جرأة الأمل

جرأة الأمل

قد يكون التفاؤل بأن ثروات البنوك وصلت إلى الحضيض سابقا لأوانه.

ربما يسافر Lloyd Blankfein بالقطار بدلا من الطائرة هذه الأيام، إلا أن الشركة التي يترأسها استأنفت نشاطها السريع. ففي الثالث عشر من نيسان (أبريل)، بدأ Goldman Sachs بموسم إيرادات البنوك بطريقة رائعة: حطم صافي الربح البالغ 1.8 مليار دولار الذي أعلنت عنه توقعات المحللين، ما جعلهم يتساءلون، ولو للحظة فقط، فيما إذا كانوا قد عادوا إلى عام 2006. وفي نفس الوقت، جمع Goldman أكثر من خمسة مليارات دولار من الأسهم العادية للمساعدة على تسديد عشرة مليارات دولار من أموال دافعي الضرائب التي تم لي ذراعه لكي يأخذها في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.
ويحرص Goldman على تمييز نفسه عن البنوك الأضعف، إلا أن المتفائلين يعتبرون نتائجه بوصفها جزءا من نمط الانتعاش للصناعة. وقد أبلغ JPMorgan Chase عن نتائج أقوى من المتوقع في السادس عشر من نيسان (أبريل). ويتوقع Wells Fargo الإعلان عن أرباح فصلية قياسية، ويعود ذلك إلى حد كبير إلى زيادة إعادة تمويل الرهن العقاري مع انخفاض أسعار الفائدة. وهذا التفاؤل بشأن أداء البنوك منح الأسهم الدفعة التي تحتاج إليها كثيرا بعد مستوياتها المنخفضة في آذار (مارس). وتنمو الآمال بأن يتمكن الكثيرون من الخروج من المشكلات مع تحسن الأسواق وزيادة الإيرادات التي سمحت للبنوك بالإقراض بأسعار أعلى من الأسعار التي تقترض بها. ولكن قد يكون الواقع أقل مدعاة للتفاؤل.
من السهل معرفة السبب الذي يجعل Goldman يعتبر أنه من "واجبه" تسديد أموال الحكومة (سيكون أول بنك كبير يقوم بذلك). ولأنه يتبع نموذج عمل يعتمد على تقديم مكافآت كبيرة لذوي الأداء الأفضل، فهو يشعر بالانزعاج الشديد من القيود المفروضة على رواتب التنفيذيين التي كانت أحد شروط ضخ المال - مع أنه تمكن من دفع رواتب أعلى قليلا للموظفين في الربع الأخير، كنسبة من مجموع التكاليف، من تلك التي دفعها قبل عام، وهو بمثابة ضربة للمنتقدين في الكونغرس. ويخشى Goldman من أشكال أخرى من التدخل أيضا: على سبيل المثال، شكك السياسيون فيما إذا كان عليه الاستثمار بصورة كبيرة في البنوك الأجنبية، مثل بنك ICBC في الصين.
ويأمل Goldman أن يتمكن من تسوية ديونه لدافعي الضرائب بمجرد حصوله على نتائج اختبارات الجهد التي يتم إجراءها على أكبر 19 بنكا في أمريكا، والتي من المقرر أن تنتهي في نهاية نيسان (أبريل). ويبدو أنه سيحصل بلا شك على شهادة سليمة بالنظر إلى نسبة رأسماله العالية، 164 مليار دولار من النقد وثقافة تعتمد على إعادة تقييم الأصول وفقا لأسعار السوق.
ولكن ما قد يكون جيدا بالنسبة لبنك ما، قد يكون سيئا بالنسبة للنظام ككل. وتخشى هيئات التنظيم من أن السماح لبنك قوي أو اثنين بتسديد المال قد يحول البنوك الضعيفة إلى أهداف ويقضي على القدرة على الإقراض. وتشعر الهيئات بالقلق أيضا بشأن الاحتمالية المحرجة من أن البنوك التي تسدد مبكرا قد تعود إلى الحضيض إذا تدهورت الأسواق ثانية، ما قد يتسبب في اضطرابات سياسية. ويتوقع Brad Hintz من Alliance Bernstein أن تؤجل الحكومة سداد Goldman للمال إلى أن تتمكن مجموعة أكبر من البنوك من السداد في وقت واحد.
وليس من الواضح أبدا متى سيحصل هذا. فحتى Goldman يمر بوضع سيئ أكثر مما توحي نتائجه. فأولا استبعدت النتائج شهر كانون الأول (ديسمبر)، الشهر السيئ الذي تحول فيه Goldman وMorgan Stanley إلى نظام الإبلاغ وفقا للعام الميلادي بأنهما أصبحا شركات مصرفية قابضة.
وثانيا، استفاد Goldman، مثل غيره، من الزيادات لمرة واحدة، مثل زيادة إصدار سندات الشركات مع بدء الأسواق الجامدة بالتحرك مرة أخرى في كانون الثاني (يناير)، ومن إدارة مسائل ديون بعضهما البعض المدعومة من قبل الحكومة. ويتمتع كذلك بهوامش عالية جدا في الفرق في السعر بين العرض والطلب في شركات "التدفق"، مثل الدخل الثابت والعملات والسلع. وقد زادت تلك بنسبة تصل إلى 300 في المائة بفضل زيادة التقلب وتراجع العديد من كبار المنافسين، وذلك وفقا لدراسة أجراها Morgan Stanley وOliver Wyaman الاستشارية. وجاءت 70 في المائة من إيرادات الربع الأول لـ Goldman من الدخل الثابت والعملات والسلع.
ومن المؤكد أن هذه الهوامش ستنخفض مع دخول لاعبين جدد إلى المضمار وعودة بعض اللاعبين القدامى، وإن بحذر شديد. وستكافح شركات أخرى للاضطلاع بالأعمال التي لم تعد شركات أخرى قادرة عليها قريبا. وانخفضت إيرادات الاستثمارات المصرفية على أساس فصلي لـ Goldman بنسبة 20 في المائة. ومن المرجح أن تظل رسوم الاستشارات بشأن عمليات الاندماج منخفضة لعدة سنوات أخرى.
علاوة على ذلك، لا يزال هناك الكثير من الخسائر المالية. فقد كان من المتوقع أن تعلن Citigroup عن سادس خسارة فصلية لها على التوالي في السابع عشر من نيسان (أبريل). ولا تزال تقلص ميزانيتها وتسعى لبيع أصولها غير الأساسية. ومن المتوقع أن يبلغ Morgan Stanley أيضا عن خسارة في الثاني والعشرين من نيسان (أبريل)، ويعود ذلك أساسا إلى اضطراره إلى إعادة تقييم ديونه وفقا لأسعار السوق، التي أصبحت أعلى. وعبر الأطلسي، حذّر بنك UBS السويسري في الخامس عشر من نيسان (أبريل) من خسارة أخرى والمزيد من تخفيضات الوظائف أثناء محاولاته لمنع فرار العملاء الذي وضعه، وفقا لرئيسها المتنحي، في موقف "خطر".
ولا يزال هناك الكثير من الضربات في الأفق. فقد خفضت البنوك في جميع أنحاء العالم أصولها بواقع 1.1 تريليون دولار. ومن المتوقع أن يكون المجموع النهائي ضعف هذا أو أكثر. وقد بدأ الألم الآن فقط بالانتشار في العقارات التجارية والقروض التجارية. ونتيجة لذلك، قد يتبين أن الارتياح المؤقت في الربع الأول هو "وسيلة إلهاء"، كما يقول Chris Whalen من Institutional Risk Analytics.
ومن الأمور غير المساعدة هو أن العديد من البنوك لم تخصص احتياطات كافية لتغطية خسائر الائتمان - مع أن اللوم يقع بالقدر نفسه على قواعد المحاسبة ومديريها. ويقول محللون في Keefe, Bruyette & Woods إن Wells Fargo تحتفظ بمجموعة من الأصول بقيم جيدة وقد تحتاج إلى 25 مليار دولار أخرى كرأسمال، إضافة إلى المبلغ الذي تلقته من وزارة الخزانة البالغ 25 مليار دولار. ولا تحتفظ الكثير من البنوك، مثل Goldman، بمحافظ عقاراتها التجارية قريبة من 50 - 60 سنتا على تقييم الدولار.
والتوقعات طويلة الأجل خطرة بنفس القدر. ففي عام 2006، كانت البنوك الاستثمارية تحقق متوسط عائد على حقوق المساهمين بنسبة 17 في المائة. وللعودة إلى النسب العالية، عليها أن تخفض التكاليف بما يزيد على 100 مليون دولار لكل 100 مليار دولار من الأصول التي تحتفظ بها، كما يعتقد أحد مؤلفي تقرير حديث صادر عن مجموعة بوسطن الاستشارية. ومن المتوقع أن تظل إيرادات البنوك التجارية في حدود 10 - 12 في المائة للأربعينيات والثمانينيات إلى أجل غير مسمّى، كما يقول Richard Ramsden، وهو محلل في Goldman.
ومع أن الجائزة النهائية لن تكون مغرية جدا، إلا أن البعض سيحصل على حصة أكبر. فبنك Barclays، الذي استحوذ على العمليات الأمريكية لـ Lehman Brothers بسعر زهيد، يفتخر الآن بحصة نسبتها 15 في المائة في سوق سندات الخزانة مثلا. ولكن حتى الناجين لا يزالون يأخذون جانب الحذر. ففي الأسبوع الماضي، قال David Viniar، المدير المالي في Goldman، إن أوضاع السوق لا تزال "خطيرة". وأحد التفسيرات التي توضح توقيت جمع رأس المال من قبل البنك هو أنه يريد الاستيلاء على ما يمكنه الاستيلاء عليه في حال كان الربع الثاني أسوأ بكثير من الأول. فلا عجب إذن أن يتم الاستمرار بالاتجار بأسهم البنوك الأمريكية بأقل من ذروتها بنسبة 70 في المائة.

الأكثر قراءة