النصب والاحتيال وضعف محتوى المواقع سبب عزوف الكثير عن الإنترنت
النصب والاحتيال وضعف محتوى المواقع سبب عزوف الكثير عن الإنترنت
أكد الخبير ماتياس هوركس، محلل المستقبليات والاتجاهات الألماني، في مؤتمر دولي عقد أخيراً في الولايات المتحدة حول استخدام الإنترنت، أن هوس الإنترنت آخذ في التراجع مشيرا إلى أن عددا قليلا من الذين كان لهم ارتباط قوي بالإنترنت والرقميات أخذوا في التخلي عن هذا الارتباط التقني في الوقت الحاضر لأسباب تتعلق بضعف دقة المعلومات في المواقع التي يتصفحونها، أو الخوف من الوقوع وعدم موثوقية الأمان في بعضها فريسة للنصب والاحتيال من المخترقين.
وبالنظر إلى الأسباب واختلاف الاجتماعيات على مستوى العالم والشعوب، فإن هناك أسبابا عديدة أدت إلى عزوف بعض مستخدمي الإنترنت بعد أن كان في جميع حياته يمارسها عبر استخدام الإنترنت كمصدر له. ومن أهمها انخفاض معدل المتصفحين للخدمات البنكية الإلكترونية على مستوى العالم 2008 م.
#2#
الخوف من المتجسسين
ويقول ماتياس :"لاشك أن ثورة الإنترنت، وهذا الحدث الذي يوجه حياتنا نحو الجانب الإيجابي من جهة وأيضا نحو الجانب السلبي من الجهة الأخرى، والتي من خلالها أصبحنا نتواصل مع المجتمع المحلي والمجتمعات الأخرى، والتبضع والبحث والتقصي والسفر عبر نوافذ العالم، دون أن نتحرك من مكاتبنا، حيث أسرار حياتنا وملفاتنا الخاصة أصبحت عرضة للخطر نحو اكتشاف محتوياتها أكثر مما كانت في السابق".
ويضيف أن خوف الناس من أن يكونوا عرضة للتجسس قد يؤدي آجلا إلى انهيار الثقة في شبكة الإنترنت. فقد أظهرت الأزمات المالية أن عدوى انعدام الثقة قد تنتشر بسرعة حينما تغيب ثقة الناس في الخدمات المالية وفي الأسواق.
وأشار توماس شنيدر من الهيئة السويسرية للاتصال في مشاركته ضمن جلسات المؤتمر، أن مخاوف مستخدمي الإنترنت بشأن سرية وأمن معطياتهم الشخصية قد تقود إلى أزمة وانهيار في ميدان الاتصالات الإلكترونية.
وقال:"الكل يتحرك في العالم الافتراضي، والكل يترك آثارا ويوزع معلومات بوعي أو بغير وعي، فالناس يعبرون عن انشغالاتهم بمخاطر هذا الوضع، والأهم بالنسبة لهم هو معرفة ما إذا كانت حياتهم الشخصية محل احترام، أم أنها فقدت أو نزعت. نعتقد أن هنالك خطرا يمكن أن يؤدي إلى انهيار الثقة في الإنترنت".
#3#
الثقة في الإنترنت
ومن هذا المنطلق يوضح شنيدر أن المسألة هي مسألة ثقة في الإنترنت، أو ثقة في مزود خدمة الإنترنت، أو ثقة فنية، أو في نسبة الاعتماد على الإنترنت، لاسيما من المنطق الثاني، وهو المسألة الاجتماعية التي بات البعض "مدمن إنترنت"، لدرجة تقمصه شخصيات متفاوتة لا تعكس اجتماعيته البسيطة التي نما عليها.
في المقابل تعاني المواقع والمنتديات الأدبية والثقافية المحترفة على شبكة الإنترنت، والتي تنتسب لأشخاص لا لجهات رسمية، من ظاهرة الأسماء المستعارة التي باتت تشكل عبئا كبيرا على القائمين على تلك المواقع، كونها تحد من مصداقية الموقع والمواد المطروحة، وتزيد من احتمالات السرقات الأدبية وانتهاك الملكية الفكرية، إضافة إلى شعور التواصل السليم بين البشر من خلال تلك الوسائل، ومعرفة الأسماء الشخصية لصاحب الطرح.
كما أن هناك من يتخفى خلف اسمه المستعار تبييتا لنوايا سيئة، كأن يهاجم أحد المتواجدين في المنتديات، أو يقوم بسرقة نصوص ونشرها باسمه، ثقة منه أنه لن يصيبه أي ضرر ولو أدبيا، أو من إمكانية كشف أمر سرقته، ما زاد من عدم الوثوق في نشر ما في جعبة الكثير من أصحاب الفكر الراقي.
مصداقية المواقع
إن هذه الظاهرة رغم كل المحاولات التي تهدف للحد من تفشيها حفاظا على المصلحة العامة، ومصداقية المواقع الناشرة، وحماية للكتاب والناشرين من السطو الأدبي على نصوصهم ونسبها لأناس آخرين، ما يضعف على المدى الطويل المصداقية وعزوف الكثيرين عنها، وبالتالي ضعف أداء المواقع الإلكترونية بسبب افتقارها إلى المستخدمين وخاصة المحترفين، بما ينعكس أيضا على أداء الموقع بفقده العديد من العناصر البشرية.
جميع تلك الأسباب جعلت الكثير من مستخدمي الإنترنت، سواء كانوا محترفين أو هواء، يعزفون عن استخدام الإنترنت في وقت لاحق، نظرا لما لاقه في عالمها الافتراضي المليء بالمفترقات وعدم الدقة، وخاصة في مجال النشر والمحتوى المعلوماتي، فتكاد تقرأ خبرا وتنبهر منه وتبدأ في تعايش معلوماته. فحين تتحرى المصادر تكاد تجزم بأن كاتب الخبر كتب معلوماته بناء على مصالح شخصية، وقد تجدها غير صحيحة وكاذبة، وهذا يؤدي إلى التباس معلوماتي يتعايش معه الوسط المعلومات عبر شبكة الإنترنت التي لا تتبع تحري الدقة في معلوماتها، ما يجعل من المستخدم لايحرص على قراءة المعلومات من غير مصادرها عبر الإنترنت، وبالتالي عدم الحرص على استقاء المعلومات من الإنترنت بشكل عام.
وأيضا الكثير من المستخدمين الذين أصبح دخولهم على شبكة الإنترنت وخلق العلاقات الإلكترونية الوهمي هي هاجسه الوحيد، فبعد خسارته لكثير من الوقت لخلق تلك العلاقات الافتراضية الوهمية، أدى إلى تنحي علاقاته الواقعية والاجتماعية التي يفرضها عليه المجتمع.
عزوف مؤقت للأستراليين
أقرب مثال من أستراليا فمنذ نهاية التسعينيات لم ينخفض معدل الاستخدام فيها، فهو في تصاعد مستمر بنسب قريبة جداً، إلا أن الأزمة الاقتصادية التي مرت هذا العام والتي حلت بجميع دول العالم، جعلت من الأستراليين غير مبالين بهوس الإنترنت، حيث انخفضت تلك النسبة 3 في المائة عن سابقتها من الأعوام. ومن المتوقع أنه عزوف مؤقت يعقبه عودة رأسية لمؤشر المتصفحين للإنترنت.
من واقع الحالة في أستراليا فإنه ليست الأمور الفنية أو الاجتماعية فقط هي التي سوف تؤدي إلى عزوف الكثيرين من مستخدمي الإنترنت، فالاقتصاد كان أحد ركائز ذلك العزوف. وهذا ما شهدته الخدمات البنكية الإلكترونية على مستوى العالم في نهاية 2008. ذلك الانحدار الذي فقد أكثر من 20 في المائة من مستخدميه على الإنترنت.