المزيد من الجنود والمال
كانت الخطوة الأولى لحملة باراك أوباما ضد طالبان والقاعدة ناجحة كما كان يأمل. فبعد أيام من إعلانه عن سياسة جديدة للتعامل مع المتطرفين من كلا جانبي الحدود الأفغانية الباكستانية، اجتمعت قرابة 90 دولة وهيئة دولية في لاهاي لتقديم الدعم له.
وأشاد المندوبون بالجهود الأمريكية "المتجددة" أو "المنتعشة" أو "المعززة" بعد سبع سنوات من القتال المحبط والمكلف. وأكثر الدول المشاركة التي تمت مراقبتها عن كثب هي إيران، التي تتودد إليها أمريكا. فقد أعلنت أنه على الرغم من كرهها للقوات الأجنبية "غير الفعالة" في أفغانستان، إلا أنها "على استعداد تام" للمساعدة في مكافحة تجارة المخدرات وإعادة بناء أفغانستان. أما روسيا، التي تريد أمريكا "إعادة ضبط" علاقاتها المضطربة معها، فقد قالت إنها قد تبذل جهودا أكبر بعد السماح لأمريكا بإرسال إمدادات غير عسكرية إلى أفغانستان عبر أراضيها (يمكن أن ترسل فرنسا وألمانيا معدات عسكرية).
وقد بدأ المؤتمر في لاهاي بصورة مملة، بوصفه منتدى لمناقشة قضية أفغانستان مع الدول التي تسهم بالجنود والجهات المانحة المستبعدين من قمة الذكرى الستين للناتو التي كانت تضم "العائلة فقط" في الثالث والرابع من نيسان (أبريل). وسرعان ما تحولت إلى عرض للنهج الاستشاري الجديد لإدارة أوباما تجاه المشكلات الدولية.
ولكن إذا كان يمكن للمؤتمرات والكلمات أن تؤدي لكسب الحروب، لكان تم هزيمة طالبان منذ فترة طويلة. فهل يمكن أن تنجح الاستراتيجية الجديدة أكثر من السابقة؟ بالنسبة لأوباما، فإن الجانب الباكستاني من حزام البشتون غير الخاضع للقوانين هو التهديد الأكبر على الأمن العالمي. فمعظم كبار قادة طالبان والقاعدة منتشرين هناك، ولا يجب السماح لهم بالاستيلاء ثانية على السلطة في أفغانستان. وقد صرفت العراق انتباه أمريكا وأموالها وجنودها عن تلك المنطقة؛ والآن يجب إعادة توجيه كل هذا إلى ما يصفه المسؤولون الأمريكيون "أفغانستان- الباكستان".
وتستعير استراتيجية أوباما "الشاملة"، التي تم كشف النقاب عنها في السابع والعشرين من آذار (مارس)، الكثير من "زيادة" جورج بوش العسكرية في العراق: التعزيز العسكري، وتقوية الحكومة والاقتصاد؛ وبناء قوات أمن محلية كبيرة؛ والتودد للمتمردين "الميالين للتسوية"؛ والسعي للحصول على دعم أوسع نطاقا.
ولكن تم تجربة الكثير من هذا في أفغانستان في السابق. ويقول Kai Eide، مبعوث الأمم المتحدة في كابول، إنه "يجب أن ينتهي زمن النقاش الاستراتيجي"؛ فقد حان الوقت الآن للتنفيذ. وهنا يمكن لأوباما أن يحدث فرقا. وقد أمر بنشر 17 ألف جندي إضافي، إضافة إلى أربعة آلاف مدرب عسكري. وسيتوسع الجيش الأفغاني ليصبح 134 ألفا بحلول عام 2011؛ وستكون قوة الشرطة البالغ قوامها 80 ألف شرطي أفضل تدريبا؛ ومن المرجح أن ينمو كلاهما بعد ذلك، اعتمادا على الأموال المتوافرة وقوة طالبان.
ولا يطلب أوباما من الحلفاء تقديم مزيد من الجنود (مع أن هناك حاجة لذلك)، حيث يركز اهتمامه بدلا من ذلك على طلبات قد تكون أكثر قبولا، مثل مزيد من المال ومدربي الشرطة والخبراء المدنيين. وفي محاولة لضمان الدعم الإسلامي، تم الطلب من دول الخليج تقديم مساعدة مماثلة.
ويبدو كل هذا أقل بكثير مما يعتقد كثير من الجنرالات أنه ضروري لشن حملة فعالة لمكافحة التمرد. إلا أن الأمل هو أنه إذا تمكنت أمريكا من عكس مسار الزخم الذي تتمتع به طالبان في موسم القتال المقبل، قد يبدأ بعض المتمردين بتغيير مواقفهم. وفي الوقت الراهن تبدو "المصالحة" محدودة، حيث إنها ستستثني كبار قادة طالبان مثل الملا عمر، الذي يعتبر "غير قابل للقبول بتسوية". من جانبه، يتقبل فريق أوباما أنه سيضطر للتعامل مع الرئيس حميد قرضاي على الرغم من الانتقادات اللاذعة لفشله في الحد من الفساد؛ فقد أشادت وزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون، "بدوره القيادي الحاسم". وتقترح أمريكا الآن عقد "اتفاق" مع قرضاي من شأنه تحديد "معايير" غير محددة لتحسين الأداء.
وتحول اهتمام أمريكا من أفغانستان إلى الجانب الباكستاني من الحدود. ومثل بوش، لا يزال أوباما يشن هجمات بالطائرات الآلية والصواريخ الموجهة على "أهداف ذات قيمة عالية" في الحزام القبلي في الباكستان، بل ووسع أوباما نطاق الأهداف لتشمل ليس فقط المقاتلين الأجانب في القاعدة، بل أيضا أعضاء طالبان الباكستانية. وفي الأول من نيسان (أبريل)، قالت التقارير إن الصاروخ الذي تم إطلاقه على مجمع لطالبان في الباكستان تسبب في مقتل 12 شخصا.
وفي انتقاد لسياسة بوش في العراق، يقول أوباما "إننا لن نكمل الطريق حتى النهاية على غير هدى". ولكن بما أنه جعل قضية أفغانستان-الباكستان حربه الآن، سيواجه أوباما المعضلة نفسها التي واجهها بوش: إذا فشلت الحملة العسكرية، فهل يستسلم أم يكمل؟ ولن يتمكن بسهولة من التخلي عن المنطقة التي تعتبر، على حد قوله، "أخطر مكان في العالم".