أين سيذهبون كلهم؟
يواجه الإيرانيون في العراق الذين قاتلوا ضد الجمهورية الإسلامية مستقبلا غامضا.
يقول أحد الغربيين المتحدثين باللغة الفارسية بعد أن أمضى أسابيع في معسكر أشرف الذي يبعد 65 كيلومترا (40 ميلا) شمال شرق بغداد، حيث يرابط نحو 3.400 منشق إيراني أصبحوا مهددين الآن بالطرد من العراق، بل وربما إعادتهم إلى إيران: "لقد كان هذا من أغرب الأماكن التي زرتها على الإطلاق." فقد كان "مثل مدينة أنيقة متوسطة الحجم في إيران"، فيها متنزهات ومكاتب ومبان - ولكن ليس فيها أطفال. وكانت "مملة باردة وحزينة". وقبل نحو عقدين من الزمن، تم "تفكيك" العائلات التي تعيش في المعسكر، وتطليق الأزواج بالقوة، وإرسال أطفالهم بعيدا، ليعيش الكثير منهم مع مؤيدين يعيشون في الغرب، وتتم تربيتهم وفقا لمبادئ وعقيدة الحركة التي توصف على نطاق واسع من قبل مراقبين مستقلين بوصفها طائفة دينية.
ويحمي الأمريكيون المعسكر طوال السنوات الست الماضية، الذي ترفض الطوائف العراقية المحيطة ومعظم الإيرانيين أسباب وجوده، سواء كانوا مع أو ضد النظام الديني في طهران. ولكن مع استعداد القوات الأمريكية للعودة للوطن، تقول الحكومة العراقية الآن، التي تريد إقامة علاقات حميمة مع إيران، إنه يجب إغلاق المعسكر وتفريق سكانه، وربما إعادتهم إلى إيران، الذين أقل ما يمكن أن يُقال هو أنهم يواجهون مستقبلا غامضا.
وتعرف المجموعة بأسماء مختلفة، مثل مجاهدي الشعب الإيراني أو منظمة مجاهدي خلق. وقد تم تشكيلها عام 1965 بوصفها حركة معارضة سرية من الشباب ضد شاه إيران، وكانت توصف غالبا بأنها "ماركسية إسلامية". وحين سقط الشاه، دعمت الحركة في البداية آية الله الخميني ولكنها سرعان ما اختلفت معه، فشرعت في حملة من العنف والتفجيرات التي يعتقد أنها تسببت، في حادثة واحدة فقط، بمقتل 70 مدنيا، بمن فيهم العديد من كبار رجال الدين؛ وكانت إحدى نتائج ذلك التفجير إصابة ذراع المرشد الأعلى الحالي لإيران، آية الله علي خامنئي، بحيث لم يعد قادرا على استخدامها. وتسمى المظلة السياسية للمجموعة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية.
وهرب زعيم مجاهدي الشعب الإيراني، مسعود رجوي، إلى فرنسا عام 1981، ولكنه انتقل مع أتباعه، وكثير منهم من النساء، عام 1986 إلى العراق، حيث منحهم صدام حسين قاعدة كبيرة في مخيم أشرف، الذي يعتقد أن محيطه يبلغ 20 كيلومترا. وزود صدام حسين مجاهدي الشعب الإيراني بالكثير من الدبابات البرازيلية والبريطانية (التي تم الاستيلاء عليها من إيران خلال حرب 1980 - 1988) وناقلات الجنود المدرعة الروسية، من بين أسلحة أخرى. وفي المقابل، شن مجاهدي الشعب الإيراني هجمات على إيران نفسها، ولهذا السبب يعتبر الإيرانيون من جميع المشارب المجموعة بوصفها جماعة من الخونة. ويُقال أيضا إنها قادت هجمات صدام على الأكراد والشيعة العراقيين المتمردين عام 1991، بعد حرب الخليج الأولى، وهي تهمة تنفيها بشدة.
اتباع القائد
وما لا يقل إثارة للجدل هو أن حركة مجاهدي الشعب الإيراني مكروهة على نطاق واسع من قبل جماعات حقوق الإنسان لأنها تشجع على عقيدة عبادة الشخصية لرجوي وزوجته، مريم، ولأنها تفرض الانضباط الاستبدادي على أتباعها. ويشهد العديد من المنشقين، على حد تعبير أحدهم، بأن هناك "تلقينا مطلقا باستمرار" وشرطا بالخضوع المطلق التام للقضية. ولا يسمح بأية مصادر للأخبار دون موافقة مجاهدي الشعب الإيراني. ووفقا لأحد المنشقين، تم إرسال نحو 50 شخصا تمردوا ضدها إلى سجن صدام حسين في أبو غريب، غرب بغداد.
والأعضاء معزولون تماما عن الاتصال بعائلاتهم. وحين مكّن الغربي المتحدث باللغة الفارسية المذكور أعلاه، والذي زار معسكر أشرف عام 2004، أعضاء المجموعة المترددين من التحدث مع عائلاتهم في إيران من خلال اتصال هاتفي عبر الأقمار الصناعية، رفض بعض الأهالي تصديق أن هؤلاء أطفالهم، لأن مجاهدي الشعب الإيراني قالوا لهم إنهم ماتوا.
ولا أحد يعلم فيما إذا كان رجوي لا يزال حيا، إلا أن الكثيرين يعتقدون أنه ليس كذلك، حيث لم يسمع عنه شيء منذ الغزو الأمريكي عام 2003. وتسافر زوجته، التي تعرف باسم "الرئيسة المنتخبة"، في أرجاء العالم، لطلب الدعم من مجموعة واسعة من المتعاطفين، بمن فيهم بعض الأشخاص في الكونجرس الأمريكي، والبرلمان الأوروبي، ومجلس اللوردات البريطاني. ولا أحد يعلم الشخص المسيطر على مجاهدي الشعب الإيراني في معسكر أشرف. ويُعتقد أن نحو 400 من السكان عادوا طوعا إلى إيران، حيث يُقال إنه تمت معاملتهم على نحو لائق حتى الآن. ولكن من يمكن أن يعرف حقا ما سيحدث؟ ويسعى المئات غيرهم للحصول على وضع اللاجئين في مناطق أخرى. ولدى بضع عشرات منهم - أو بالأحرى كانت لديهم - جوازات سفر إلى الدول الغربية، والتي تحقق بعضها من حسن نيتهم.
وفي العام الماضي، أزال البرلمان الأوروبي والمحاكم البريطانية علامة "الإرهابي" من مجاهدي الجيش الإيراني، على أساس أن الجماعة تقول إنها نبذت العنف، ولم يعرف أنها نفذت أية أعمال إرهابية منذ ذلك الحين، منذ 2002، وسلمت أسلحتها (على الأقل الأسلحة الثقيلة) في معسكر أشرف بعد الغزو الأمريكي. وقد أثار هذا حفيظة العديد من الحكومات الوطنية، خاصة البريطانية والفرنسية، التي تعتقد أن مجاهدي الشعب الإيراني مصدر إزعاج كبير وأن وجودها على أراضيها يضر بالعلاقات مع كل من العراق وإيران.
ولا تزال هذه الحركة تعتبر منظمة إرهابية في الولايات المتحدة، ولكن لديها جماعة ضغط قوية هناك أيضا، مدعومة من قبل مزيج من المحافظين الجدد واليساريين، تصدق دون تحقق إصرار الجماعة على أنها حركة علمانية وديمقراطية تحظى بدعم جماهيري في إيران وفرصة حقيقية لإسقاط نظام رجال الدين في النهاية. وفي أوروبا، أدلت جماعة الضغط الخاصة بها بالكثير من التصريحات أخيرا عن موفق الربيعي، مستشار الأمن القومي العراقي، الذي أوضح أنه يريد حل المعسكر وإرسال سكانه إلى الخارج، خاصة إلى إيران، التي أصبح حكامها أكثر صخبا في دعوة زملائهم الشيعة المسيطرين في بغداد لإعادتهم.
وتملك حركة مجاهدي الشعب الإيراني شبكة معقدة من الأنصار المتحمسين. ولا شك أن صوتها الذي يعبر عن الغضب اليائس سيعلو أكثر إذا استسلم الأمريكيون لمطالب العراقيين والإيرانيين بتفكيك الحركة. إلا أن هذا قد يحدث.