا يستطيع الآن الحصول على نسخ, ولكنه يضيف أنه إذا كان الأجانب يريدون الأرز الكمبودي، عليهم أن يشتروه لا أن يحاولوا الحصول على مساحات شاسعة من الأراضي.
والمشكلة الأخرى في مثل هذه الصفقات هي أنها تتم في العواصم الوطنية وتواجه غالبا معارضة على أرض الواقع. فمزارعو الأرز في كمبوديا متشككون جدا لأن الحكومة لها تاريخ طويل بطردهم من أراضيهم في صفقات غامضة لصالح أصدقاء أغنياء. ويقول القرويون في مقاطعة Battambang، التي سيتم بناء الطريق الكويتي فيها، إنهم لا يعرفون شيئا عن هذا المخطط. ولكنهم يقولون إن الطريق الجديد، الذي سيتم بناؤه على طريق ترابي تم أخذ قياساته من قبل المساحين، سيساعدهم على إيصال محاصيلهم إلى السوق, وتقول إحدى الشائعات السعيدة إن الكويت وافقت على شراء كل إنتاجهم, ولكنهم يشعرون بالقلق من أن يتم مصادرة أراضيهم - كما حدث من قبل.
وتُصرّ الحكومة على أن الصفقة مفيدة للدولة وللنمو الاقتصادي, ويقول Cheam Yeap، رئيس لجنة الاقتصاد والمالية البرلمانية، إن "علينا بطريقة ما اجتذاب المستثمرين من أجل التنمية الوطنية". ويقول إن النزاع على الأراضي هو خطأ المزارعين وكذلك الحكومة، وأن على المزارعين أن يكونوا واقعيين.
وليست تلك مجرد خدمة مصالح ذاتية. فإنتاج الأرز في كمبوديا أقل بنسبة النصف تقريبا من الإنتاج في تايلندا وفيتنام المجاورتين. ويسعى الكثيرون - ليس فقط الكويتيون - إلى تحديث الزراعة، التي تعد أكبر قطاع يشغل العمالة في كمبوديا.
وتأمل الجهات المانحة الدولية تحسين صغار المزارعين عن طريق مساعدتهم على الاستفادة من الأسواق العالمية من خلال الاستثمار في الإنتاجية وتجهيز الأغذية والبنية التحتية للنقل. ويسعى رجال أعمال عالميون آخرون، بمن فيهم البعض من إسرائيل، إلى جلب التكنولوجيا الأجنبية ورأس المال إلى القطاع الزراعي التجاري الوليد في كمبوديا.
لذا فإن السؤال ليس فيما إذا كان الاستثمار من قبل الكويت أو غيرها هو في صالح كمبوديا على المدى الطويل، بل فيما إذا كانت شروط صفقة ما مفيدة. وللأسف، من غير الواضح البتة في هذه الحالة فيما إذا كان حكام كمبوديا متأثرين بالتنمية الاقتصادية- أو باحتمالية تحقيق الربح السريع.

الأكثر قراءة