الإعلام ودوره الكبير في نشر الثقافة المسؤولة للشركات

الإعلام ودوره الكبير في نشر الثقافة المسؤولة للشركات

على صفحات صحفنا يتناول الكتاب والمفكرون والأدباء والأكاديميون مسألة المسؤولية الاجتماعية للشركات بالتحليل والرصد والمتابعة والحوارات، إلا أنهم نادرا ما يتحدثون عن دور هذه الصحف وأجهزة ومؤسسات الإعلام ومساهمتها في نشر الوعي بهذا المفهوم الذي هو وافد جديد على الثقافة العربية.
هل صحفنا بالفعل تلعب دورا فاعلا يتناسب وقوة سلطتها الاجتماعية والثقافية وقوة تأثيرها في الرأي العام وتشكيله؟ الإجابة عن هذا السؤال بالضرورة تحيلنا إلى سؤال ينبغي أن يسبقه، وهو: ما الدور المطلوب منها تحديدا وما حدودها الوظيفية في هذا السياق؟
ما يدعو إلى هذا السؤال أن البعض يعتقد أن مهمة الصحافة تقتصر على "عرض" ما يطرحه الآخرون على صفحاتها فقط. حين نقرر أن المسؤولية الاجتماعية إنما هي في جوهرها جزء أو جانب واحد من منظومة فلسفية وفكرية إنسانية جديدة ولافتة كبيرة لتيار يزحزح المنظومة الرأسمالية ليجعلها مسؤولة لتساهم في خلق نظام عالمي أكثر عدلا واستقرارا ورفاها، وفق المعطيات الجديدة لواقع الإنسانية في ظل ثورة تقنيات الاتصال التي جعلت العالم بالفعل قرية صغيرة، وتشابكت فيه المصالح على نحو غير مسبوق.
إن ملامح المجتمع ما بعد الليبرالي والاقتصاد اللارأسمالي بدأت تتبلور الآن شيئا فشيئا مزيلة الغبار عن وجه الفلسفة النسوية من ناحية وأخلاق العناية من ناحية أخرى، وأن هذا التيار آخذ الآن في احتلال موقعه في وعي الناس في المجتمعات الغربية. وهذا بالطبع حديث يطول إذا أردنا الخوض في تفاصيله، إلا أننا نستطيع أن نوجز ونلخص موقع المسؤولية الاجتماعية للشركات في هذا السياق بوصفه محاولة لأنسنة الاقتصاد وعدم تركه تحت سيطرة آليات السوق توجهه أينما شاءت.
إذن، ومن هذا المنظور نستطيع أن نكتشف أن الصحافة بحكم أنها منابر للوعي ونشر الفكر الحديث والمعاصر ينبغي أن تكون هي نفسها مواكبة لما يستجد من أفكار ونظم ومفاهيم كالتزام أصيل منها تجاه الرأي العام في مجتمعها، والمسؤولية الاجتماعية واحدة من هذه الأفكار والمفاهيم والنظم.
وإلا فكيف يمكن أن يتداول المجتمع هذه الأفكار ويكون ملما بها لتدخل في ثقافته ومقررات حياته اليومية؟
صحيح أن صحفنا ـ مرة أخرى تؤكد هذا ـ تفرد حيزا لا بأس به لقضايا المسؤولية الاجتماعية للشركات، إلا أنها تفعل ذلك من خانة الموقف السلبي، وما ينقص هذا الدور لينتقل إلى خانة الموقف الإيجابي هو المبادرة، وخير مثال يمكن أن يضرب لهذا الموقف تجسده مبادرة جائزة "الاقتصادية" لأفضل بيئة عمل، كما تجسده هذه الصفحة الأسبوعية المخصصة للتنافسية المسؤولة ويتم فيها تناول الموضوع من مختلف زواياه وعلى مستوى كل قطاع من القطاعات.
وإذا كانت الهيئة العامة للاستثمار قد طرحت مؤشر التنافسية المسؤولة للشركات كآلية تكسب بها رهانها (10 × 10) لتتبوأ المملكة موقعها كبيئة استثمارية في عام 2010، فإن المسؤولية الاجتماعية للشركات لم تعد شأنا داخليا محليا يدفع مسيرة التنمية المستدامة ويحقق الرفاهة للمجتمع المحلي فحسب، بل أصبحت آلية تتضافر جهود القطاعين العام والخاص الحكومي والمدني في دعمه لتعزيز الموقف التنافسي الدولي للاقتصاد الوطني، وإذن فإن المسؤولية الاجتماعية في هذا المنعطف أصبحت ـ بطريقة ما ـ عنوانا تتحرك تحته مختلف الفعاليات الوطنية وفي كل القطاعات وبين كل الشرائح لتحقيق هدف وطني كبير.

الأكثر قراءة