الأزمة المالية تهدد مصانع السعودية بفوائض الإنتاج العالمي
توقع المهندس أحمد الراجحي عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية في الرياض ورئيس اللجنة الصناعية أن تؤدي الفوائض الإنتاجية المحققة في اقتصادات العالم إلى تكوُن بيئة إغراق قد تتضرر منها الصناعة الوطنية، وقال:" إن الركود الاقتصادي العالمي يعطي مؤشرا قويا على أن عام 2009 لن يكون سهلا على القطاع الصناعي".
وفيما يتعلق بالاستراتيجية الصناعية أكد المهندس الراجحي أنه رغم تأخر إعلانها إلا أن تطبيقها أصبح واقعاً يعول على ه الصناعيين كثيرا في خلق توازن بين المناطق والقطاعات الصناعية يساعد على تحقيق التنمية المستدامة.
وقال في حواره مع "الاقتصادية" إن القطاع الصناعي يعاني مشكلات عديدة وخسائر كبيرة بسبب ظاهرة الإغراق التي وصفها بأنها سرطان يهدد المنتجات الوطنية في ظل غياب القوانين والتشريعات، كما انتقد التهمة الموجة للقطاع الصناعي والمتمثلة في انتظار الدولة لتطور له المدن الصناعية موضحا أنه يؤيد الرأي القائل بأن يتحمل المستثمر الصناعي جزءا من تكلفة التشغيل، وفيما يختص بالسعودة في القطاع الصناعي قال إنها واجب وطني, وإن تطبيقها في هذا القطاع يجب أن يكون بأسلوب مغاير.. فمع الحوار:
بداية كيف تتوقعون عام 2009م على القطاع الصناعي السعودي ؟
إن ما جرى من أحداث اقتصادية وركود طال اقتصاد معظم دول العالم هذا العام من جراء الأزمة المالية يعطينا مؤشرات بأن 2009 لن يكون عاماً سهلاً على قطاعنا الصناعي، إلا إنني أرى أن من الأسباب القوية التي سوف تساعدنا كثيراً على تخفيف حدة هذه الأزمة على القطاع الصناعي السعودي هي الميزانية القوية للدولة فيما يخص الإنفاق- الأمر الذي سوف يساعد كثيراً على إحداث طفرة للقطاع الصناعي في السعودية للأعوام المقبلة.
كيف ترون تأثير الأزمة العالمية الصناعة السعودية ؟ وهل يمكن أن تسبب الأزمة كساداً للمنتج السعودي ؟
شهد القطاع الصناعي بوجه عام تطوراً مطرداً خلال الفترة الماضية لتوافر بنية ومناخ إنتاجي يُعدان الأنسب على مستوى العالم، ورغم هذا إلا أن الأزمة لابد أن تؤثر بشكل واضح في الصناعة السعودية لأننا جميعاً موجودون في كون واحد؛ وزيادة الفوائض الإنتاجية الموجودة في جميع أنحاء العالم سوف تعمل على خلق بيئة إغراق قد تتضرر منها المصانع السعودية.
مرت نحو ثلاث سنوات على موعد تطبيق الاستراتيجية الصناعية الفعلي، ولم تعتمد حتى الآن ؟ كيف تقيمون هذه الاستراتيجية ؟ وما سلبيات تأخر إقرارها ؟
صحيح أن الاستراتيجية الصناعية تأخرت ولكن تم اعتمادها أخيرا بمحاورها الثمانية وببرامجها الـ26 ونحن في اللجنة الصناعية في الغرفة، وبما تضمه هذه اللجنة من صناعيين أصحاب خبرات متراكمة في قطاعات صناعية مختلفة قد تفاعلنا مع هذه الاستراتيجية ، والتي أوكلت إلى وزارة التجارة والصناعة بإعدادها ولأنهم المعنيون في المقام الأول بمخرجاتها، آملين أن تعمل على خلق توازن بين المناطق والقطاعات الصناعية سعياً نحو تحقيق التنمية المستدامة، وانسجاماً مع مراحل التنمية التي تشهدها المملكة حاليا.
وأصبح الوضع الآن كيف يمكن أن تنفذ هذه الاستراتيجية بأفضل الطرق وبأسرع وقت، وحسب معلوماتي فإن وزارة التجارة والصناعة قامت بتعيين مكاتب استشارية لكل محور من المحاور للتأكد من إمكانية تنفيذ هذه المشاريع وبالطريقة الصحيحة؛ والقطاع الصناعي ممثلاً في اللجنة الوطنية الصناعية في مجلس الغرف واللجنة الصناعية في غرفة الرياض يعملان جنباً إلى جنب مع الوزارة لتحقيق هذا الهدف علماً بأن القطاع الصناعي ممثل في كل محور من محاور الاستراتيجية الثمانية.
هناك من يتحدث من الصناعيين عن شح للمدن الصناعية، ما بنظركم الحلول التي يمكن أن تحل مشكلة نقص المدن الصناعية ؟
المدن الصناعية لها دور كبير ومهم جداً في تطوير البيئة الصناعية وآمالنا كبيرة في القضاء على مشكلة ندرة الأراضي المخصصة للصناعة في بعض المناطق ونأمل أن يتوافر لكل مستثمر ما يُناسبه من أراض مجهزة بكافة المرافق لُينشئ عليها مشروعه، حيث إن عدد طلبات الحصول على أراض في تزايد مضطرد كما أن توفير المدن الصناعية يعني التسريع في عمليات التنمية بشقيها الاقتصادي والاجتماعي، فضلاً عن توفير فرص عمل للشباب السعودي، وعلينا أن نعلم أن وفرة الأراضي الصناعية هي إحدى أهم أدوات جذب الاستثمار الأجنبي، ونحن في اللجنة الصناعية في الغرفة تتواصل جهودنا مع الإخوة في الهيئة السعودية للمدن الصناعية في الوصول لأنسب الحلول لهده المشكلة والتي تمثل عائقا حقيقيا أمام المستثمرين السعوديين والأجانب على حد سواء.
هناك من يتهم القطاع الصناعي بأنه ينتظر من الدولة أن تطور له المدن الصناعية دون أن يساهم هو بذلك ؟ ما تعليقكم على ذلك ؟
في كل مكان في العالم تضطلع الدولة بمسئولية تطوير ونهضة المدن الصناعية وكافة الخدمات فيها من كهرباء وغاز وصرف صحي ولكنني أوافق الرأي القائل بأن يتحمل المستثمر الصناعي جزءا من تكلفة التشغيل كمساهمة منه في تطوير ونهضة هذه المدن ولكن عندما نتحدث عن تطوير ونهضة البنية التحتية لهذه المدن فإنني أرى أن تكون من ميزانية الدولة.
السعودة في القطاع الصناعي تختلف عنها في القطاعات الأخرى ؟ ما وجهة نظركم على نسب السعودة المقررة على القطاع الصناعي ؟
إن عمليات السعودة واجب وطني ولكن من المهم عند تطبيقها أن ننظر إلى القطاع الصناعي بأسلوب مغاير لباقي القطاعات الأخرى نظراً لأن مخرجات هذا القطاع من سلع سواء كانت على هيئة منتج وسيط أو نهائي يمكن أن تُنافس وبسهولة من الخارج، خصوصاً بعد انضمامنا إلى منظمة التجارة العالمية، هذا إضافة إلى أنه من المهم أيضاً التمييز بين نشاط صناعي وآخر عند إعداد وتطبيق هذه البرامج، حيث إن هناك بعض الصناعات من الصعب أن تستقطب الشباب السعودي في الوقت الحالي، نظراً لوجود وظائف أفضل من حيث الدخل وبيئة العمل، فالصناعات التحويلية مثلاً 80 في المائة من وظائفها لا تستقطب الشباب السعودي في الوقت الحالي وبالنسبة لسؤالكم عن نسبة السعودة المقررة على القطاع الصناعي، في اعتقادي أن اللجنة الصناعية قد توصلت مع وزارة العمل إلى نسبة معقولة وهي 15 في المائة ونحن نرى أن هذه النسبة معقولة وقابلة للتحقيق ولكن في يجب أن نتجنب العوائق الحالية وأن تيسر الإجراءات في الاستقدام لمن يحقق النسبة المطلوبة.
ما أبرز خطط اللجنة الصناعية في دورتها الجديدة ؟
من أبرز خطط اللجنة الصناعية في هذه الدورة هو التركيز على الاستراتيجية الوطنية للصناعة فبعد أن أقرت هذه الاستراتيجية من مجلس الوزراء وبعد الدراسة من قبل اللجنة الصناعية لكافة محاورها الثمانية رأت اللجنة أن التركيز في هذه الدورة والتي تبدأ من عام 2009 إلى نهاية 2012 هو الاهتمام بالعمل على سبل تحقيق الاستراتيجية الصناعية خلال الأربع سنوات المقبلة.
هناك من يتحدث عن وجود إغراق في السوق السعودية ؟ هل تلمسون ذلك ؟
يواجه القطاع الصناعي في المملكة مشاكل عديدة وخسائر كبيرة بسبب مشكلة الإغراق، والتي تتمثل ببساطة في بيع بعض المنتجات الأجنبية بسعر أقل من سعر بيعها في دولة الإنتاج، الأمر الذي يمثل منافسة غير عادلة من الصناعات المستوردة والمدعومة من دول الإنتاج للصناعات والمنتجات الوطنية والتي لا تجد الحماية الكافية من الأنظمة والقوانين المحلية للحد من هذه الظاهرة، ففي نفس الوقت الذي يتطلب منا تنمية وتشجيع صناعاتنا الوطنية، فإننا نجد عديدا من الشركات الأجنبية غذت أسواقنا بسلع منخفضة الثمن بشكل واضح عن سعرها العالمي، وعن سعر مثيلاتها الوطنية إلى أقل من متوسط كلفتها الإنتاجية في ظل عدم كفاية الحماية للمنتجات الوطنية، وغياب قوانين وتشريعات مكافحة الإغراق.
هل لديكم في اللجنة نية لتبني بعض شكاوى الإغراق التي يعانيها بعض المصانع السعودية ؟
لدينا في اللجنة الصناعية الرئيسية عديد من اللجان الفرعية التي تُغطي مجالات الصناعة المتعددة ، وحصر المشكلات الرئيسية التي يواجهها القطاع الصناعي بمختلف مجالاته ودراستها واقتراح الحلول المناسبة لها كما أننا نقوم بتبني الشكاوى التي يمكن تبنيها ونقوم بالتواصل مع الجهات الرسمية والتواصل مع الصناعيين والمسئولين في الدولة لإيجاد الحلول لها ولكن المهم أن تكون لدى وزارة التجارة والصناعة إدارة متخصصة لمعالجة مثل هذه الشكاوى والتصدي لها.
كيف تقيمون وضع الصناعات التحويلية في المملكة ؟
شهدت الصناعات التحويلية في المملكة معدلات نمو عالية ظلت في اتجاه تصاعدي طوال الفترة الماضية ونتيجة للتطور الكبير الذي شهده قطاع الصناعات التحويلية، فقد ارتفعت نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة.
إن التغيير الذي حدث في التركيبة الإنتاجية لقطاع الصناعات التحويلية خلال الحقبة الماضية يمثل أكثر الدلائل على أهمية تطور إنتاج الصناعة التحويلية بالمملكة ، لذا فإن جميع الجهود تتضافر للارتفاع بحصتنا في السوق العالمية إلى 15 في المائة من الصناعات التحويلية بحلول عام 2020م إن شاء الله.
ما أبرز المعوقات التي تعترض المنتج السعودي في الأسواق الإقليمية والدولية ؟
من المعلوم أن المنتجات السعودية لديها سمعتها لدى الأسواق الإقليمية والعالمية، كما أن الصناعة السعودية تتمتع باحترام وتقدير المستهلك الداخلي والخارجي على حد سواء، حيث إن منتجاتنا تتميز بجودتها فضلاً عن سعرها التنافسي، إلا أن صناعة هذه المنتجات ما زالت تفتقر إلى التقنية الصناعية العالمية وقلة الخبرة والتي توصل منتجاتنا لمصاف المنتجات العالمية وتضع المملكة في مصاف الدول الصناعية الكبرى – أضف إلى ذلك أن معظم الطاقات الإنتاجية لدينا لا تعد طاقات إنتاجية عالية.
ما توقعاتكم لصناعة المعارض في المملكة خصوصا بعد افتتاح مركز الرياض الدولي للمعارض، وما دور المعارض في دعم الصناعة الوطنية ؟
نحن نرى أن للمعارض دورا كبيرا في دعم الصناعة الوطنية حيث إنها فرصة واسعة لأكبر الشركات العالمية في عرض منتجاتها لدى المملكة خاصة أن السوق السعودية تعد من أكبر الأسواق العالمية ومركزا لتسويق المنتجات سواء للأسواق الخليجية أو العربية كما أنها فرصة لتبادل الخبرات والتقنيات العالمية للشركات الدولية مع الشركات السعودية مما يعد عاملاً أساسياً لدعم وتطوير صناعاتنا الوطنية – إلا أننا نرى أن هناك بعض المؤثرات التي تعيق صناعة المعارض في المملكة منها صعوبة منح التأشيرات للعارضين والزائرين على حد سواء الأمر الذي يعيق استقطاب كثير من الشركات العالمية التي لديها الرغبة في عرض منتجاتها وبالتالي يؤثر سلباً في ازدهار هذه الصناعة لدينا.