ماذا فعلت المياه الكبريتية في "بئر الرفدي"؟

ماذا فعلت المياه الكبريتية في "بئر الرفدي"؟

"مياه بئر الرفدي لعلاج الأمراض الجلدية" ما أن تقرأ أو تسمع هذه العبارة حتى يتبادر إلى ذهنك أن ذلك منتج دوائي جديد ينافس الكريمات والمراهم المخصصة لهذه الحالات، ولكن في حقيقة الأمر هي مياه طبيعية تستخرج من بئر يقال عنها "بئر الرفدي" تحتوي على نسبة عالية من مادة الكبريت التي يؤكد كثيرون أنها فاعلة في القضاء على هذه الأمراض بنسب كبيرة، حيث يقصدها آلاف البشر حسب سكان القرية المسماة على اسم هذه البئر التي تبعُد عن الشملي – 20 كيلو متراً غربا - لغرض الاستطباب.
وتستقبل بئر الرفدي التي اكتشف سرها عام 1399 للهجرة تقريبا، كثيرين من جميع مناطق المملكة والخليج وحتى العالم العربي، ممن يشكون الأمراض الجلدية المستعصية والباطنية، حيث يؤكدون أن المياه الكبريتية التي تحتويها البئر تساعد على الشفاء من تلك الأمراض من خلال تجارب أناس شفوا منها بفضل الله ثم بفضل مياه البئر. ورغم ذلك كله فإن الاهتمام شبه غائب من قبل الجهات المعنية عن هذه البئر فالخدمات متواضعة والتنظيم مفقود ومستوى النظافة متدن، حيث إنها تقوم على جهود ذاتية، علما بأن الموقع يحتوي على 25 دورة مياه إلا إنها بحالة غير جيدة.
وشهدت البئر التي تقع في الجنوب الغربي من مدينة حائل على بُعد نحو 180 كيلو متراً، بعد أن اكتسبت شهرة واسعة، حيث تعدت شهرتها الحدود الجغرافية للمملكة، كثيراً من المحاولات من قبل رجال الأعمال والمستثمرين لخطب ود صاحبها بالتنازل عنها مقابل مبلغ مادي وصل إلى أربعة ملايين ريال لاستثمارها، إلا أنه رفض البيع وفضل تركها "سبيل" لوجه الله، لكل من يريد العلاج.
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا. لماذا لا يتم استغلال هذه المياه في عمليات العلاج من الأمراض الجلدية علميا؟ وأثبتت التجارب نجاحها في كثير من الحالات، من خلال العمل على تحليلها واكتشافها أكثر علميا وطبيا، بحيث تقوم على ذلك وزارة الصحة بأخذ عينات من المياه وتحليلها في مختبراتها، والتأكد من فاعليتها، وتبيان ما إذا كانت نافعة أم ضارة.
من جهة أخرى، تشهد القرية خلال أيام الأسبوع حركة تجارية نشطة بسبب الزحام الكبير على البئر، حيث يستغل الباعة الجائلين من شتى أقطار المملكة الزحام في عرض مبيعاتهم على جانب الطرقات القريبة من مقر البئر.
ومن خلال جولة "الاقتصادية2" في القرية، التقت عدداً من قاصدي البئر، الذين قدموا من خارج القرية للعلاج بمياهها، حيث بين نايف الرضا بأنه قدم من مدينة عرعر - شمالي السعودية - للعلاج بماء هذه البئر، حيث يقول إن البئر تمتلك سمعة واسعة في مختلف المناطق، "وأنا أعاني حساسية جلدية مزمنة وأتيت هنا منذ يومين أغتسل بهذا الماء والذي حسب ما ذكر لي أن هناك أشخاصا شفوا ـ بعد الله ـ من الحساسية، ولكن واصلوا الغسل والشرب منه لفترات طويلة، وأنا هنا أبحث عن العلاج".
من جهته، يقول فارس بن سليمان الرفدي رئيس مركز بئر الرفدي، إن البئر لها سمعة واسعة على مستوى الخليج، فالبئر قديمة جدا واكتشفت في عام 1399هـ تقريبا، حيث كانت الإبل المصابة بمرض الجرب إذا شربت منه شفيت من هذا المرض، وتم اكتشافها منذ ذاك الحين، حيث بدأت تستقبل الباحثين عن علاج للأمراض الجلدية شيئا فشيئا حتى أصبحت تستقبل في هذه الأيام كثيرين ومن مختلف الأقطار.
وأضاف أن الماء الذي يخرج من البئر ويعالج الناس فيه تم تحليله في المختبرات الطبية ووجد أنه يحتوي على مادة الكبريت، وتتم طريقة العلاج من خلال شرب الماء والاغتسال به، فهناك من شفي من أمراض الكلى والحصى، "فمن شرب منه ينزل الحصى خلال 15 يوما - بإذن الله –"، وكذلك للأمراض الجلدية والحساسية أيضا.
ويروي رئيس مركز بئر الرفدي، قصة أحد الأشخاص الذي قدم من عُمان وهو يعاني مرضاً جلدياً "البهاق" واستمر في العلاج من خلال الاغتسال من الماء مرتين يوميا، حيث استقر في القرية قرابة سبعة أشهر، وبفضل من الله، عاد إلى بلاده وقد شفي من المرض بنسبة 95 في المائة، مضيفا أن هناك كثيراً من القصص الشبيهة من الذين من الله عليهم بالشفاء.
وبيّن الرفدي أن أحد المستثمرين الخليجيين عرض على صاحب البئر مبلغاً وقدره أربعة ملايين ريال للتنازل عن البئر إلا أنه رفض البيع وفضل وضعها سبيلا ابتغى وجه الله تعالى.
وناشد الرفدي الجهات المعنية في حائل بالنظر في شأن البئر والعمل على تطويرها وتلبية احتياجاتها نظير الأعداد الكبيرة التي تقصدها من الأقطار كافة، مشيرا إلى أنهم خاطبوا هيئة تطوير مدينة حائل وبلدية الشملي للإسهام في عملية تطوير البئر وتقديم الخدمات لقاصديها من خلال الإشراف على عمليات الصيانة والنظافة وإقامة دورات مياه إضافية تتسع لمرتادي البئر، مؤكداً ثقته بالمسؤولين والاهتمام بهذه المواقع والتي من الممكن استغلالها وجعلها تقدم خدمات أفضل للجميع.