الأسهم الخليجية بحاجة إلى إعادة الثقة فقط

الأسهم الخليجية بحاجة إلى إعادة الثقة فقط
الأسهم الخليجية بحاجة إلى إعادة الثقة فقط

تودع أسواق الأسهم في دول مجلس التعاون الخليجي عام 2008 بهبوط جماعي قاس وحاد لم تشهده حتى في عامي 2005 و2006 عندما مرت بموجات تصحيح لم تكن بنفس حدة الهبوط الذي شهدته طيلة العام الجاري .. فقد خسر أكبر سوقين في المنطقة (السعودي والإماراتي) أكثر من 50 في المائة من قيمتهما, بل إن سوق دبي تعد أكبر الأسواق خسارة في المنطقة ككل بأكثر من 60 في المائة.
وحتى النصف الأول من العام الجاري كانت الأسواق الخليجية كافة باستثناء السوقين السعودية والإماراتية في حالة صعود قياسي, خصوصا أسواق: مسقط، والدوحة، والكويت وبنسب جيدة سوقي أبوظبي والبحرين غير أنها لحقت جميعها بدءا من النصف الثاني بموجة الهبوط التي تفاقمت إلى حد كبير مع اندلاع الأزمة المالية العالمية منتصف شهر أيلول (سبتمبر).

اتجاهات الأسواق عام 2009

وخلال عام 2009 تكثر التساؤلات بين أوساط المستثمرين حول اتجاهات الأسواق خلال العام الجديد مع استمرار ارتباط الأسواق الخليجية بالدولية التي أثرت سلبا طيلة النصف الثاني من العام الجاري في أسواقنا المحلية .. فهل ستتمكن الأسواق من فك ارتباطها هذا؟ وهل تنجح اقتصادياتنا الخليجية في تجاوز الأزمة المالية العالمية؟ هل تفلح نتائج الشركات خصوصا القيادية لعام 2008 في استرداد خسائر أسهمها؟ هل تعود الثقة المفقودة للأسواق من جديد؟
هناك شبه اتفاق على أنه يمكن تقسيم عام 2009 إلى قسمين، حيث يتوقع أن يكون النصف الأول من العام استمرارا لما شهدته الأسواق في النصف الثاني من عام 2008 على أن تبدأ بوادر التحسن والتعافي في النصف الثاني من العام مع عودة المؤسسات المالية لأعمالها تدريجيا، وهذه النظرة مبنية على أساس الدورة الاقتصادية للاقتصاد الأمريكي وتولي الرئيس الأمريكي الجديد مقاليد الحكم وانشغاله طيلة الربعين الأول والثاني من العام بوضع الخطط لانتشال أكبر اقتصاد في العالم من أزمته.
أما التوقعات بـأن يكون عام 2009 أقسى على أسواق الأسهم من عام 2008 فإنها تنبع من نظرة أكثر تشاؤمية ذلك أننا شهدنا مستويات هبوط قياسية طيلة عام 2008 فقد خسرت الأسهم القيادية كافة, خصوصا في قطاعات العقارات والبتروكيماويات والبنوك أكثر من 60 في المائة من قيمتها, وبالتالي فإنه في حال استمرار الهبوط فلن يكون بالحدة نفسها التي شاهدناها.
الجميع يترقب نتائج الربع الأول من عام 2009 للوقوف على نتائج الشركات القيادية وما إذا كانت قادرة على تحقيق معدلات نمو في أرباحها كتلك التي ستحققها عام 2008 أم أنها ستتراجع وبناء عليه ستقرر المؤسسات المالية والمحافظ الاستثمارية طريقة دخولها إلى الأسواق.

توقعات أداء أسهم البنوك

هنا يجدر بنا إلقاء الضوء على توقعات أداء الأسهم القيادية في الأسواق خلال عام 2009 في ضوء أداء شركاتها في عام 2008، ففي قطاع البنوك يتوقع أن تسجل أرباح البنوك تباطؤا في نموها إن لم تعلن عن تراجع، ويعتمد ذلك على المخصصات التي تتخذها نهاية الربع الرابع من العام الجاري.
كثير من العوامل ستؤثر في ربحية البنوك منها قيمة التسهيلات والضمانات التي أخذتها من المستثمرين وكم تبقى منها مع نهاية العام سواء كانت أسهما أو عقارات, كما أن جزءا من أرباح البنوك يأتي من الاستثمار في الأسهم والعقار ويتم احتسابها ضمن حقوق المساهمين، وستتم إعادة النظر فيها حيث يتوقع أن تتعرض لضربة كبيرة مع هبوط الأسواق حيث يتوقع إعادة النظر في القيمة الدفترية للبنوك وهو ما سيؤثر في التقييم الأساسي.
المؤكد أن أرباح البنوك كانت قياسية عندما كانت عجلة الاقتصاد في ذروتها, وما أن تهدأ وتتباطأ ستتراجع معها أرباح البنوك لكن في حال جاءت أرباحها في الربع الأول من عام 2009 على غير المتوقع وبنسب نمو جيدة، فإن ذلك سينعكس على حركة أسهمها وهو ما قد يعطي دافعا لصعودها.

#2#

.. وانتهت الأيام الذهبية للعقار

هناك إجماع على أن الأيام الذهبية للقطاع العقاري, خصوصا في الإمارات التي امتدت خمس سنوات قد انتهت. ورغم المحاولات الحكومية لدعم القطاع بطريق غير مباشر, فإن توقعات استمرار الهبوط مستمرة، حيث تواجه الشركات الكبرى التي تمتلك فيها الحكومات حصصا كبيرة مشكلات وهي: إعمار وصروح والدار وليس من المستغرب أن تعلن شركات العقار عن تراجع في أرباحها قد يصل إلى 50 في المائة خلال عام 2009.
في رأيي أن الشركات العقارية كافة ستعاني عام 2009 سواء كانت شركات حديثة نسبيا مثل "الدار" و"صروح" أو قديمة في السوق مثل "إعمار" و"الاتحاد العقارية" وإن كانت "إعمار" قادرة على تجاوز الضغوط فهي إن سجلت تراجعا في أرباحها إلا أنها تمتلك محفظة عقارية تدر عليها تدفقات نقدية ربما تكون الأفضل من غيرها, وهو ما يجعلها تتحمل صعوبات المرحلة المقبلة.

أسهم الاتصالات "فرس الرهان"

وعلى العكس من المتوقع أن يكون قطاع الاتصالات الأقل تأثرا بل إن شركات الاتصالات ربما تجد الفرصة سانحة أمامها عام 2009 للقيام بمزيد من الاستحواذات مع انخفاض أسعار الأصول ويدعم ذلك أنها ستكون من أكثر الشركات تملكا للسيولة لذلك ستكون أسهم الاتصالات "فرس الرهان" في أسواق المال عام 2009.
ثمة عامل آخر سيؤثر في حركة أسواق المال الخليجية في العام الجديد يتمثل في قدرة الأسواق على فك ارتباطها بالأسواق الخارجية وهو العامل الذي أثر سلبا في الأسواق في عام 2008، حيث لاحظنا ارتباطا وثيقا لا فكاك منه لم نكن نشهده في سنوات سابقة بسبب الاستثمار الأجنبي المباشر في الأسواق الخليجية والذي أصبح مؤثرا للغاية.
المؤكد أن هذا الارتباط سيستمر طالما بقيت الاستثمارات الأجنبية تتغلغل في الأسواق، وعلى الرغم من أن هذا العامل سلبي الآن إلا أنه يمكن أن يتحول إلى "إيجابي" مع تعافي الأسواق حيث ستكون الأسواق الناشئة, وفي مقدمتها الأسواق الخليجية, الأسرع في التعافي, وستكون البنوك الاستثمارية والاستثمار المؤسساتي اللاعب الرئيس في هذه الأسواق.
ومن المتوقع أن يكون الارتباط بين أسواقنا والأسواق الخارجية "الشغل الشاغل" للمسؤولين والمعنيين عن الأسواق, خصوصا أن الأسواق الأمريكية ستعاني طيلة عام 2009 "كسادا", في الوقت الذي ستواصل الأسواق الخليجية "النمو". وفي تقديري أنه ما لم تعالج مشكلة "الربط" فلن تستفيد الأسواق المالية من نمو الاقتصادات الخليجية حتى ولو كان ضعيفا.
من المهم كسر هذا الارتباط غير المبرر وذلك عن طريق إعطاء أولوية للأسواق المالية كتلك التي تعطى حاليا لقطاعات اقتصادية أخرى مثل البنوك والعقارات, وهو ما يتوقع من الحكومات خلال العام المقبل.

أسعار النفط والأسهم

العامل الآخر الذي سيكون مؤثرا في أسواق الأسهم خلال عام 2009 يتمثل في أسعار النفط التي تواصل التراجع ووصلت إلى ما دون 50 دولارا، ويزيد من أهمية هذا العامل أن الاقتصاديات الخليجية تعتمد بنسبة كبيرة تراوح بين 60 و90 في المائة من إيراداتها على النفط, وبالتالي سيكون تأثر أسعار النفط متناميا.
وفي تقديري إذا بقيت أسعار النفط بين 40 و50 دولارا في عام 2009 ستحافظ الاقتصاديات الخليجية على نموها وهو ما سينعكس إيجابا على الأسواق المالية, والتوقعات أن تعاود أسعار النفط ارتفاعاتها مع عام 2010 نتيجة ارتفاع مستوى الطلب.

الرئيس التنفيذي لشركة شعاع كابيتال للأوراق المالية

الأكثر قراءة