المجتمع بين البطالة والعنوسة

المجتمع بين البطالة والعنوسة

اعتبرت البطالة ظاهرة دولية توجد في جميع دول العالم بنسب مختلفة، فلم تعد ظاهرة غريبة في المجتمعات وفي فترات سابقة اعتبرت مرافقة للدورة الاقتصادية تظهر عند الركود وتختفي في الانتعاش وتعرف البطالة بأنها كل قادر على العمل وراغب فيه ويبحث عنه ويقبله بمستوى الأجر السائد ولكن دون جدوى.
وتقسم لعدة أنواع منها البطالة الدورية: وهي ترافق الدورة الاقتصادية ومداها بين ثلاث وعشر سنين، وبطالة احتكاكية وهي التي تحدث بسبب التنقلات المستمرة للعاملين بين المناطق والمهن المختلفة، وبطالة هيكلية وهي نوع من التعطل يصيب جانب قوة العمل بسبب تغيرات هيكلية تحدث في الاقتصاد القومي ، أما عن البطالة السافرة فهي حالة تعطل أكثر قوة وإيلاما وتكون دورية احتكاكية هيكلية، والبطالة المقنعة وهي وجود عمالة زائدة وفائضة لا تنتج شيئا تقريبا . وتزايد عدد العاطلين عن العمل يؤثر في الوضع الصحي والنفسي والاجتماعي والاقتصادي لأفراد المجتمع ، وهناك اهتمام كبير في العالم بقضية البطالة وينبثق هذا الاهتمام من أهمية القضية وما يترتب عليها من آثار جسيمة ذات مساس ببنية المجتمع وأمنه واقتصاده على الأفراد والمؤسسات .
وهناك علاقة عكسية بين حالة البطالة وارتفاع المستويات التعليمية والحرفية للقوى العاملة من جانب وعلاقة طردية بين تزايد نسبة البطالة وتزايد وجود الجريمة في المجتمع من جانب آخر. ومن أسباب ظهور البطالة في المجتمعات النامية الرشوة والمحسوبية والفساد المالي والإداري، وأيضا هناك علاقة طردية بين تزايد نسبة البطالة وانتشار العنوسة في المجتمع.
شبح العنوسة المخيف يلاحق الشباب والشابات في المجتمع، أما عن المجتمع السعودي فقد كشفت إحصائية عن وجود نحو مليوني عانس في المملكة، وأكد بعض الاختصاصيين أنه رقم كبير ومخيف وينذر بكارثة اجتماعية إن لم توجد الحلول الجذرية لهذه الظاهرة. والزواج نظام اجتماعي وهو سنة إلهية أمرنا بها البارئ ـ سبحانه وتعالى ـ تحقق الاستقرار والبقاء للبشرية والأمن للمجتمع . وقد تعددت أسباب العنوسة في المجتمع السعودي، حيث تعد الفتيات السعوديات أن العنوسة ليست ظاهرة حقيقة لأنها تعد من اختيار البعض فهن يرفضن الزواج لأنه يقف بين طموحهن ويعتبرنه عائقا وعقبة أمام النجاح، وفي الجانب الآخر تعد الأخريات أنه مجهول مخيف، حيث لا يعرفن من هو الرجل السعودي وماذا يصنع بهن؟!! فقد مثل لنا الإعلام في الآونة الأخيرة مدى اضطهاد الرجل للمرأة السعودية وسلبها حقوقها وتعرضها للعنف والتعدي على إنسانيتها، وكل يوم تضج الصحف بقضايا الأسرة بدل المحاكم، وآخر قضية أحدثت ضجة عنيفة، أب يرغم طفلة على الزواج من ثمانيني، وما مدى أثر هذا الخبر في الشابات المقبلات على الزواج! والصحف تنشر كل يوم قضايا العنف والاضطهاد فهنا تقف الشابات والشباب بين أعتاب البطالة ونوافذ تجارب الآخرين من المضطهدين.
والأسرة السعودية اليوم تواجه تحديا كبيرا في إحداث تغير جذري بسبب الانفتاح الإعلامي وصناعته للنجوم لدرجة جعلت الشباب والفتيات يرغبون في الفن والرياضة للغنى السريع والشهرة وتقدير المجتمع ولم يعد تفكيرهم كم كان في السابق البحث والعلم والمثابرة على الاجتهاد وتقبل التحديات الموجودة في العصر مما أسهم بشكل مباشر في تزايد نسبة البطالة والعنوسة في المجتمع، ومن الملحوظ أن الشباب والشابات يتنقلون من ثقافة إلى أخرى مغايرة وتأثرهم بثقافات مستوردة مما جعل هشاشة في ثوابت ثقافتهم العربية وميراثهم الديني وارتفاع نسبتي البطالة والعنوسة مما يؤدي إلى تشكيل خطر كامن تحت الركام في المجتمع وتهديد الاقتصاد القومي بوجود مشكلات متفاقمة إثر هاتين القضيتين لظهور جرائم السرقة والاغتصاب بسبب العجز في تحقيق السنن الإنسانية في العمل والزواج والاستقرار العام للمجتمع وعليها فإن مخططي الاقتصاد القومي في المستقبل سيضعون ضمن الميزانية نسبة للسيطرة على نتائج المشكلة ومن الضروري الوقاية خير من العلاج .

عدد القراءات : 425

الأكثر قراءة