كُتاب الإنترنت بين واقعهم المحسوس وخيالهم الواسع .. هل ينجحون في الميدان
تعد شبكة الإنترنت، الشبكة المعلوماتية الأولى على مستوى العالم، التي من خلالها تنبثق المعلومات المختلفة، وتهم جميع الشرائح العالمية المختلفة، من أحد أهم معالم العصر الحضارية، فهي مصدر للتواصل السريع بين البشر من أقصى الغرب إلى أقصى الشرق، ومن شمالها إلى جنوبها، ومصدر لتناقل معلومات بسرعة لا تخطر على بال البشر في أزمنة سابقة.
عبر هذه النافذة، تشكل الشبكة المعلوماتية الإنترنت المصدر الأول لجميع مستخدمي التقنية في العالم، وجعلت العالم المستخدمة لها عولمة من خلال نافذة يمكن الإطلاع على جميع ما يمكن البحث عنه، ففي خلال لحظات يمكن الحصول على ما يريده.
هي الغاية نفسها التي كانت من أهداف القرون السابقة في البحث والحصول على المعلومات، ولكن في هذا الزمن اختلفت الوسائل. حيث أصبحت أكثر شاعرية. فالمعلومات أصبحت "بالصوت والصورة"، ومدعومة بالشروح اللازمة. إذ مكّن المستخدم من الرقي بالقراءة والكتابة، وبالسماع والنطق، فأصبح المستخدم عائما في بحر من صفحات مواقع الإنترنت بحثا عن تلك المعلومات وبأشكال متعددة.
وكما يقول الحكماء "لا كتابة دون قراءة"، فالإنترنت جعلت من المستخدم "المثقف" مصدر معلومات "متنقل" يحمل في جعبته الكثير الكلمات التي ينبغي عليه أن يفرغها هنا وهناك، ولكن أين يفرغها؟.
"الاقتصادية" بدورها قامت بجولة على عديد من المواقع الروائية والأدبية والثقافية بشكل عام، والتقت رواد تلك التجارب من خلال الكتابة على الإنترنت، هو مفكر وصاحب خيال واسع، وباستطاعته مقارعة الكبار، فقد دخل ميدان الصحافة من خلال التعاون في عديد من وسائل الإعلام.
#2#
يقول محمد بن عبدالرحمن الهديب، الملقب بـ " أبو هديب "، بأن فكرة الكتابة بدأت عن طريق صديق لي أرشدني على منتدى يقوم بالكتابة الهزلية، إذ كان توجهي وقتها لكتابة الخواطر، ومع تصفح المنتديات وجدت توجه الغالب إلى الكتابة الساخرة، فقمت بكتابة أول موضوع ساخر، ولاقيت صدى كبير بعدها، فاستمرت في الكتابة الساخرة، حتى أصبحت أكتب مزيجا من الخواطر والكتابات الساخرة، وقمت بتطوير تلك المهارات حتى أصبحت أكتب قصصا خيالية وكاريكاتورية تعكس بعض المشاهد من حياتنا.
وأضاف أبو هديب "أتجه إلى توصيل معلومة أمتلكها أو نقد لنظام ما، أو عادة سيئة، بطريقة تدخل البهجة على القراء، وتجعلهم لا يشعرون بالرتابة. وتطور هذا الحال، نظراً لكمية المدح التي لاقيتها من الأعضاء المشاركين، ولاشك أن للإنترنت دور كبير في صقل موهبة الكتابة لدي، حيث إن هناك جمهورا يشعرني بوجودي عندما أقرأ ردودهم، التي تدفعتني وجعلتني أستمر، إذ إن هذا التفاعل جميل حسب ما أشاهده في مدونتي، فالكل معجب وراض عما أكتبه، خصوصا أنني أتوجه إلى الكتابة الساخرة التي تدخل البسمة على الشفاه".
التحرير "الصحافي" و"الإلكتروني"
أشار "أبو هديب" إلى أن تلك الكلمات والجمل التي يطلقها من قلبه إلى "لوحة المفاتيح" وصل صداها إلى عديد من وسائل الإعلام، إذ تم مخاطبته في أكثر من مرة لكتابة بعض الروايات والقصص الصغيرة، مؤكدا أن هدفه ليس تجاريا بقدر ما هو صقل لإحدى مواهبه. مشيرا إلى أن التجربة الصحافية التي خاضها كانت جميلة ونقلة كبيرة في حياته، حيث إنه ميز بين الكتابة الهزلية داخل المنتديات، والكتابة في المطبوعات الرسمية. فالمنتديات تستطيع أن تحلق بك حيثما شئت خلف "اسم مستعار" لا يعرف أحد من تكون، وإن تعرف عليك أشخاص فهم قلة، وأسلوبك لا يشوبه أي نقد، لأن من حولك مجتهدون في الكتابة. ولكن المطبوعة دائما تنتقي الصفوة من الكتاب، فيجب أن تكون قدراتك موازية لقدراتهم، لذلك كانت تجربة قد ساعدتني في التفريق بين الكتابات.
فالكتابة في الإنترنت ليس فيها مقص رقيب أو شخص يفرض عليك ما تكتبه، أو يوجه دفة قلمك حيث يشاء، وأفكارك تتنساب بسهولة مع الآخرين عبر الإنترنت بدون أي تدخلات، وهذا ليس كما في المطبوعة، سواء مجلة كانت أو كتابا أو صحيفة، فأنت تحت المجهر، وهناك من يقيد حركتك دوما، لا أقصد ما هو خارج عن الاحترام والحرية التي يقصدها البعض، سواء بالنقد الجارح أو التحدث بما لا يعني.
ومن هذا المنطلق أرى أن الكتابة والنشر في الإنترنت شيقة وجذابة جداً، وهي تتميز بالسرعة الفائقة وبإمكانية تصحيح العبارات والكلمات وتعديلها مباشرة أو خلال دقائق أو ساعات، وهذا لا يتوافر أبداً في الكتابة الورقية والمطبوعات. وإن توافر فإنه يحدث بعد مدة طويلة في الطبعات المقبلة المنقحة للكتب، أو من خلال تنويه واعتذار عن خطأ مطبعي في العدد التالي من الصحيفة أو المجلة الورقية.
وأيضاً تتميز الكتابة على الإنترنت بإمكانية إضافة الألوان والصور والصوت والرسوم التعبيرية إلى المادة المكتوبة، مما يحسن في جاذبيتها للقراءة، ولا يتوافر مثل ذلك في الكتابة الورقية إلا بزيادة كبيرة في سعر المطبوعة وتكلفتها، كما لا تتوافر إمكانية إضافة الصوت أو الصورة المتحركة إلا في تقنيات التلفزة، إذا فالمحتوى الإلكتروني قد تكون أداة سريعة في فهم المعلومات.
إن العلاقة المباشرة بين القارئ والكتاب المطبوع (وغيره من المطبوعات) يمكن أن تشكل علاقة حميمة وحسية مباشرة، وفيها جاذبية خاصة ومعان كثيرة للقارئ، لاسيما أن المواد المطبوعة على الورق قد رافقتنا منذ زمن طويل.
وأضاف "أبو هديب"، الكتابة والنشر على الإنترنت أرخص ثمناً وتكلفة من الناحية المادية، على الرغم من تكاليف جهاز الكومبيوتر وصيانته وبرامجه وأسعار الاتصال بالشبكة وتكلفة استضافة الموقع وثمن اسمه، ولكن جميع ما ذكرته هو ضرائب للكتابة والنشر المباشر، إذ تستطيع أن تقرأ ما تكتبه فوراً منشوراً في الفضاء العالمي من خلال شاشة الكمبيوتر بالطبع. كما يمكن للمادة المنشورة أن تنشر في عشرات المواقع الأخرى من خلال تداولها وبسرعة كبيرة، أو من خلال إرسالها عبر البريد الإلكتروني والقوائم والمجموعات البريدية، حيث يمكن إرسال موضوع معين لعشرات الآلاف أو لملايين العناوين البريدية خلال دقائق، وهذا يحقق الانتشار الواسع للكاتب، ويجعله عابراً للحدود المختلفة، ويزيد من عدد القراء بنسبة خيالية، وكل ذلك يمثل مكافأة ممتازة للكاتب ويرضي طموحه وربما يشجعه ويحفزه على الكتابة أيضاً مرات عديدة.