"عيالنا" في إندونيسيا..!

تداولت بعض المواقع الإخبارية الإلكترونية بالأمس، بعض التقارير عن مسلسل درامي يعرض على قناة إندونيسية حالياً بعنوان (مسلمة). وهو مسلسل يصور بشكل مبالغ فيه حالات العنف ضد العمالة المنزلية الإندونيسية في السعودية, وقد شمل أحد التقارير المنشورة عنه آراء بعض السعوديين المقيمين في إندونيسيا حالياً حول هذا المسلسل، حيث أعربوا عن تخوفهم من تعرضهم لحالات اعتداء جراء الشحن النفسي لدى الشعب الإندونيسي الناتج عن كمية المشاهد العنيفة فيه وتحامله بشكل غير منطقي على المجتمع السعودي.
طبعاً من حق "عيالنا" في تلك البلاد أن يخافوا على أنفسهم, وأن يأخذوا احتياطاتهم الكاملة تجاه ما قد يتعرضون له لا سمح الله, لكن هل تساءلنا عن السبب الذي جعل منتجاً تلفزيونياً يحرص على إنتاج مسلسل كهذا؟
بالنسبة لي أعتقد أن الشحن النفسي موجود قبل عرض المسلسل المذكور بسنوات, وهو يأتي كنتيجة حتمية لما درجت عليه وسائل الإعلام الإندونيسية من تضخيم لبعض حالات العنف النادرة ضد العاملات المنزليات من الجنسية الإندونيسية في السعودية, لكن لماذا العاملات "الإندونيسيات" تحديداً هن من يشكين من تعرضهن للعنف في هذا البلد، ونحن نعلم جيداً أن هناك كثيرا من العاملات في منازلنا من جنسيات مختلفة؟
الإجابة ببساطة تكمن في كون العمالة المنزلية القادمة من إندونيسيا أثبتت على مر السنوات الماضية أنها عمالة غير مدربة وغير مؤهلة, بجانب أنها تحمل كثيرا من المعتقدات والعادات التي تتصادم بشكل حاد مع طبيعة المجتمع السعودي, والقصص والشواهد على هذا الأمر كثيرة ولايمكن حصرها.
طبعاً أنا لا أقصد بالكلام السابق أن أبرر تعرض أي إنسان من أي عرق أو لون للعنف, فهذا أمر غير مقبول من الناحية الإنسانية والناحية الدينية أيضاً, لكن يجب أن نؤمن بوجود مشكلة في عملية تكيف العمالة المنزلية الإندونيسية مع طبيعة المجتمع السعودي, ولعل من الغريب أن تتكيف العمالة الفلبينية غير المسلمة مع طبيعة الحياة في المملكة, ولا تتعرض للمشكلات نفسها التي تتعرض لها العمالة الإندونيسية المسلمة بحسب الادعاءات!
إن القضية باختصار تكمن في مسألة التأهيل والتدريب, فالعاملة المنزلية القادمة من الفلبين مثلاً تم تدريبها وتأهيلها بشكل جيد, قبل أن تضع قدمها على أرض المملكة ولذلك فهي لا تجد أي صعوبة في ممارسة عملها الذي تجيده, إضافة إلى معرفتها التامة بالدور المطلوب منها, بعكس العاملة الإندونيسية التي يتم إحضارها إلى المملكة من المناطق الريفية في إندونيسيا دون أي تأهيل أو تدريب, وربما كانت جميع خبراتها في الحياة تقتصر على جني المحاصيل من المزارع في بلادها, ثم يطلب منها أن تعمل على تنظيف المنازل ورعاية الأطفال و و و..، هل تجدون أن هذا أمر منطقي بالله عليكم؟.. من الطبيعي في مثل هذه الحال أن تصطدم تلك العاملة مع الأسرة التي تعمل لديها, ونتيجة للشد والجذب قد يتطور الصدام إلى العنف في بعض الحالات, فمن المسؤول عن هذه النتيجة؟
طبعاً ليس من المنطق أن نطالب بإيقاف استقدام العمالة من دولة معينة, بما قد يفهم على أنه تصرف ينم عن توجه عنصري.. لكننا بحاجة إلى توعية الناس بأفضلية العمالة القادمة من دولة ما على العمالة القادمة من دولة أخرى، ونجعل القرار بأيديهم في نهاية المطاف. أما "عيالنا" في إندونيسيا فلا يمكننا إلا أن ندعو لهم بالعودة إلى وطنهم سالمين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي