ليست صغيرة جدا

ليست صغيرة جدا

سلطت أرخص سيارة في العالم، تاتا نانو- التي تم إطلاقها أخيرا في مومباي في غمرة الفخر الوطني- الأضواء مرة أخرى على الشركات متعددة الجنسيات في العالم النامي. فمن شركة ArcelorMittal في مجال الصلب إلى شركة ZTE في مجال الاتصالات، صعدت الشركات الطموحة من الهند والصين وغيرها من الدول النامية على المسرح العالمي في السنوات الأخيرة، وأثارت الخوف في الشركات متعددة الجنسيات الراسخة في العالم الغني بمنتجاتها المبتكرة وعمليات استحواذها الجريئة. وسيارة نانو هي رمز لطموح هذه الشركات العملاقة الناشئة.
ولكن تغير الكثير منذ أن كشفت شركة Tata Motors للمرة الأولى عن السيارة الصغيرة في كانون الثاني (يناير) 2008. فقد أضرت الأزمة المالية وانهيار أسواق الأسهم المالية وانخفاض أسعار السلع بالشركات في الدول الغنية والفقيرة، على حد سواء. وشركة Tata Motors، التي اشترت Jaguar Land Rover، شركة تصنيع السيارات البريطانية، من شركة Ford العام الماضي مقابل 2.3 مليار دولار، تواجه الآن صعوبة في إعادة تمويل ديونها، وتم تخفيض درجتها من قبل وكالة ستاندرد & بورز. فهل يعني هذا زوال خطر الشركات العملاقة في الأسواق الناشئة على الشركات العملاقة الراسخة؟
لا، على الإطلاق. فالأزمة عززت الوضع النسبي للشركات العملاقة الناشئة، وذلك لأسباب عدة. أولا، في الوقت الذي تخفض فيه الشركات والمستهلكين في جميع أنحاء العالم التكاليف والتجارة، توفر نماذج الإنتاج منخفضة التكلفة للشركات العملاقة الناشئة، القائمة على العمالة المحلية الرخيصة، عدة ميزات. وثانيا، على الرغم من أن النمو في الدول النامية تباطأ بعض الشيء، إلا أنه لم يتلاش تماما، لذا يمكن للشركات العملاقة الناشئة الاعتماد على أسواقها المحلية. فعلى سبيل المثال، انهارت مبيعات السيارات في العالم الغني، ولكنها لا تزال تنمو في العديد من الدول النامية: يتوقع أن تزيد بنسبة 10 في المائة هذا العام في الصين مثلا.
وثالثا، أصبح الكثير من الشركات متعددة الجنسيات في الدول الغنية أكثر اهتماما بمصالحها أثناء كفاحها للتغلب على الركود، وبالتالي هي أقل قدرة على الاستثمار للدفاع عن مواقعها في الأسواق، ما يوفر الكثير من الفرص للداخلين الجدد. وخير مثال على ذلك هنا أيضا هو تصنيع السيارات، حيث أدت اضطرابات الشركات العملاقة الراسخة والتحول إلى التكنولوجيات الخضراء إلى منح الداخلين الجدد منفذا للدخول. والأسبوع الماضي، تحدث Ratan Tata، رئيس مجموعة Tata، عن طموحاته لبيع سيارة نانو ليس فقط في أوروبا، اعتبارا من عام 2011، بل في أمريكا في نهاية المطاف أيضا. وكانت السيارة الكهربائية التي صنعتها شركة BYD، وهي شركة صينية لتصنيع البطاريات تفرعت إلى تصنيع السيارات قبل عدة سنوات، موضوع حديث معرض ديترويت للسيارات في كانون الثاني (يناير).

إضافة إلى ذلك، تحاول العديد من الشركات متعددة الجنسيات التي تعاني ضائقة مالية في العالم الغني بيع أجزاء من نفسها لجمع رأس المال، ما يمنح المشترين في العالم النامي فرصة للحصول على التكنولوجيا والعلامات التجارية وأصول أخرى، كما يقول Harold Sirkin من مجموعة بوسطن الاستشارية، الذي يصور كتابه المعنون "العالمية" ارتقاء الشركات العملاقة الناشئة. وهناك شركتان صينيتان لتصنيع السيارات، هما Chery وGeely، مهتمتان بشراء شركة Volvo من Ford. وتحاول شركة Mahindra & Mahindra، وهي شركة هندية لتصنيع السيارات الرياضية، شراء LDV، وهي شركة تصنيع شاحنات بريطانية تعاني المشاكل؛ وهناك أيضا حديث عن عرض صيني محتمل. وقد حصلت شركة Vale، شركة التعدين البرازيلية العملاقة، أخيرا على مجموعة من الأصول من شركة Rio Tinto، منافستها البريطانية الأسترالية المثقلة بالديون. ويقال إن شركة ZTE، وهي شركة صينية سريعة النمو لمعدات الاتصالات لها زبائن في أكثر من 60 دولة، قد تشتري قسم أجهزة الهاتف التابع لشركة Motorola، الشركة الأمريكية المضطربة التي توشك ZTE على طردها من قائمة أفضل خمس شركات في هذه الصناعة.

إنهم وراءك

وبالطبع، تعاني الشركات العملاقة في الأسواق الناشئة بعض نقاط الضعف. فقد توسع بعضها، بما فيها Tata Motors، بصورة مفرطة حين كانت أسعار السلع مرتفعة وكان من السهل الحصول على الائتمان. فشركة Cemex المكسيكية، ثالث أكبر شركة في العالم للأسمنت، تبيع أصولا في جميع أنحاء العالم في خضم كفاحها لسداد دفعات ديونها. أما شركة ArcelorMittal، أكبر شركة في العالم لتصنيع الصلب، والتي نمت لتصبح شركة عملاقة عالمية من جذورها في إندونيسيا، ترينيداد، والمكسيك، فقد أطلقت إصدار سندات قابلة للتحويل لإعادة تمويل بعض ديونها. إلا أن الكثير من الشركات متعددة الجنسيات في العالم الغني ارتكبت نفس الأخطاء وتواجه مشكلات مماثلة، أو أسوأ.
ولا تزال الشركات العملاقة الناشئة من العالم النامي قوة نامية خلال الأوقات الجيدة. وإطلاق سيارة نانو هو بمثابة تذكير لرؤساء العالم الغني بأنهم لا يزالون بحاجة إلى مراقبة أولئك الذين يسيرون وراءهم.

الأكثر قراءة