الحصين: الأزمة المالية جاءت نتيجة التوسع في قروض البنوك دون تبصر وحكمة

الحصين: الأزمة المالية جاءت نتيجة التوسع في قروض البنوك دون تبصر وحكمة

الحصين: الأزمة المالية جاءت نتيجة التوسع في قروض البنوك دون تبصر وحكمة
الحصين: الأزمة المالية جاءت نتيجة التوسع في قروض البنوك دون تبصر وحكمة

أكد الشيخ الدكتور صالح الحصين الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، أن الأزمة المالية التي يعيشها العالم اليوم جاءت نتيجة حتمية بسبب التوسع في القروض التي كانت تمنحها البنوك دون تبصر ودون حكمة، وتطبيق النظام البنكي الرأسمالي المتبع في الغرب الذي يعتمد في تعاملاته على الفائدة وعقود المخاطرة، مشيرا إلى أن هذه الأزمة لم تكن مفاجئة حيث توقعها الخبراء وحذروا منها في وقت مبكر.
وقال الحصين في كلمته التي ألقاها خلال ندوة نظمتها الغرفة التجارية الصناعية في الرياض تحت عنوان "التمويل الإسلامي وخدمة المجتمع في ظل الأزمة المالية العالمية" بحضور عبد الرحمن الجريسي رئيس الغرفة التجارية الذي أدار الندوة، والشيخ عبد الله بن منيع، والشيخ عبد الله المطلق عضوي هيئة كبار العلماء، "الحقيقة أن هذا كان متوقعا من سنوات، فبعد انهيار بورصة نيويورك عام 1987 اجتمع بعدها بنحو شهر تقريبا 30 خبيرا عالميا من 13 دولة وكان تقريرهم متشائما، وينذر العالم بأن الاقتصاد العالمي مهدد بالانهيار. وقد صور لنا الخبير الفرنسي موريس إلياس الحائز على جائزة نوبل عام 1988أثر النظام الربوي والبنكي كما يتبع في الغرب والدول التي تقلد الغرب كيف يكون أثره على تدمير الاقتصاد العالمي.

#2#

وقال في حينها إنه اقتصاد قوي واستطاع أن يقدم مهدئات ولكن المرض متجذر في الاقتصاد كما يسير الآن. وذكر موريس أن الاقتصاد العالمي عبارة عن أهرامات من الديون يرتكز بعضها على بعض ولكن من دون قاعدة. والمتسبب في هذا هو النظام البنكي الذي يجري العمل به في العالم الرأسمالي حيث سمح هذا النظام لعقود المخاطرة سواءً في الأسهم أو العملات، ونتيجة لذلك حصل هناك تدفق النقود بين دول العالم.
وأضاف الحصين وحتى لو أمكن تجاوز هذه الأزمة العالمية فهذا لا يعني أن النظام الرأسمالي قد صح ولا خوف عليه، بل يمكن حدوث أزمات أخرى، وهذه طبيعة الربا والتي تؤدي قطعا إلى هذه النتيجة، كما تؤدي إلى الإخلال بمبادئ المفترض أن تكون هي السائدة وأن يكون المال قياماً للناس وأن يستعمل المال في وظيفته الطبيعية.
وزاد في القول مع الأسف الشديد إن بعض البنوك سواء سميت إسلامية أو نوافذ إسلامية أوهموا المجتمع خواصه وعامته وطلبة العلم، أنه لا يمكن التمويل إلا عن طريق التورق المبارك أو الشرعي في حين أن هناك طرقا كثيرة للتمويل متفقة مع الشريعة الإسلامية، مضيفا أن ما يسمى بالتورق المصرفي الإسلامي والذي انهمكت فيه تلك البنوك هو كذب وتشويه للإسلام وهي خدعة من هذه البنوك. وأضاف الحصين أن التوسع في هذا الأمر أوجد العديد من المشكلات.
وقال الحصين "الواقع أننا في السعودية مررنا في فترة قصيرة جدا بتجربة الرأسمالية وفعلا واجهنا هذه المشاكل". وأضاف " وفي كلمتي التي ألقيتها أمام خادم الحرمين الشريفين قبل ثلاث سنوات بمناسبة لقاء الحوار الوطني وأذيعت في حينها ذكرت في ذلك الوقت نقلا عن الصحف السعودية نقلا عن مؤسسة النقد والتي ذكرت أن القروض الربوية للاستهلاك بلغت 67 مليار ريال. وفي ذلك الوقت قلت إنني أتوقع أن تصل في نهاية تلك السنة إلى 120 مليار ريال. وبالفعل في نهاية تلك السنة بلغت النسبة 118 مليار ريال وفي حينها قال لي الكثيرون إن كلامي غير واقعي لكن بالفعل حصل ما توقعت بل لم نمر سنة ونصف حتى بلغت هذه النسبة أكثر من 200 مليار ريال بمعنى أنها بلغت أكثر من ثلث الناتج القومي السعودي إذا ما استبعدنا قطاع النفط والغاز".
وأضاف لكن في تلك الكلمة "أوضحت خطورة هذا الأمر على المقترضين وذوي الدخول المحدودة حيث كانت البنوك تعطي المقترض 20 مرة ضعف راتبه وتأخذ منه أقساطا على ثلث راتبه وهذا يعني أن الموظف سيمضي خمس سنوات يعيش على ثلثي راتبه مما يعني أن المقترض يرتهن مستقبله لحاضره حيث لا يتوقع أن يزيد دخله بقدر نفقاته وستزيد نفقاته حتما ودخله قد لا يزيد وهذا الذي حصل وهذه التجربة التي جربناها بالتوسع في القروض الربوية أوجدت لدينا مشكلة أدخلت الدموع على آلاف البيوت في المجتمع السعودي".
وزاد في القول إن الواقع بين المخرج الشرعي والحيلة الملعونة مثل الخيط الدقيق ولكنه واضح وضوح الشمس، ولكن الإشكالية هي أن الناس لم ينظروا إلى هذا الفارق نظرة واقعية والتي كان يمكن أن يساعد عليها واقع الأسواق، ولا سيما من واقع التجربة الأليمة التي حصلت في السعودية.
وعن الهيئات الشرعية في البنوك والذين ربما يلقي الناس اللوم عليهم أقول كل الذين أعرفهم "والله لا أعتقد أني أصل منهم إلى نصف الساق" في علمهم وصلاحهم وتقواهم وأتمنى أن أكون في مستوى أحدهم من التقوى لكن ما حصل هو عدم تصور للواقع وهذا من الضغوط التي جعلت الناس لا تتصور الواقع بشكل صحيح".
من جهته أوضح الشيخ عبد الله بن منيع عضو هيئة كبار العلماء، أن الحاجات إلى التمويل مختلفة ومتعددة فهناك من يريد شراء سيارة وآخر يريد الزواج وثالث يريد أن يدفع رواتب موظفيه، ولا يمكن لهذا الشخص أن يلبي حاجته إلا بواحدة من ثلاثة أمور، فإما أن يجد شخصا يعطيه هذا المبلغ هبة وهذا شبه مستحيل إن لم يكن مستحيلا، أو أن يجد شخصا يعطيه هذا المبلغ على سبيل القرض الحسن حتى يتيسر له سداده، وهذا شبيه بالأول، وإما أن يلجأ للبنوك ليأخذ تمويلا ربويا والبنوك ترحب به وتستقبله استقبالا كاملا، لكن الله تعالى يمحق الربا.
واستطرد المنيع قائلا "إذن الحل في هذه الحالة هو التورق الشرعي بشروطه المعتبرة، وهي أن تكون المسألة على بيع صحيح مستكمل لشروطه وأركانه وانتفاء موانعه ثم بعد ذلك هذه السلعة اشتراها وهو يعرفها، ورآها بعينه أو وصفت له وصفا ينفي عنه الجهالة نفيا كاملا ثم تمكن من التصرف فيها بقبضها ببيعها وعلى إلا يبيعها على من اشتراها منه فهذا هو الذي يجعلنا نقول بهذا وهو مخرج من المخارج التي يرتفع الحرج فيها عن عباد الله، وفي نفس الأمر فإن التورق ليس من النوازل وهو موجود من عهد الخلافة الإسلامية".
من جهته قال الشيخ عبد الله المطلق عضو هيئة كبار العلماء: ما من عصر من العصور إلا وفيه أزمة مالية، الله تعالى يبتلي الناس بالعسر وباليسر وبالخير وبالشر ولكن صمام الأمان لهذه الأزمات هو القيام بحقوق المال والقيام بالمسؤولية الاجتماعية، والله تعالى وعد المنفقين في الخير أن يخلف عليهم. قال تعالى "وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين "وما من أحد تصدق وأظهر حق ماله إلا حفظ الله ماله".

الأكثر قراءة