متخصصون يناقشون هروب الفتيات ويشخصون الواقع

متخصصون يناقشون هروب الفتيات ويشخصون الواقع
متخصصون يناقشون هروب الفتيات ويشخصون الواقع
متخصصون يناقشون هروب الفتيات ويشخصون الواقع

شبح يهدد البيوت المستقرة، ويشتت شملها ويجلب لها العار والحزن، ومن الصعب نسيانه، بطل هذا المشهد هو أحد أفراد الأسرة؛ فمن الصعب على بعض الآباء العودة إلى منازلهم وهم مرتاحو البال وذلك خوفًا من هروب إحدى الفتيات.. فهي ظاهرة تفشت في المجتمع، وأبكت العيون ودمى لها القلب وحرقته، ما الذي يصل بالفتاة إلى هذه التهلكة والمحطة المتأخرة في كل شيء؟
#2#
هروبها ماذا يعني ؟
تشير دراسة قامت بها عايدة سيف الدين الباحثة في مركز دراسات المرأة والطفل في القاهرة إلى أن سبب ترك الفتاة منزل أسرتها يعود إلى تعلق الفتاة بحب شاب رفضته أسرتها بنسبة 15 في المائة، وفي بعض الأحيان تكون الفتاة قد أخطأت مع هذا الشاب وتخاف أن تعلم أسرتها بذلك. كذلك هربت نسبة كبيرة من الفتيات بسبب إجبارهن على الزواج من عريس مسن، أو شخص لا ترغبه. وتوضح الدراسة أن اغتصاب الفتاة في أول مواجهة لها يجعل عودتها إلى منزل أسرتها مرة أخرى مستحيلاً حيث ستعاقب مرتين, الأولى هروبها من المنزل والثانية على فقد عذريتها وشرفها.
من جهتها أشارت د. عائشة إلى أن الهروب يندر في المرحلة العمرية من (6 - 12 سنة) ويكثر في الفئة من سن (14 - 17 فأكثر).. وعالمياً هناك 200 ألف حالة هروب. والفتيات هن أكثر هروباً من الشباب.. 70 في المائة منهم يهربون للأصحاب أو الأقارب و13 في المائة للشارع.. ومن يهرب مرة يهرب مرة أخرى خاصة إذا كان البيت هو الطارد.
كما كشفت إحصائية صادرة عن دار الحماية في منطقة مكة المكرمة أن مجموع الحالات التي استقبلتها الدار منذ افتتاحها في تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي وحتى الثالث من أيلول (سبتمبر) الماضي بلغ 134 حالة، تشكل السيدات من 26 عاما فما فوق النسبة الكبرى بواقع 49 سيدة. فيما يأتي الأطفال من عمر شهر واحد إلى 15 عاما في المرتبة الثانية بواقع47 طفلا، بينما تشكل الفتيات من عمر 16 إلى 25 المرتبة الثالثة بإجمالي 35 فتاة· فيما لم تستقبل الدار سوى ثلاث حالات لشباب ذكور من الفئة العمرية 16 وحتى 25 عاما.
كما سجل مكتب الإشراف الاجتماعي النسائي في منطقة مكة المكرمة أكبر نسبة إحالة من (المعنفات) إلى الدار بواقع 46 حالة، تلاها هيئة التحقيق والادعاء العام بواقع 14 حالة، ثم جمعية حقوق الإنسان بإجمالي عشر حالات، وأقسام الشرطة ثماني حالات، إضافة لحالات فردية من مركز التأهيل الشامل والمستودع الخيري· فيما لم توضح الإحصائية الطريقة التي وصلت بها الحالات الأخرى التي استقبلتها الدار حسب العدد الإجمالي الذي استقبلته الدار والبالغ 134 حالة.
#3#
لماذا تهربين؟
لماذا تهرب؟ سؤال لم أستغرق في كتابته وقتًا بل أخذ أقل من ثانية ولكن الصعب يكمن في جوابه، فأسبابه كثيرة فقد حاولت حصرها وأرجو أن أكون قد وفقت في ذلك, فكل فتاة لها سببها الخاص بها، لكن بعد البحث والتحري والتنقيب والنظر هنا وهناك استخرجت هذه الأسباب فهي كالتالي:
* ضعف الوازع الديني
فضعف الإيمان وتراكم المعاصي وكثرة الملهيات عن ذ كر الله تجعل الكلمة الأولى للشيطان والهوى والنفس الأمارة بالسوء. فيصدر من الإنسان ما يغضب الله ويصبح غير مبالٍ بما يفعل أهو خطأءلى لاولى للشيطان والهوى والنفس الأمارة بالسوء.فيفعل الانسان ماي أم صواب.
.
الفقر الشديد
كما أن من بين الأسباب المؤدية إلى هروب الفتيات من أسرهن، التطلع إلى حياة أخرى بعيداً عن حياة أسرهن، أو إلى انعزالهن عن حياة الأسرة، وخلق صورة أخرى لحياتهن وعلاقاتهن.
الصحبه والرفقة السيئة
فالصديق السيئ إذا سلّمت له نفسك يجرك إلى الرذيلة والعار وخيبة الأمل. فيصبح هو الأقوم والأقوى وفوق كل شيء، وماذا بعد هذا غير الحسرة والألم والندم في وقت لا ينفع فيه الندم وكل شيء قد فات.
عدم وجود الرقابة ( السليمة ) من الأهل
طبيعة الحياة ومشاغلها التي أدت إلى ابتعاد الآباء عن أبنائهم وانشغالهم بحياتهم ومشاغلهم الخاصة.. فهناك فئة من الآباء يعتقدون بأن واجبهم ينحصر فقط في توفير المال لأبنائهم.. وتناسوا أهمية وجودهم بالقرب من أبنائهم يداعبونهم ويناقشون معهم أمور الحياة..
الاستخدام السيئ للتطور التكنولوجي
الاستخدام السيئ للتطور التكنولوجي المتمثل في وسائل الاتصال مثل الإنترنت والهواتف المتحركة التي أصبحت في متناول الجميع وحتى الأطفال والمراهقين بلا أدنى مسؤولية أو اهتمام بالأهل.
غياب الوعي
غياب الوعي بين الناس حول هذه الظاهرة.. فيجب على وسائل الإعلام أن تلعب دورًا ملموسًا في تنبيه أولياء الأمور بخطورة وانتشار هذه الظاهرة، وكذلك تنبيه الطلاب والطالبات بعواقب الهروب من المنزل.
الفراغ العاطفي
وفي جانب الفراغ العاطفي أوضحت الإخصائية النفسية مروة الصقعبي عدداً من الأسباب التي تدفع الفتاة المراهقة للهروب من المنزل أولها: انعدام التواصل بين أفراد الأسرة الواحدة، وبين الأسرة والفتاة، وذلك بسبب المشاكل الأسرية، أيضاً التربية (الصارمة) التي ينتهجها كلا الوالدين أو أحدهما، كالاعتداء اللفظي بكثرة التوبيخ، أو البدني بالضرب أو الجنسي، ويندرج تحت مفهوم التربية الاعتدال في التربية عدم التفرقة بين الأبناء وإشاعة سياسة الثواب معنوياً بالمدح أو الابتسام والتشجيع أو المكافأة المادية، من الأسباب أيضاً رفيقات السوء اللائي غالباً ما يحتكمن إلى القوانين التي تحكم الجماعة أي الشللية، كذلك تكوين العلاقات العاطفية التي يكون منشؤها نتيجة الحرمان العاطفي الذي تعانيه الفتاة في أسرتها سواء من الأب أو الأم، فالمراهقون بشكل عام يحتاجون في هذه المرحلة العمرية إلى إشباع تام في هذه الجوانب من قبل الوالدين, ومن العوامل المسببة لهروب الفتاة أيضاً إجبار الفتاة على الزواج – بالإكراه - من شخص لا ترغبه.. وهذا الأمر قد يدفع الفتاة للانتحار أيضاً.

الفتيات يتحدثن عن الظاهرة

تحدث عدد من الفتيات عن رأيهن في هذه الظاهرة اللافتة للنظر حيث استهلت أماني العدني من قسم علم المعلومات الحديث مبتدئة بذكر هذه القصة الواقعية لإحدى صديقاتها ومجملها أن أباها في الثمانين من عمره وأمها في الثلاثين من عمرها ولديها أخ صغير وأخت صغيرة وقد اعتادت والدتها على الذهاب إلى بيت جدتها كل أربعاء بغض النظر عن ظروف ابنتها (الصحية والنفسية) ووالدتها تفَرق بينها وبين أخيها وتقسو عليها، وصديقتي هذه في الكلية وهناك خلافات بين والديها وهي لا تجد من يسمعها ويؤنس وحدتها, وهذه الأسباب جعلتها تقع فريسة للذئاب البشرية، تفتح قلبها لهم وتصدق كل ما يقولونه, ولو وجدت فرصة للهروب لهربت والتجأت إليهم, وقد أصبح بينها وبين الانحراف التام شعرة..
أنا لا أوافقها على أعمالها, ولكني أشفق عليها وألتمس لها العذر بسبب ما تواجهه من مصاعب وخلافات, والإنسان إن لم يجد الراحة في بيته فسيبحث عنها في أماكن أخرى..
وأستدل من هذه القصة وأيضًا من وجهة نظري الشخصية أن من أسباب هروب الفتيات من المنزل الخلافات الأسرية وهو من أهم الأسباب، وكذلك انشغال الوالدين عن أبنائهما، ورفيقات السوء قال تعالى: ((الأخلاء يومئِذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين))، وكما قيل: "المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل"، أيضاً الدلال الزائد أو القسوة الزائدة على الأبناء، القنوات الفضائية، التقليد الأعمى، وهناك أسباب كثيرة ولا يسعني ذكرها..
من جهتها تقول سامية العسافي من قسم الشريعة: أرى أن أسباب هروب بعض الفتيات من منازلهن، يعود إلى مرحلة المراهقة الخطيرة، وتتبعها القنوات الهابطة، وتقليدها الأعمى، وكذلك إهمال الوالدين رقابة الفتاة أو قسوتهما عليها يؤدي إلى هروبها، وأيضًا المشاكل الأسرية والضغوط النفسية عامل مهم من عوامل الهروب، أما الصحبة السيئة، فهي أقوى العوامل, لأن القرين بالمقارن يقتدي.
فيما تقول سلمى الجهني قسم رياض أطفال: إن البيت هو المكان الآمن لكل فرد من أفراد الأسرة, فالأبوان عماده، والتربية أساس الحياة في وجود الأبناء، فلو تخلى أحد الوالدين عن دوره فسوف يؤدي ذلك إلى تشرد الأبناء وتفككهم، ويؤدي أيضًا إلى ما يسمى بهروب الفتيات، وتختلف الأسباب فمنها العنف والتسلط وعدم تلبية رغباتها وبالتالي سوف تبحث عمن يلبي لها رغباتها, ومنها أيضًا المفهوم الخاطئ للحرية الشخصية وتفضيل الأولاد على البنات، والتمسك ببعض العادات والتقاليد.
أما الأخت هبة فتقول: إن ظاهرة هروب الفتيات ظاهرة بدأت تنتشر في البلاد.. وأسباب هذا الهروب من وجهة نظري أجملها فيما يلي:
- غياب الوازع الديني.
- غياب رقابة الأهل، أو إعطاء البنت الحرية الكاملة في التصرف.
- الضغط الممارس من قبل الأهل على الفتاة ممكن يكون له تأثير سلبي، والبنت حتى تتخلص من هذا الضغط تهرب من البيت.
وجهة نظر أُمّ
تقول إحدى الأمهات: إن القضية المطروحة ما زالت على قيد الحياة في مجتمعنا، وهي قضية فردية, أي تخص الفرد والفئة المعنية (البنات) وقضية عائلية في آن واحد.
قد يظن البعض أن قلة اهتمام العائلة بابنتهم هو السبب الرئيس في خلق هذه المشكلة، ولكن قد يكون ضغط الأهل سببا رئيسا لهروب هذه الفتاة من المنزل.. أي بمعنى آخر.. حبسها وإشباعها ضربًا لأتفه الأسباب هو سبب في هروبها.
قد تكون ذات شخصية غير متزنة.. وفقدانها لشيء معين من طرف الأهل، كالاهتمام أو الحنان.. والسبب الآخر يكمن في صديقاتها وتأثير رفيقات السوء عليها.
الواقع المأساوي
ويشير الباحث ناصر الشهري إلى أن للمؤسسات الاجتماعية والتربوية ومنها المدارس والجامعات والكليات والدور الاجتماعية، دورا من خلال تكثيف برامجها التعليمية والثقافية في توعية الفتيات, وهي مطالبة بأن تؤديه ويكون ذلك أيضا بالتدخل للحد من هذه المشكلة،، والتركيز على المشكلات التي تواجه الفتاة، وكيف يمكن للفتاة أن تواجه تلك المشكلات، وكيف يمكنها أن تشعر بالثقة في نفسها، وهنالك أيضاً دور الجمعيات الخيرية في معالجة مشكلة الفقر ودعم الشباب، والحد من العنوسة ، وتقديم المساعدات للراغبين في الزواج حتى نقلل من عمليات هروب الفتيات ، ويجب على الأسر إذا جاءهم شاب يرغب في الزواج ألا تتشدد وتبالغ في المهر حتى لا تنفر الشباب ، وذلك لا يحصل إلا بدعم أصحاب الأموال، مع العمل على توعية الأسرة بأساليب التربية الصحيحة من خلال وسائل الإعلام والتي تلعب دوراً أساسياً في الحد من هذه المشكلة، وتقديم برامج تحتضن الشاب والفتاة اجتماعياً وثقافياً، وإعطاء الشباب الفرصة للتعبير عن آرائهم وأفكارهم وتطلعاتهم في وسائل الإعلام، في حدود قيم وثقافة المجتمع.
من جانبه يقول الشيخ أحمد السيف داعية وإمام وخطيب إن على كل فتاة هاربة أو مازالت الفكرة تلمع أمام عينيها، أن تراجع نفسها ، وأقول لها إنما أنت إلا كالمستجيرة من الرمضاء بالنار، فكري فيما بعد الهرب، من الذي سيستقبلك في طريق مظلم, ويكون أحن وأرأف من والديك؟! من سيحمي نفسك المقهورة وينتصر لها إن أنت قهرتها بفكرة هي إلى الغباء أقرب ما يكون. ولا تنسي أنك مسؤولة عن عرض قد يكون ضحاياه أناسا لم يقترفوا بحقك أدنى كلمة وقبل هذا كله مسؤولة من رب هو لك أقرب وأرحم وأرأف. فلماذا لا تتجهين إليه, فاللجوء إليه فعلاً هو الانتصار الكبير.

الأكثر قراءة