المهمة: ممكنة

المهمة: ممكنة

وُعد صندوق النقد الدولي بالمزيد من المال وبدأ يشعر من جديد بفائدته. ولكن لا تزال هناك حاجة للإصلاح- خاصة إذا أراد أن يكسب ثقة الاقتصادات الناشئة.

حتى وقت قريب، في أواخر تشرين الأول (أكتوبر)، كان يبدو أن صندوق النقد الدولي لم يعد له أهمية مطلقا. فطلبات الاقتصادات الناشئة للحصول على خدمات الإنقاذ التي يقدمها تقل أكثر فأكثر منذ عدة سنوات. وقد كانت تتدفق عليها الكثير من الأموال الخاصة - وكانت العديد منها تبني احتياطات هائلة خاصة به لاستخدامها في الأوقات السيئة. وحتى أثناء غرق العالم في الأزمة المالية، لم يكن هناك تقريبا طلب على أموال الصندوق البالغة نحو 250 مليار دولار. ولم يعد الحديث في مقر الصندوق يتمحور حول دوره في حل الأزمة المالية العالمية، بل عن فيما إذا كان له دور في ذلك. وقد اضطر بسبب تقليص الميزانية إلى إقناع بعض موظفيه بالتقاعد المبكر.
إلا أن صندوق النقد الدولي لم يعد على الهامش. ففي مؤتمر صحافي في لندن بعد قمة مجموعة العشرين في الثاني من نيسان (أبريل)، لم يتمكن مديره الإداري، دومينيك شتراوس - خان، من إخفاء سعادته حين قال عن بلاغ الاجتماع إن "كل فقرة، أو تقريبا كل فقرة- لنقل الفقرات المهمة - مرتبطة بشكل أو بآخر بعمل صندوق النقد الدولي".
وفي لندن، قرر قادة أكبر الاقتصادات الغنية والناشئة في العالم أنه يجب أن يحصل صندوق النقد الدولي على المزيد من الموارد ويلعب دورا أكبر في الاقتصاد العالمي من دوره السابق. وقالوا إنه ستتم زيادة موارد الصندوق بمقدار 500 مليار دولار إلى 750 مليار دولار، وإنه سيتم السماح له بإصدار ما قيمته 250 مليار دولار من عملته التي تسمى حقوق السحب الخاصة، من أجل زيادة السيولة في الاقتصادات الناشئة والنامية. وتتوقع مجموعة العشرين أيضا أن يضمن صندوق النقد الدولي "الرقابة النزيهة العادلة والمستقلة" على الاقتصادات الكبيرة وبنوكها، وعلى تأثير سياساتها في غيرها، وفي المخاطر التي تواجه الاقتصاد العالمي.
ويقول المتشائمون إن الدول التي عقدت القمة دعمت تقوية الصندوق لأن هذا هو الشيء المهم الوحيد الذي استطاعت الاتفاق عليه. فهي لم تقدم وعودا جديدة فيما يتعلق بحوافز الميزانية المنسقة مثلا، ولا تزال تفاصيل الإجراءات التي ستتخذها مجموعة العشرين لتمويل التجارة غير واضحة. ومع ذلك، لا شك أن اجتماع مجموعة العشرين أكد ارتفاع نجم صندوق النقد الدولي في الأشهر الأخيرة. فقد أصلح في الآونة الأخيرة مخططات الإقراض الخاصة به، إلى جانب الشروط المرتبطة بتلك القروض، وبدأ بالفعل في توفير الأموال التي تبدو أشبه بتأمين ضد الأزمة من كونها قروضا عادية لدول وقعت في المشكلات. وتحدثت الصين وروسيا عن جعل الصندوق هو مصدر عملة الاحتياط العالمية لاستبدال الدولار.
ولكن ما يهم العالم ليس الحظ الجيد للمؤسسة نفسها بقدر قدرتها على تنفيذ المهام التي يتم تكليفها بها. ومن أجل ذلك، يجب على صندوق الدولي إظهار قيادة فكرية في المناقشات المتعلقة بالاقتصاد العالمي؛ وسيحتاج إلى الأدوات الصحيحة لمعالجة المشكلات التي يحددها؛ وعليه أن يكتسب الشرعية لضمان أخذ تشخيصه وتوصياته على محمل الجد. وستعتمد قدرته على القيام بكل هذا على ما يتم فعله لمعالجة الأسباب الجذرية لتهميش الصندوق في السابق. وهذا يعني معالجة المشكلات التي لم يتم حلها بشأن توفير الموارد لصندوق النقد الدولي، والطريقة التي يقرض بها المال إلى الحكومات المحتاجة، والطلب على القروض من الاقتصادات الناشئة، والطريقة التي تتم بها إدارة الصندوق.
ولنبدأ بالموارد الإضافية البالغة 500 مليار دولار، الجزء الأساسي من تصريحات مجموعة العشرين. وهذه ليست جديدة بالكامل، ولكن من غير الواضح من أين ستأتي كلها. وما لم يكن معروفا قبل القمة هو فقط قرض بقيمة 40 مليار دولار من الصين، الذي لم تؤكده بعد الحكومة الصينية. وتأتي 200 مليار دولار أخرى من إضافة مجموعتين بقيمة 100 مليار دولار وعدت بتقديمها اليابان، التي وقعت حكومتها اتفاقية مع صندوق النقد الدولي في شباط (فبراير)، والاتحاد الأوروبي. وبهذا، فإن المبلغ المتبقي الذي يجب إيجاده هو 260 مليار دولار. وقد بدأت بعضها بالتدفق ببطء: عرضت كندا عشرة مليارات دولار والنرويج 4.5 مليار دولار. ومن المتوقع أن تقدم أمريكا 100 مليار دولار. ويتوقع كذلك أن يتم تقديم مساهمات من السعودية وغيرها من الاقتصادات الناشئة.
وعلى الرغم من الشكوك المتعلقة بمدى وحداثة هذه الموارد الجديدة، إلا أن الواقع هو أن صندوق النقد الدولي لديه الآن المزيد من الأموال المتاحة. وحتى بدون تلك الأموال، لا يزال الصندوق يملك نحو 150 مليار دولار يمكنه إقراضها هذا العام. فما الذي يفسر إذن الاتفاق واسع النطاق على أنه يجب تعزيز الصندوق على وجه السرعة؟

أحد أسباب حاجة صندوق النقد الدولي للمزيد من المال هو هروب رأس المال الخاص من الاقتصادات الناشئة. ويتوقع معهد التمويل الدولي، وهو مجموعة من المصرفيين، أن تكون تدفقات رأس المال إلى الاقتصادات الناشئة أقل بنسبة 80 في المائة عنها في عام 2007. وهذا يعني أن الأموال ستتوجه إلى صندوق النقد الدولي (أو أي مصادر رسمية أخرى) لتجنب التخفيضات الحادة في الإنفاق المحلي. بالإضافة إلى ذلك، يريد الصندوق توفير تأمين ضد الأزمة للاقتصادات الناشئة الكبيرة التي تعاني فقدانا مؤقتا للسيولة ولكن التي تطبق سياسات سليمة في الأساس.
وبدلا من التفاوض على الحصول على قرض حين تصبح دولة ما في حالة يرثى لها، سيقدم صندوق النقد الدولي خط ائتمان طارئ. ولن يكون هذا الخط مشروطا بأي من قيود السياسة المرتبطة عادة بقروض الصندوق. ولن تضطر الدولة للسحب من خط الائتمان إلا إذا احتاجت لذلك؛ إلا أن وجود الائتمان يمنح المستثمرين الثقة بقدرتها على الخروج سليمة من العاصفة.
وقد طلبت المكسيك أول طلب لهذه الترتيبات، بقيمة 47 مليار دولار، في إطار برنامج جديد لصندوق النقد الدولي، وهو خط الائتمان المرن. ومع أنه من غير المعروف بعد فيما إذا كان هذا المخطط سيحظى بالشعبية، إلا أنه من الواضح أن الصندوق لا يستطيع أن يدعي بمصداقية أنه يريد دعم دول أخرى على مثل هذا النطاق إلا إذا كان لديه المزيد من المال. وإذا تم السحب من رزمة الأموال المقدمة للمسكيك، فستأخذ نسبة الثلث من أموال الصندوق المتاحة للإقراض هذا العام.
والأهم من ذلك هو أن جعل صندوق النقد الدولي أكثر قوة ولطفا سيمنح الاقتصادات الناشئة بديلا موثوقا لممارسة بناء احتياطات هائلة من العملة الأجنبية. وقد قام الكثير من الدول بفعل هذا خلال العقد الماضي لحماية نفسها ضد تقلبات تدفقات رأس المال أو أسعار السلع. وبالنظر إلى إمكانية الحصول على تأمين مع صندوق النقد الدولي، ستقل حاجة الدول لتأمين نفسها باحتياطات هائلة أو ترتيب خطوط تبادل ثنائية كبيرة. فحين تكون لدى الاقتصادات الناشئة احتياطات بقيمة مئات المليارات من الدولارات لكل منها، لا يمكن لصندوق النقد الدولي توفير بديل موثوق للتأمين الذاتي بأموال لا تزيد على 250 مليار دولار.

العرض والطلب
ويتمثل النهج الذي تم اتباعه خلال الأشهر القليلة الماضية بمعالجة جانب العرض من مشكلات صندوق النقد الدولي عن طريق ضمان عدم إعاقته بسبب نقص الأموال. إلا أن معالجة جانب الطلب مهم بالقدر نفسه - ولدى الحكومات أسباب مفهومة في ترددها لطلب المساعدة.
ويربط الصندوق قروضه بشروط صعبة، وذلك لأن الدول لا تلجأ عادة للصندوق إلا حين تقع في ورطة كبيرة. وتشمل تلك الشروط عادة تخفيض عجز الميزانية، غالبا عن طريق تخفيض الإنفاق العام، أو زيادة أسعار الفائدة. وهكذا أصبح الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي وسيلة للتقشف، مما يجعل السياسيين الذي يلجأون للصندوق (والصندوق نفسه) غير شعبيين. كما أن الأسواق أيضا تتعامل مع أية أخبار ولو كانت إشاعات عن اللجوء لصندوق النقد الدولي بوصفها دلالة على أن الأمور خرجت عن السيطرة. ونتيجة لذلك، تتجنب الدول الصندوق إلا إذا لم يعد لديها أية خيارات. وقد اتضح ذلك في حالة باكستان، التي كانت من أوائل المقترضين من الصندوق خلال الأزمة الحالية. وقد بذلت الدولة جهودا جبارة للحصول على عمليات إنقاذ ثنائية، حيث لجأت إلى الصين والسعودية قبل أن تلجأ أخيرا إلى الصندوق.
ولا يعني أي من هذا أن على الصندوق تجنب فرض شروط في الحالات التي يكون فيها سوء الإدارة هو الذي أوقع دولة ما في الأزمة، أو أنه على وشك التوقف عن فعل هذا. إلا أن وصمة العار السياسية وفي السوق المرتبطة باسم الصندوق قد تعرقل قدرته على العمل كهيئة تأمين. ومن غير المحتمل أن ترغب الحكومات بالحصول على تأمين ضد الأزمات من صندوق النقد الدولي إذا كانت تعتقد أن الناخبين والمستثمرين سيتخلون عنها.
ويتضح إدراك صندوق النقد الدولي لهذه المشكلة في التصميم الذي تم وضعه بعناية لأداة التأمين الخاصة به، أي برنامج خط الائتمان المرن، الذي حل محل برنامج تسهيلات السيولة قصيرة الأجل الذي أدخله الصندوق في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. فهذه المحاولة لمساعدة الدول المدارة بصورة جيدة لم تجد مشترين. ووفقا لـ Alejandro Werner، نائب وزير المالية المكسيكي، فإن ما أغرى دولته ليس فقط مرونة وحجم التسهيلات الجديدة، بل أيضا حقيقة أن صندوق النقد الدولي استشار الاقتصادات الناشئة خلال تصميم البرنامج لضمان أن يلبي احتياجاتها.
وعلى الرغم من أن استجابة المكسيك لبرنامج خط الائتمان المرن تعتبر إشارة جيدة، إلا أن وصمة العار المرتبطة بالاقتراض من صندوق النقد الدولي لا تزال مصدر قلق. وحين سئل الرئيس البرازيلي، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، عن اهتمام دولته بالبرنامج، أجاب "بفخر كبير.. أن البرازيل لا تحتاج إلى المال من صندوق النقد الدولي." والاقتصادات الآسيوية حذرة بصورة خاصة من الصندوق بعد ما يعتبره كثيرون عمليات إنقاذه الفاشلة لأزمة 1997-1998. وقال محافظ البنك المركزي الإندونيسي في السادس من نيسان (أبريل) أن الاعتبارات السياسية ستمنع اللجوء إلى صندوق النقد الدولي وفقا للمخطط الجديد.
والعار المرتبط بالاقتراض من صندوق النقد الدولي قد تصعّب أيضا مهمة الصندوق بتطوير وظيفته الجديدة كهيئة تأمين من أجل التقليل من الاختلالات العالمية. ولدى Eswar Prasad، الرئيس السابق لوحدة الصندوق في الصين الذي يعمل الآن في مؤسسة بروكينجز الفكرية في واشنطن، فكرة طموحة بأن يفرض الصندوق أقساطا لتوفير التأمين ضد الأزمات. ويقترح Prasad أقساطا تختلف وفقا للسياسات الاقتصادية للدول. فالدول التي تزيد المخاطر العالمية (إما عن طريق إدارة فوائض أو حالات عجز) ستدفع المزيد من المال، مثلما تعتمد أقساط تأمين السيارة على سجل السلامة السابق للسائق. ومن شأن ذلك أن يسمح لصندوق النقد الدولي باستخدام وظيفته الجديدة كهيئة تأمين لمعالجة الاختلالات العالمية.
إلا أن هذا أيضا مرهون بسمعة الصندوق. فهناك خوف يكاد يكون غريزيا من اللجوء إلى الصندوق، خاصة بعد الأزمة الآسيوية، وهذا الخوف مسؤول، جزئيا على الأقل، عن بناء الاحتياطات الهائلة. ويعترف Prasad بهذا، قائلا إن "الأسواق الناشئة الرئيسية ستظل حذرة من الاعتماد على صندوق النقد الدولي للحصول على دعم مالي طارئ إلى أن تقتنع أن الصندوق تغير تماما".

الركض (بعيدا) عن الصندوق

ربما تخشى الاقتصادات الناشئة من صندوق النقد الدولي، إلا أن الاقتصادات المتقدمة تحتقره. فالدول الغنية لم تتقبل أبدا انتقاداته لسياساتها أو تستجيب لاقتراحاته. وتتأثر مواقف كل من الدول الغنية والفقيرة بالشخص الذي يدير الصندوق والأشخاص الذين يتحدث باسمهم.

ولا تثق الاقتصادات الناشئة بصندوق النقد الدولي لأنها لا تعتقد أن كلمتها مسموعة فيه. أما الدول الغنية، التي تتمتع بالسلطة داخل المؤسسة، فلا تأخذه على محمل الجد. والصندوق، الحذر دائما من الذي يتولى أمواله، "متردد بصورة مفرطة في التحدث مع الدول الغنية بشأن الأخطاء في سياساتها،" وفقا لـ Raghuram Rajan، كبير الاقتصاديين السابق في صندوق النقد الدولي والأستاذ في كلية Booth للأعمال في جامعة شيكاغو.
ويتضح توازن القوى في صندوق النقد الدولي من خلال أصوات الدول الأعضاء. فهذه الدول منحازة بشكل عام إلى "حصص" الدول أو امتلاك الأسهم، التي لا تزال بعد عدة دورات من الإصلاح تعبر إلى حد كبير عن تراث التوزيع العالمي للقوة الاقتصادية في نهاية الحرب العالمية الثانية. وحتى بعد التغيير المقترح بتغيير حصص الأصوات، ستحظى البرازيل، التي تمتلك 1.72 في المائة من الأصوات، بوزن أقل من بلجيكا، التي تمتلك 1.86 في المائة. وستظل الدول الأوروبية معا تملك أكثر من 30 في المائة من الأصوات، في حين سيكون لدى أمريكا نحو 17 في المائة. وتريد مجموعة العشرين أن ينفذ صندوق النقد الدولي تغييرات الحصص التي تم الاتفاق عليها أخيرا بحلول تشرين الأول (أكتوبر)، وتنفيذ الجولة التالية من إصلاح الحصص، المقررة لعام 2013، في موعد أبكر وهو كانون الثاني (يناير) 2011. إلا أن إصلاح الحصص الأكثر طموحا، الذي سيؤدي إلى تغيير كبير في السلطة، سيشمل مفاوضات شاقة: حصص أكبر من الأصوات للاقتصادات الناشئة الكبيرة، مما يعني حصصا أصغر للدول الغنية. ودون هذا التحول أو بعض التفكير الإبداعي، من الصعب أن يكتسب الصندوق الشرعية بين الاقتصادات الناشئة.
وإحدى الأفكار، التي سيكون من السهل نسبيا وضعها موضع التنفيذ، هي تخفيف قبضة أوروبا على تعيين المدير الإداري لصندوق النقد الدولي. (يكون رئيس المؤسسة الشقيقة للصندوق، البنك الدولي، أمريكي بموجب اتفاق). ومن الواضح أن التزام مجموعة العشرين بضمان أن "يتم تعيين الرؤساء والقيادة العليا للمؤسسات المالية الدولية من خلال عملية انتقاء مفتوحة وشفافة وقائمة على الاستحقاق" خطوة في هذا الاتجاه. وليس هذا مثل اختيار الرؤساء "بغض النظر عن الجنسية"، كما طالب وزراء مالية البرازيل والصين والهند وروسيا حين اجتمعوا الشهر الماضي. إلا أن Rajan يقول إنه حتى أضعف التزام من قبل قادة مجموعة العشرين يجعله "واثق نوعا ما من أن عملية الانتقاء التالية لن تكون مغلقة". وهو يقول إن على صندوق النقد الدولي بذل جهد كاف لمنح الانطباع بالتغيير. وعلى الأقل، يجب أن يتم رؤية أن هناك فرصة كبيرة لكي يفوز المرشحون من غير الأوروبيين، حتى إن انتهت الوظيفة بيد شخص أوروبي.
وهناك كثير من الأفكار لإصلاح حوكمة الصندوق. ففي الرابع والعشرين من آذار (مارس)، رفعت لجنة معينة من قبل صندوق النقد الدولي برئاسة وزير مالية جنوب إفريقيا، Trevor Manuel، تقريرا إلى الصندوق. وأوصت بتخفيض النسبة المئوية للأصوات اللازمة لاتخاذ أهم قرارات الصندوق من 85 في المائة إلى بين 70 و75 في المائة. والحد الحالي يشبه الفيتو بالنسبة لأمريكا، التي تملك نسبة تبلغ 17 في المائة. وتخفيض النسبة إلى 70 في المائة سيسهم في التخلص من مصدر آخر يسبب انزعاج الدول الناشئة. ولم يذكر بلاغ مجموعة العشرين هذه الفكرة.
وأيضا، لم تشر مجموعة العشرين صراحة إلى فكرة أخرى قدمتها لجنة Manuel، وهي إنشاء مجلس إشرافي لصندوق الأمم المتحدة يتألف من وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية، لتوفير منتدى للتنسيق والقرارات الاستراتيجية المهمة في تحقيق الاستقرار العالمي. ووفقا لـ Rajan، فإن هذا سينتزع سلطة اتخاذ القرارات الاستراتيجية من أيدي البيروقراطيين ويضعها بيد الأشخاص الذين يحظون بشرعية سياسية أكبر. ويقول أيضا إنه لا يجب الاستهانة بأهمية التفاعل المنتظم والمتكرر على مستوى سياسي رفيع. فهذا سيسهّل على الدول الناشئة والغنية مناقشة السياسة بصورة أكثر انفتاحا وصراحة مما يفعلون الآن. إلا أن مجموعة العشرين لم تشر إلا بغموض إلى ضرورة "المشاركة الأكبر لمحافظي الصندوق في توفير التوجيه الاستراتيجي لصندوق النقد الدولي".

أصوات للجميع

وليس بالضرورة أن يكون إصلاح الحصص مستحيلا، وإن كان صعبا جدا. ولدى Prasad فكرة مبتكرة عن كيفية تعديل الحصص لتعكس واقع الاقتصاد العالمي. فهو يقترح تقليص جميع الحصص الحالية بنسبة 20 في المائة، بحيث إن الدولة التي تملك الآن نسبة 10 في المائة من الأصوات ستحصل على 8 في المائة. وحينها يمكن بيع نسبة الـ 20 في المائة من الحصص التي تم تحريرها، بحيث يكون هناك حد أعلى (14.9 في المائة مثلا) لنسبة الحصص التي يمكن للدولة الحصول عليها. وفي الواقع، سيمنح هذا صوتا أعلى في صندوق النقد الدولي لأولئك الذين يريدونه بشدة، مما يمنحهم حصة أكبر في نجاحه.
وتعترف كل هذه الأفكار بأهمية جعل صندوق النقد الدولي مؤسسة تعكس التغيرات التي حدثت على مر السنين في الاقتصاد العالمي. وسرعان ما سيحصل على القوة اللازمة ليكون بمثابة هيئة إقراض معتمدة خلال الأزمات وهيئة تأمين ضد الأزمات. وقد أظهر بعض النشاط عن طريق إعادة النظر في الطريقة التي يقرض بها من أجل تلبية احتياجات الاقتصادات الناشئة الكبيرة على نحو أفضل.
ومع ذلك، لا يزال الطريق أمامه طويلا ليصبح مؤسسة موثوقا بها من قبل العالم الناشئ ومحترمة من قبل العالم الغني، ويكون بالتالي بمثابة مكان للتعاون المالي الفاعل متعدد الأطراف. ودون إجراء مزيد من التغييرات على الطريقة التي يعمل ويدار بها، قد يجد نفسه يعاني من المشكلات الكامنة نفسها والتي دفعته إلى الهامش قبل أن تعيده الأزمة. وقد لا يكون قادرا على التأثير كثيرا في مشكلات الاقتصاد العالمي، على الرغم من حصوله على مزيد من المال.

الأكثر قراءة