إمام المسجد النبوي: التفريط في الصلاة من أعظم أسباب البلاء والشقاء
أوصى الدكتور أسامة بن عبد الله خياط إمام وخطيب المسجد الحرام المسلمين بتقوى الله عز وجل في السر والعلن والعمل على طاعته واجتناب نواهيه ودوام شكره على نعمه ظاهرة وباطنة.
وقال في خطبة الجمعة أمس في المسجد الحرام "إن من عظيم نعم الله على الصفوة من عباده ما اختصهم به من كريم السجايا وجميل الصفات التي عظمت بها أقدارهم وسمت بها منازلهم وارتفعت بها درجاتهم عند ربهم"، موضحا أن من أجل هذه الصفات قدرا وأعظمها أثرا صفة الشكر وهو ظهور نعمة الله على لسان عبده ثناء واعترافا وعلى قلبه محبة وشهودا وعلى جوارحه انقيادا وهو دليل على كمال العقل وصلاح القلب وصحة النفس وسلامة الصدر.
وأضاف خياط "إن القرآن الكريم جاء بالأمر بالشكر لله عز وجل على نعمه ونهى عن ضده وهو الكفران والجحود بالنعم وعدم الإقرار بها أو استعمالها فيما يكره المنعم"، مبينا أن أهل الشكر هم المنتفعون بآيات الله وأن الشكر سبب لزيادة فضله سبحانه وتعالى وحارس محافظ على نعمته وأن التقصير في شكر النعم إنما هو ناشئ عن الجهل بها أو الغفلة عنها.
وأشار الدكتور خياط إلى أن من أسباب شكر النعم اعتبار المرء بحال من هو دونه في المال والولد والصحة لقوله صلى الله عليه وسلم "انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله".
وقال "إن ذلك يعد تدريبا تربويا عظيما يأخذ به كل من أراد أن يطمئن قلبه ويستقيم حاله وتطيب حياته بالسلامة من اضطراب الفكر وكآبة النفس ورحيل السرور وحلول الهموم ونزول العلل واستحكام الآفات التي تكدر صفو العيش وتنغص مباهج الحياة".
وأفاد أن الوقوف في مقام الشكر لله ليس مختصا بذوي النعم يدخل فيه أيضا أهل البلاء من فقر ومرض وخوف أو نقص في الأنفس".
وأردف إمام الحرم المكي قائلا: "إن في كل بلاء أربعة أشياء يسر بها أولو الألباب فيشكرون الله عليها أولها أنه من المتصور أن من وقوع هذه المصيبة على درجة أكبر مما هي عليه فمجيئها على هذه الدرجة نعمة تستوجب الشكر، وثانيها أنها لم تكن في الدين إذ لا مصيبة أعظم من المصيبة فيه، وثالثها أن فيها من ثواب الصابر عليها ومن رفعة مقامه وتكفير سيئاته ما يحولها إلى رحمة ونعمة، أما رابعها فإنها كانت مكتوبة في أم الكتاب ولم يكن من بد أن تصل إلى من كتبت له ولا مناص له من التسليم والرضا به وذلك الرضا الموعود صاحبه برضوان ربه، داعيا المسلمين إلى القيام بحقوق الشكر لله رب العالمين على عظيم نعمه لأن في أمر الله عبادة بشكره عز وجل.
وفي المدينة المنورة قال الشيخ صلاح البدير إمام وخطيب المسجد النبوي في خطبة الجمعة أمس: "أيها المسلمون قد أنعم الله عليكم بنعم سابغة وآلاء بالغة ، نعم ترفلون في أعطافها ومنّن أسبلت عليكم جلابيبها وإن أعظم نعمة وأكبر منة هي نعمة الإسلام والإيمان ، يقول تبارك وتعالى (يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين). فاحمدوا الله على ما أولاكم واشكروه على ما إليه هداكم حيث جعلكم من خير أمة أخرجت للناس وهداكم لمعالم هذا الدين الذي ليس به التباس.
وبين الشيخ البدير أن من أظهر معالم الإسلام وأعظم شعائره وأنفع ذخائره الصلاة ثانية أركان الإسلام ودعائمه العظام هي بعد الشهادتين آكد مفروض وأعظم معروض وأجل طاعة وأرجى بضاعة من حفظها حفظ دينه ومن أضاعها فهو لما سواها أضيع.
وقال "الصلاة عمود الديانة ورأس الأمانة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم (رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة). جعلها الله قرة للعيون ومفزعا للمحزون فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة ويقول (وجعلت قرة عيني في الصلاة) وكان ينادي (يا بلال أرحنا بالصلاة) فكانت سروره وهناءة قلبه وسعادة فؤاده صلوات الله وسلامه عليه.
ومضى الشيخ صلاح البدير يقول في فضل الصلاة (هي أحسن ما قصده المرء في كل مهم وأولى ما قام به عند كل خطب مدلهم ، خضوع وخشوع وافتقار واضطرار ودعاء وثناء وتحميد وتمجيد وتذلل لله العلي الحميد، يقول رسول الهدى صلى الله عليه وسلم (إن أحدكم إذا كان في الصلاة فإنه يناجي ربه).
وأفاد إمام المسجد النبوي أن الصلاة هي أكبر وسائل حفظ الأمن والقضاء على الجريمة وأنجع وسائل التربية على العفة والفضيلة قال تعالى: (وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر)، هي سر النجاح وأصل الفلاح وأول ما يحاسب عنه العبد يوم القيامة من عمله فإن صلحت فقد أفلح وأنجح وإن فسدت فقد خاب وخسر، المحافظة عليها عنوان الصدق والإيمان والتهاون بها علامة الخذلان والخسران طريقها معلوم وسبيلها مرسوم من حافظ عليها كانت له نوراً وبرهانا ونجاة يوم القيامة.
ومضى فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي يقول من حافظ على هذه الصلوات الخمس ركوعهن وسجودهن ومواقيتهن وعلم أنهن حق من عند الله وجبت له الجنة ، نفحات ورحمات وهبات وبركات به تكفر السيئات وترفع الدرجات وتضاعف الحسنات ، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء قالوا لا يبقى من درنه قال كذلك مثل الصلوات الخمس يمحي الله بهن الخطايا).
وأضاف يقول "إن مما يندى له الجبين ما فشى بين كثير من المسلمين من التفريط والتضييع لهذه الصلاة العظيمة فمنهم التارك لها بالكلية ومنهم من يصلي بعضاً ويترك البقية ، لقد خف في هذا الزمان ميزانها وعظم هجرانها وقل أهلها وكثر مهملها وإن من أكبر الكبائر وأعظم الجرائر ترك الصلاة تعمداً وإخراجها عن وقتها كسلاً وتهاوناً، يقول النبي صلى الله عليه وسلم (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)، وإن فوت صلاة من الصلوات كمصيبة سلب الأموال وفقد الزوجة والبنين والبنات، يقول النبي صلى الله عليه وسلم (من فاتته صلاة فكأنما وتر أهله وماله). وغضب الله ومقته حال على تارك الصلاة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم (من ترك الصلاة لقي الله وهو عليه غضبان)، ويقول جل وعلا (ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى).
وأشار الشيخ صلاح البدير إلى أن التفريط في أمر الصلاة من أعظم أسباب البلاء والشقاء ضنك دنيوي وعذاب برزخي وعقاب أخروي قال تعالى (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً).
وزاد يقول (فيا عبد الله كيف تهون عليك صلاتك وهي رأس مالك وبها يصح إيمانك، كيف تهون عليك صلاتك وأنت تقرأ الوعيد الشديد في قول الله جل وعلا (فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون)، كيف تتصف بصفة من صفات المنافقين الذين قال الله عنهم (إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلاّ قليلاً).