اقتصاديون: نجاح قطاع النقل مرهون بالتعديلات التشريعية في كل دولة
اشترط اقتصاديون عرب أمس لضمان تقدم قطاع النقل العربي بشكل أساسي وتحقيق دوره الإيجابي على عملية التنمية توسيع مشاركة القطاع الخاص إلى جانب القطاع الحكومي في هذا القطاع، إضافة إلى الحاجة إلى تعديلات تشريعية تطول القوانين واللوائح الموجودة حاليا.
كما أكدوا في الجلسة الخامسة للمنتدى الاقتصادي والاجتماعي الذي يسبق قمة الكويت أمس والتي جاءت بعنوان "النقل"، ضرورة تحرير قطاع النقل العربي بمكوناته كافة البرية والبحرية والجوية من أجل توفير المناخ الملائم لنمو هذا القطاع وازدهاره.
وقال رشاد كلداني نائب رئيس منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأمور البنية التحتية العالمية في مؤسسة التمويل الدولية، إن هناك طموحات كبرى أمام قطاع النقل في المنطقة وتحتاج إلى تعاون بين القطاعين الخاص والحكومي. وبين أن القطاع الخاص يستطيع أن يشارك في تحسين أدوات ووسائل النقل في المجتمعات الريفية والحضرية على حد سواء، مؤكدا أن أي تقصير في توفير خدمات النقل سينعكس سلبا على عملية التنمية.
وأشار كلداني إلى أن قطاع النقل في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يحتاج إلى تمويل لكن التمويل انخفض منذ ما يقارب من 19 شهرا مضت وأصبح الممولين أكثر انتقائية في مشاريعهم. وأكد أن تراجع رغبة الممولين في الدخول في مشاريع النقل تفرض ضرورة مشاركة مؤسسات القطاع الخاص في هذه عملية التمويل مؤكدا أن هذه المشاركة ستعود بالربح المؤكد للقطاع الخاص وخدمة التنمية في الوقت نفسه.
من جانبه، قال عصام شرف وزير النقل المصري الأسبق إن النقل اليوم أصبح دوليا وليس قطريا أو محليا وعلى أي سلطة تقوم بالتخطيط لقطاع النقل في أي بلد أن تأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار، مضيفا أن النقل أيضا أصبح متعدد الوسائط فلا يمكن لأي بلد أن تقتصر على نوع واحد من وسائل النقل.
وأكد أن النقل أصبح عنصرا مهما في تحديد القدرة التنافسية لأي دولة من الدول وهو أيضا جزء من الخدمات اللوجستية التي تشمل أيضا التخزين وتبادل البضائع وغيرها، مبينا أن هذه الخدمات تمثل نسبة تراوح بين 40 إلى 60 في المائة من عملية الإنتاج. وأشار إلى أن الدول العربية لن تستطيع تحقيق أي تكامل فيما بينها إلا بتطوير قطاع النقل، مؤكدا أن الدور الرئيسي لأي حكومة هو تحرير الانتقال في السلع والبضائع، أما عملية التكامل بين الدول وبعضها فتقع على عاتق القطاع الخاص وأن الحكومات العربية تحتاج إلى بذل مزيد من الجهد في مجال تحرير النقل.
النقل الجوي
أما عبد الوهاب تفاحة الأمين العام لاتحاد النقل الجوي فأكد أن هناك أطرافا ثلاثة لعملية النقل الجوي في أي بلد من البلدان وهي الحكومات، البنية التحتية، وشركات الطيران. وأشار إلى أن شركات الطيران تأتي عربيا في المرتبة الثانية بعد العقار في جذب الاستثمارات مبينا أن الشركات العربية لديها 700 طائرة من أحدث الطائرات عالميا ويفوق ثمنها 600 مليار دولار وتبلغ عائداتها السنوية 20 مليارا طبقا لأرقام عام 2008.
وقال إن هذه الشركات تقوم بتشغيل 120 ألف عنصر بشري كما تعد العصب الأساسي لقطاع السياحة الذي يمثل 7 في المائة من الاقتصاد العربي. وأشار إلى أن الحكومات تنظر لقطاع النقل بشكل وطني ضيق ولذلك تفان هذا القطاع يعاني قيودا كثيرة تحد من حركته وتقدمه وذلك رغم وجود العديد من التشريعات والقوانين والاتفاقيات العربية الخاصة بتحرير هذا القطاع.
وانتقل تفاحة إلى البنية التحتية التي تشمل المطارات والطرق الجوية، مبينا أن المطارات العربية تعد بالمعايير العالمية ممتازة لأن هناك توسعا مستمرا فيها لدرجة أن مطارات دول أخرى في العالم تتهم الدول العربية بالسعي للاستحواذ على زبائنها من خلال توسيع المطارات العربية.
وأضاف أنه على صعيد الطرق الجوية فيلاحظ أنها تعاني كثيرا من القيود الحكومية التي تتضمنها كثير من القواعد المفروضة منذ منتصف القرن الماضي، مبينا أن هذه القيود تضيف نحو 10 في المائة من تكاليف شركات الطيران العربية والعالمية. وأوصى تفاحة بضرورة تحرير الأجواء العربية وتحرير حركة انتقال السلع والأشخاص وإصدار تأشيرة سياحية عربية موحدة وإفساح المجال أمام شركات الطيران العربي لتتمكن من الاندماج مع بعضها وهو الأمر الممنوع حاليا.
ظاهرة القرصنة
من ناحيته، قال اللواء بحري محمود حاتم القاضي رئيس الاتحاد العربي لغرف الملاحة البحرية أن أكبر مصدرين في العالم هم الولايات المتحدة والصين والدول وأوروبا وهم أيضا أكبر مستوردين في العالم.
وأشار إلى أن انتقال البضائع بين هذه الدول التي تقع في قارات بعيدة لابد أن يمر بالمنطقة العربية وتحديدا طريق البحر الأحمر وقناة السويس المتجه للبحر المتوسط وهذا من شأنه أن يعطي منطقتنا العربية ميزة فريدة في حركة التجارة الدولية.
وأكد أن الموانئ العربية متقدمة وفي حالة جيدة لكن غالبا ما ينقصها الإدارة التخصصية التي تدير بمنطق القطاع الخاص، مبينا أن بعض الدول العربية تعمل وفق هذا الأسلوب لكن البعض الآخر لا يطبقه. وأضاف أن حجم الأسطول العربي متواضع ولا يتناسب مع قدرات الدول العربية المادية، داعيا إلى وضع حلول حقيقية للتغلب على هذه المشكلة وزيادة عدد وحدات هذا الأسطول.
وأكد أن ظاهرة القرصنة التي تفاقمت خلال الشهور الماضية أثرت في معظم الدول العربية لأن 30 في المائة من النفط المتجهة إلى أوروبا يمر عبر قناة السويس. لافتا إلى أن المستفيد الوحيد من ظاهرة القرصنة هي "نظرية المؤامرة" التي تقول بأن هؤلاء القراصنة ليسوا مجموعة صغيرة من الإرهابيين الذين يعملون لمصلحة أنفسهم وإنما هم يتبعون جهات معينة هدفها التأثير في المنطقة وطريق سير التجارة العالمية من خلالها.
قصور الموانئ
أما سامر خوري مدير العمليات في شركة جي سي إي إل، فأكد أن من نقاط الضعف في قطاع النقل العربي عدم التوسع في السكك الحديدية بحيث تشمل نقل البضائع، إلى جانب نقل الأشخاص.
وأشار إلى أن من بين 95 ميناء عربيا يوجد فقط 35 ميناء تتعامل مع الحاويات الكبرى وهو ما يشير إلى قصور في هذه الموانئ، إضافة إلى التكلفة العالية لاستخدامها مقارنة بالدول الأوروبية. وقال إن غالبية الشركات العاملة في مجال النقل الجوي مملوكة للحكومات وليس القطاع الخاص، كما أن بعض الدول تبنت نظام المناطق الحرة دون أن تطبقها فعليا على أرض الواقع.
وأضاف أن تقارير البنك الدولي تشير إلى أن غالبية الدول العربية لم تأخذ بالإصلاحات اللازمة لدخول القطاع الخاص في البنية التحتية المتعلقة بقطاع النقل. وأوصى خوري باستكمال البنية التحتية اللازمة لقطاع النقل وتعزيز مشاركة القطاع الخاص فيه وتوحيد التعرفة الجمركية بين الدول العربية وتعزيز التعليم والتدريب وتنمية المهارات البشرية بما يخدم قطاع النقل.
من ناحية أخرى، قال بشار الريحاني ممثل مجموعة بن لادن السعودية إن مشاركة القطاع الخاص في تنمية قطاع النقل العربي يحتاج إلى تعديلات تشريعية تطال القوانين واللوائح الموجودة حاليا.
وأشار إلى أن القطاع الخاص يمكن أن يشارك بفاعلية في تشغيل وصيانة الطرق ورفع مستواها، مؤكدا أن هذا الأمر يحتاج في حد ذاته إلى تحسين الإجراءات المتبعة في الدول العربية.