من قلب أمريكا!

نجح فيلم كلينت إيستوود الجديد Gran Torino في استقطاب كثير من المشاهدين وحقق إيرادات مميزة لم يتوقّعها منتجوه، والسبب يعود لكون هذا الفيلم صغير الأفق عميق الفكرة فيلماً عن أمريكا لأمريكيين أولاً قبل تصديره للجمهور العالمي.
يفقد السيد كوالسكي زوجته ويبدأ الفيلم بتقبّل فكرة وحدته وعيشه في حيّ بمدينة تحول وجهها كثيراً.
يسكن جوار الأرمل أسرة تتحدر من شعب الهمونج الصيني ولد الجيل الثالث منها في أمريكا وبقيت الجيلين السابقين محتفظة بعاداتها القديمة وارتباطها بأرضها الأولى.
هؤلاء المهاجرون حاربوا في فيتنام إلى جانب الأمريكيين ثم تركوهم ورحلوا ليقعوا ضحايا للنظام الشيوعي ومعتقلاته!
لا يتعامل السيد كوالسكي بالترحاب والقبول الذي تتطلبه ديمقراطية أمريكا وشعاراتها الجذابة في احتضان الناس على اختلافهم، بل يبذل كل ما في وسعه لتوضيح امتعاضه وعنصريته تجاه الغرباء الذين امتد غزوهم على أحياء مدينته.
وفي أحد المشاهد يطلّ على جيرانه وهم يحتفلون بمولود جديد ويذبحون دجاجة لتلك المناسبة فيعلّق: برابرة!، مع مرور الأحداث يتذكر وهو الجندي السابق الذي حارب في كوريا على الجرائم التي ارتكبها وأولئك الذين قتلهم باسم الحرية الأمريكية وكأنه يلفت انتابهنا إلى التناقض المخيف الذي تحمله شخصيته وهل قتل الطيور أكثر بربرية من قتل الأبرياء ؟
الفيلم لم يكن بعيداً عن المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها الشعب الأمريكي، فالبطل عامل متقاعد من شركة فورد للسيارات التي وغيرها تتخذ مدينة ديترويت مركزاً للتصنيع ويعاني الآلاف كل سنة من التسريح المفاجئ مما يخلق مشكلة حقيقة تتنامى كل يوم.
أما في الجانب الأسري يفتقر الأرمل الوحيد لاهتمام أبنائه الذين حققوا نجاحاتهم الشخصية واستقلوا بأنفسهم حتى نسوا الرجل الذي سعى بكل جهده ليصلوا إلى ما هم عليه، وهذا المشهد بالمناسبة ليس مستغرباً في المجتمع الأمريكي لكن لم يمنع كاتب الفيلم من إعادة صياغته وتوظيفه للمرة الألف ربما في السينما!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي