العمل الخيري و"البرستيج"

العمل الخيري و"البرستيج"

كثيراً ما تشدني وتثير إعجابي الجمعيات التي تتشكل بجهود بسيطة يؤمن أعضاؤها بالأهداف نفسها محاولين الإصلاح في جانب معين وداعين إليه في المجتمعات التي يسكنونها، متناسين العقبات التي قد تحول بينهم وبين ما يسعون إليه. إلى أن ترى ثمار تلك المحاورات الطويلة والعمل الدؤوب النور. وهذا يتحقق إذا اعتمدت تلك الجمعيات النزاهة والصدق والعمل الجاد.
ولكن.. ولما كان العمل الاجتماعي مغريا للبعض ممن لهم أياد لا تعلوها أياد فلقد احتموا به للوصل إلى مآربهم من خلال تلك الجمعيات التي يهيم أصحابها بالمجتمع فساداً محاولين قتل الوعي لكيلا يسلخ أقنعتهم المبهرجة بمصطلحات لا يفقهون منها شيئاً.
وإلا كيف لجمعية كان هدفها الأول خدمة المجتمع أن تشترط على من يود الانضمام إليها ألا يقل رصيده عن حد معين. سمعت أن من السيدات العضوات من استلف المبلغ، وبعد الحصول على العضوية أعادوه. الحقيقة أنني أعجز عن وصف سذاجة الموقف، فهؤلاء غلبوا الجانب المادي متجاهلين رصيد المعرفة والثقافة والمؤهلات الشخصية للأفراد.. وكأن العلاقة طردية بين المادة والفكر، فكلما زاد الأول اتسع الثاني وأصبح أكثر قدرة على الإدراك والمعرفة.
كيف لتلك الجمعيات التي من واجبها أن تحارب الطبقية وهي تستميت في خلقها من خلال التركيز على فئات مُعينة، فالجمعيات لا يتم تأسيسها لتربطنا بشبكة علاقات خاصة قد تُفيدنا يوما ما. ولم تكن هذه العضوية مجرد واجهة اجتماعية يتفاخر بها المرء أمام الجميع. وهي ليست ميزة مضافة للشخص تضاف إلى المميزات الأخرى لديه. بل هي أمانة تستوجب على حاملها البحث والتنقيب ومعرفة المستجدات وأخذها بمنظور جدي يسعى للتطور والإصلاح والتقويم.
لا أعلم كيف يتمكن هؤلاء ببراعة أن يخدعوا المجتمع، فنشاطاتهم تلك لا تُخلف وراءها غير السلبية والسلبية وفقط هو ما نحصده من تلك المنظمات الملفقة التي تتحول قاعات نقاشها ودراستها إلى صالات فارهة تضج بأحاديث بلهاء يحاول كلاً منهم استعراض قواه المادية الخارقة.
عدد القراءات : 906

الأكثر قراءة