التفكير جديا في مشكلة طالبان
في مقابلة حديثة مع صحيفة New York Times، قال الرئيس باراك أوباما إن "جزءا من النجاح في العراق يشمل التواصل مع الأشخاص الذين نعتبرهم أصوليين إسلاميين ولكنهم مستعدون للعمل معنا،" ولمّح بأنه "قد تكون هناك فرص مماثلة في أفغانستان والمنطقة الباكستانية." وفي وسط الاستعراضات المختلفة للسياسة الغربية في أفغانستان الجارية الآن، كان هناك موضوع واحد ثابت: إذا كان من غير المحتمل تبني حل عسكري لحل مشكلة التمرد، فقد يكون من الضروري التحدث إلى المتمردين. ولكن هل هذا ممكن حقا؟ وهل هناك طالبان "معتدلة" مستعدة للحديث مع التحالف بقيادة الناتو؟
إن الجواب عن السؤال الثاني هو نعم، مع أنه بالكاد يمكن تسميتهم معتدلين. وصحيح أنه منذ عام 2001، حافظت قيادة طالبان المتمركزة في مدينة Quetta في باكستان على علاقاتها مع القاعدة. وتوفر المنظمتان بعض الدعم العسكري لبعضهما بعضا، ويبدي الكثير من مقاتلي طالبان إعجابهم بأسامة بن لادن. إلا أن هناك عددا قليلا جدا من المقاتلين الأجانب في أفغانستان، ولا تتكبد طالبان عناء محاولة تجنيدهم. وكما قال حزب الله مجاهد، وهو متحدث باسم طالبان، لكاتب هذا التقرير، فإن "على جميع المجاهدين الذين يأتون إلى أفغانستان للقتال القبول بمبادئ وقواعد وأنظمة الإمارة. ويمكنهم القتال إلى جانب طالبان، ولكن لا يمكنهم إعطاء الأوامر. فعليهم تلقي الأوامر. ولا يسمح لأي من المقاتلين الأجانب بأن يكونوا قادة".
علاوة على ذلك، فإنه بالنسبة لمعظم مقاتلي طالبان، فإن أيديولوجية الجهاد العالمي أقل أهمية من أمور أخرى: قومية البشتون؛ ومعارضة الغزو الغربي؛ والرغبة في الدفاع عن القيم الإسلامية المحافظة التي يعتقدون أنها تتعرض للهجوم؛ ومجموعة من الشكاوى المحلية والاحتكاكات القبلية والصراعات بين الجماعات العرقية والمنافسة على السلطة والموارد. ويعتقد معظم المحللين أن العناصر الأيديولوجية من طالبان الذين لا يقبلون بالتسوية لا يزالون أقلية.
إلا أن جواب السؤال الأول غير واضح، وهو كيف يمكن التعامل مع طالبان؟ فحتى الآن، كان هدف الغربيين هو التغلب عليهم؛ ولم يتم التفكير كثيرا بالتفاهم معهم. ولم تتم دعوة ممثلي طالبان إلى مؤتمر بون عام 2001، الذي كان من المفترض أن يضع أسس التسوية السياسية الأفغانية. (قال كثير من المحللين إن هذا كان خطأ.) ومنذ ذلك الحين، استخدم أفغانيون آخرون مواقعهم في السلطة لتهميش الكثيرين ممن كان يمكن في ظروف أخرى إشراكهم في العملية السياسية. والنتيجة هي أن أجزاء بأكملها من السكان البشتون في الجنوب يشعرون بأنهم معزولون، وهي مشكلة تتضاعف أحيانا بسبب الأساليب الخرقاء للقوات بقيادة الناتو.
ويمكن اعتبار نتيجة برنامج المصالحة الرسمي الذي تم إنشاؤه تحت لجنة الحكومة الأفغانية عام 2005 مقياسا للمشكلة. فلم يكن سوى 12 من قادة طالبان المدرجين في الأمم المتحدة والبالغ عددهم 142 يرغبون في المصالحة على هذا النحو. ويقول المحلل الغربي، Michael Semple، إن أولئك الذين توصلوا إلى اتفاقية فعلوا ذلك بالكامل من خلال عمليات غير رسمية - باستخدام جهات راعية داخل الحكومة أو علاقات قبلية وقرابة موثوق بها.
وهناك أمل نوعا ما في التغيير. فالأمر المذهل المتعلق بالتمرد هو مدى عدم مركزيته الآن، خاصة مقارنة بحكومة طالبان المتجانسة ظاهريا التي ظلت قائمة حتى عام 2001. وقد قوّض النفوذ المتنامي لشبكات القادة المحليين، مثل Haqqanis وعدة جماعات من طالبان الباكستانية، قدرة القيادة العليا في الباكستان على السيطرة على حركتها. كما أن الفوضى الاقتصادية، التي زادت إيرادات المتمردين من المخدرات وقطع الطريق وعمليات الاختطاف، حررتهم من الحاجة إلى دفع المستحقات للقيادة في Quetta. وقد يسهّل هذا إلى حد ما إبعاد طالبان المحلية عن القيادة العليا، باستخدام الاتصالات غير الرسمية التي كانت الأنجح حتى الآن.
ولكن سيكون بالإمكان تحقيق شيء مماثل على المستوى الوطني، فقط إذا تخلى المتمردون عن آمالهم بتحقيق النصر العسكري وخلصوا إلى أنه لا يمكنهم إضعاف رغبة الغرب بالقتال حتى النهاية. وفي الوقت الحالي، لم يبدأوا بعد في التفكير بهذه الطريقة. وفي الواقع، فإن الحديث عن التعامل مع طالبان يشجعهم، بصورة متحدية ولكن مفهومة، على الاعتقاد أنهم قادرون على الصمود أمام الغرب والتغلب عليه. ولهذا السبب، فإنه على الرغم من الخطابات الحالية بشأن التحدث إلى طالبان، إلا أن النتيجة الأكثر احتمالا على المدى القصير هي المزيد من القتال العنيف، بقيادة الأعداد المتزايدة من القوات الأمريكية والجيش الأفغاني الأكبر، قبل أن تكون هناك محاولة ناجحة من قبل الناتو لإشراك أجزاء من طالبان في عملية سياسية حقيقية.