مديونية النوم
قبل عدة سنوات، وخلال استعدادي للإجازة المدرسية، حذرتنا أستاذة الرياضيات من تمديد فترات السهر خلالها! وعلّقت بأن للنوم مديونية يصعب التخلص منها.
للمرة الأولى ظننت أن معلمتي تبالغ في وصفها للسهر بهذه الطريقة، لكن الأيام أبدت لي ما كنت أجهله وتوصلت للحقيقة التي حاولت إيصالها لي ولزميلاتي على كراسي الدراسة.
صحيح أن العطلة وغياب المسؤوليات والإنشغال مشجعة لإضطرابات النوم عند الكبار والصغار لكن الآثار اللاحقة ستجعلنا نعيد التفكير جيداً في الترفيه المرتبط بالسهر!
تحدثت في مقالة سابقة عن الاستعداد للإجازة وضرورة استغلالها في الراحة، فالدراسة والعمل لساعات طويلة من أهم مسببات اضطرابات النوم.
وإن كان الحرمان منه لا يمثل مشكلة للبعض إلا أن منع الأفراد من النوم له أثر عميق نفسياً وجسدياً وإلا لما كان مستخدما في المعتقلات والسجون كوسيلة للتعذيب، فالسجين الذي يرفض التجاوب يمنع من النوم لعدة أيام متواصلة حتى يصل إلى مرحلة يحددها سجانوه حينها يستسلم لغفوة يوقظ بعدها ويستجوب.
إذ يصبح الإنسان أكثر هشاشة واختلالاً مع نقص الراحة التي يتطلبها جسمه لإعادة ترميم الخلايا وتزود الجسم بالطاقة.
في دراسة أجريت في جامعة شيكاغو عام 2001 م اكتشف العلماء أن قلة النوم ترتبط ارتباطاً مباشراً بأمراض تتطور لدى الإنسان كأمراض السكري والقلب واعتلالات المخّ المختلفة كالفصام والاكتئاب.
من جهة أخرى تؤثر قلة النوم سلباً في توجهات الإنسان الاجتماعية وتواصله مع الناس حوله والسبب تحولات المزاج التي لا يمكن التحكم فيها.
بعد انتهاء فترة العطلات وعودة الطلاب للمدارس والموظفين لأعمالهم تظهر مشكلات تعزى لسبب واحد هو صعوبة التأقلم مع ساعات الاستيقاظ والنوم المبكّر المطلوبة منهم.
وترتفع نسبة الأخطاء العملية وحوادث السير وأيضاً يضعف التحصيل الدراسي بشهادة المعلمين!
كلّ ذلك يمكن تفاديه بخطوة واحدة وهي الحصول على ساعات النوم الصحي المتناسبة مع عمر الفرد وتعويضها إن أمكن خلال اليوم.