المجتمع وإعاقة التأخر العقلي.. إلى أين؟
أكد خبراء تربويون ضرورة تغيير نظرة المجتمع لذوي الاحتياجات الخاصة وخاصة إعاقة التأخر العقلي، مطالبين بتسليط الضوء على إشكالية لا تزال موجودة في المجتمع تتمثل في وجود عقبات تعوق دمج هذه الفئة مع فئات المجتمع الأخرى في أجواء مهيأة لهذا وما يتبعه من آثار سلبية اجتماعية واقتصادية.
ويصف العلماء التأخر العقلي (أو الإعاقة الفكرية) بأنه ليس مرضا في حد ذاته ولكنه عرض للعديد من الأمراض والحالات, سواء الوراثية أو المكتسبة وقد يكون من الصعب التعرف عليها لوجود إعاقة أخرى مخفية أو ظاهرة مثل الإعاقة السمعية أو البصرية أو التواصل مع الآخر.
كما يقيس المختصون في علم الاجتماع مدى ذكاء الفرد أو تأخره من خلال مقدرة الفرد على التفاعل مع المجتمع واستجابته للمتطلبات الاجتماعية وهو ما يسمى بالسلوك والتكيف.
#2#
ويلاحظ مختصون تربويون وجود فجوة في تفهم حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة التي من أبسطها دمج هذه الفئة مع المجتمع في بيئة مناسبة لكسر الحاجز بينهم وبين الآخر.
ويرى هؤلاء أن هذا الأمر تفتقده برامج التربية الحالية, فأصحاب التأخر العقلي, إما معزولون تماماً في مدارس منفصلة, وإما موضوعون مع غيرهم من الأسوياء دون توعية مسبقة للفئتين بحقوق وطبيعة الفئة الأخرى التي بالتالي تعود عادة بنتائج عكسية غير المرجوة منها.
على النقيض يرى مختصون آخرون ومنهم جنيد فخرالدين جنيد مدير معهد التربية الفكرية في المدينة المنورة، أن برامج الدمج تؤتي ثمارها حيث بدأت في المدينة منذ أكثر من عشر سنوات، حيث يتم عمل قياس لمستوى ذكاء المعوق في البداية ثم يتم إشراكه فيما يسمى مرحلة التهيئة التي قد تستمر مدة عامين وبعدها يتم إدخاله في المرحلة الابتدائية ثم المتوسطة في فصول لا تتجاوز عشرة طلاب, وفي خلال هذه الفترة يتم دمجه بالطلاب الأسوياء بطرق علمية مدروسة مراعين أن تكون هذه المدارس في نفس منطقة السكن الخاصة بالمعاق لكي يندمج مع البيئة المحيطة به ثم تأتي المرحلة الأخيرة من مراحل الدمج وهي التوظيف عن طريق برنامج التوظيف الخاص بالمعوقين, والذي أنشئ منذ عامين وقد نجح البرنامج في توظيف العديد من أصحاب الإعاقات الذهنية في أماكن مختلفة فمنهم من يعمل في مطبعة ومنهم من يعمل في السوبر ماركت الكبير ومنهم من يعمل في مصنع للتمر إلى غيره من الأعمال المنتجة, وهم في ذلك يحصلون على رواتب مجزية بما يعود عليهم وعلى مجتمعهم بالنفع، إلا أن هناك سلبيات - والحديث لمدير المعهد - مثل وجود حالات لا يمكن دمجها وهذه تتطلب تحويلهم إلى مستشفى وعيادات تعديل السلوك للتعامل معها ثم إدخالها في برامج الدمج بعد ذلك، كما أن هناك سلبية أخرى تتمثل في رفض بعض أولياء أمور أطفال أسوياء لفكرة الدمج مع ذوي الاحتياجات الخاصة وهؤلاء يتم التعامل معهم من خلال برامج التوعية المناسبة والندوات التثقيفية للتعريف بالآخر.
من جانبه، يرى حامد الفريدي مدير مدرسة سعد بن عبادة في المدينة المنورة، ضرورة دمج ذوي الاحتياجات الخاصة مع الأسوياء في وجود الرقابة المناسبة لأن هذا الدمج يوجد نوع من التحرر لدى المعوق يساعده على التكيف مع المجتمع كما يوجد نوعا من التآلف والرأفة من الطلاب الأسوياء, وهذه الحالات وكيف أنه عن طريق برامج الدمج تحسنت الكثير من الحالات لدرجة جعلت بعض هذه الحالات تقوم بعمل مشهد مسرحي كنوع من أنواع النشاط الفني, كما جعلت آخرين يقومون برسم لوحات فنية تتفوق في براعتها رسومات بعض الأسوياء, كما تساعد هذه البرامج المعوق في الكبر على تعلم حرفة تفيده، فبعض هذه الحالات على حد قوله يمكنه العمل في المهن التي تحتاج إلى تكرار مثل ترتيب الغرف في الفنادق, وهو ما تم تجربته في المدينة فعلا وأثبت نجاحه أو في العمل بسنترالات الدوائر الحكومية أو إلى غيره من الوظائف الشبيهة.