الركود الاقتصادي العالمي يستمر عام 2009 رغم التدابير الحكومية المحفزة
توقع تقرير مالي أن يستمر الركود الاقتصادي العالمي حتى أواخر 2009 قبل الانتعاش في 2010. ووفقا لـ "ميريل لينش" فإن الادخار في الأسواق الناشئة لن يموّل فائض الاستهلاك في الولايات المتحدة. ومن المتوقع أن يتهاوى النمو العالمي إلى أدنى مستوى بلغه منذ 1982 قبل أن يستأنف ارتفاعه في 2010.
وتتكهن "ميريل لينش" أن يكون النمو العالمي في حدود 1.3 في المائة في 2009 نزولاً من 3.2 في المائة في 2008 ثم يصعد إلى 3.1 في المائة في 2010. ومع هذا، فإن هذا المستوى من النمو سيكون 0.5 في المائة أدنى من متوسط السنوات الأربع الماضية. وفى تقريرها 2009: "الاقتصاد الكلي العالمي في العام الطالع" حددت "ميريل لينش" أربعة مواضيع محورية: حيث ترى أن الاقتصادات النامية العالمية ستكون أقل تعرضاً للهبوط من الاقتصادات المتقدمة في العالم. كما توقعت أن تزيد الحكومات من تدخلها عبر التيسير النقدي والمالي، إضافة إلى نشوء آثار جانبية وحدود للتدابير المحفّزة إلى جانب استئناف ارتفاع النمو في النصف الأول من 2009 قبل أن يتلاشى. يقول أليكس باتيليس، رئيس الاقتصاد الدولي في ميريل لينش: "نشهد زيادة الاختلالات العالمية، إذ إنّ المستهلكين الأمريكيين يعدّلون عاداتهم والاقتصادات الناشئة تتحول إلى الداخل. أما اليابان وآسيا الناشئة وأمريكا اللاتينية فستكون الأقل تعرضاً للركود، بينما أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا والولايات المتحدة ستكون الأكثر تعرّضا.
نهاية الاختلالات العالمية
إن الأزمة المالية تحفّز المستهلكين في الولايات المتحدة على إصلاح ماليّتهم الشخصية بادّخارهم أكثر وإنفاقهم أقل. فالسوق لن تسمح لصانعي السياسة في الولايات المتحدة أن يضخّوا كمية النقد التي يحتاجون إليها من أجل المحافظة على مستويات الإنفاق الراهنة. وفي السياق الطويل ستعتمد الأسواق الناشئة بدرجة أقل على الإنفاق الأنجلوسكسوني. ففي الصين، على الأخص، تتوقع "ميريل لينش" معدلات فائدة أدنى، وارتفاعاً في الإنفاق الحكومي من أجل تحفيز الطلب الداخلي. ويرى التقرير أن البلدان التي تستخدم الدين مثل أستراليا وكوريا وهنغاريا ومنطقة اليورو هي بين الاقتصادات الأكثر تعرضاً للخطر. أما البلدان التي تستخدم الدين أقل مثل نيجيريا والمكسيك والفلبين فهي الأقل تعرضاً. وإذ تنكمش الاقتصادات المتقدمة، فإنّ الأسواق الناشئة تسير صوب نمو عالمي تصل نسبته إلى 100 في المائة.
سياسة منشّطة ضخمة
من المتوقع أن تواصل معدلات الفائدة في العالم انخفاضها. فقد تدنّت أسعار الفائدة حتى الآن بأكثر من 0،8 في المائة. ويمكن أن تواصل الانخفاض بنسبة مماثلة. إن تدابير التنشيط المالية ستستمر الآن، إذ إنه قد حصل تخلّ عن أصول الانتظام المالي. يرجّح أن تركز سياسات التدخل الحكومية على تدابير من شأنها تقوية موازنات الأسر.
ويضيف التقرير أن الحكومات تواجه اقتراضاً أعلى تكلفة نتيجة التعرّض لأخطار أكبر بسبب مشترياتها من القطاع الخاص وزيادة العجوز في الموازنة. لن تجمع البنوك المركزية احتياطاً وحتى إذا جمعت يمكن استنزافها. إن المبالغة في سياسة التيسير قد تضعف العملات. تتوقع "ميريل لينش" أن يواجه الدولار هذا الاحتمال. ستضخم بعض الحكومات اقتصاداتها كثيراً وغيرها القليل، إذ إنه يقرب من المستحيل أن ينال صانعو السياسة التحفيز الأمثل حجماً وتوقيتاً.
توترات والتواءات دورية
إن اختبارات أنواع الركود الماضية توحي بأن النمو سيرتفع في النصف الأول من 2009 عندما تتغلغل سياسات التنشيط. فسياسة التضييق يمكن أن تلطف من ذلك الانتعاش قبل أن تظهر علامة "زوال الخطر"، وهذا على الأرجح سيحصل في منتصف 2010. في الوقت ذاته، يعترف التقرير بالفرق في الطبيعة بين التباطؤ الدوري التقليدي والصدمة الانتقالية التي خلقتها الأزمة المالية.
التنشيط الأمريكي ضروري لتجنّب الانحسار
من المتوقع أن يستمر الركود حتى أواخر 2009 قبل الانتعاش في 2010. يقول دافيد روزنبرج، اقتصادي أمريكا الشمالية في "ميريل لينش": "إن فورة في الادخار الشخصي، تحتاج إلى أن تعادله سياسات تنشيطية ضخمة لتجنب الركود".يحاجج بعضهم أن الأزمة العالمية تبيّن أن التقدم في أمريكا اللاتينية هو سراب. يقول فيلبي يانس، اقتصادي أمريكا اللاتينية في "ميريل لينش": "لا نوافق، إن أكثر بلدان المنطقة، هي في الأساس أكثر مرونة الآن، مع أن عدداً صغيراً معرض للخطر".
اليابان تستطيع أن تتجنب نمواً سلبياً
تتكهن "ميريل لينش" أن تتمكن اليابان بصعوبة أن تتجنب الركود، لأسباب ثلاثة: أولاً، تعتمد اليابان على التصدير إلى آسيا أكثر من الولايات المتحدة. ثانياً، من المتوقع أن تزيد أسعار النفط المتدنية من الاستهلاك الشخصي. وأخيرا، يضاف التنشيط المالي الحكومي.
يقول كاسايوكي كيتشيكايا، اقتصادي اليابان في "ميريل لينش": "إن أسعار السلع المتدنية مقرونة بينّ قوي، من شأنها أن يكون تأثيرها كتخفيض ضريبي غير مباشر للاقتصاد الياباني."وإن حزمة اندفاعية من السياسات التوسعية من شأنها أن تضع حداً للتباطؤ في النمو الصيني. يقول ت.ج.بوند، اقتصادي آسيا (باستثناء اليابان) في "ميريل لينش": "نعتقد أن التجاوب المالي الحكومي في الصين سيكون فاعلاً. وبالعكس من ذلك، أن الاقتصادات الأصغر حجماً، المفتوحة في آسيا هي عرضة أكثر للخطر".
وعبر آسيا، أن نجاح أو فشل سياسة ونهوض وهبوط الخطر في بلد، ونشوء تطرف في التقييم سيقرر مستقبل المنطقة الاقتصادي.
ظهور ركود كامل في منطقة اليورو
يبرز ركود كامل في منطقة اليورو وفي أجزاء من أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا الناشئة. يقول كلاوس بادر، اقتصادي أوروبا في "ميريل لينش": "نعتقد أن نمو التصدير في منطقة اليورو يشرف على الانهيار وأن الأزمة الائتمانية ستحد من الاستثمار. لكن الاستهلاك سيستفيد من هبوط أسعار النفط".
تواجه هنغاريا وتركيا ركوداً بينما الحكومات في روسيا وبلدان الخليج راغبة وقادرة على الحد من الانحدار.
تضاؤل الطلب على النفط
إذ يتضاءل الطلب على النفط في مناطق الاستهلاك الرئيسة، خفضت "ميريل لينش" توقعاتها لسعر برميل النفط الخام إلى 50 دولاراً أمريكياً للبرميل في عام 2009. يقول فرانسيسكو بلانش، استراتيجي السلع في "ميريل لينش": "إن السؤال الرئيس هو إلى أيّ مدى سينزل سعر النفط؟ إن خطر الهبوط الرئيس سيكون أضعف من المتوقع للاقتصاد الصيني. ولكن في رأينا، أن أسعار النفط ستبلغ القعر في مطلع الربع الثاني".
التوازن العالمي يؤدي إلى دولار أضعف
تتوقع "ميريل لينش" أن يقوى الدولار الأمريكي ثم يضعف عندما يتلاشى النفور من المخاطر. يقول دانيال تننجوزر، استراتيجي العملات العالمية في "ميريل لينش": "إن قيم العملات ستعكس إعادة التوازن العالمي وانخفاض الاستهلاك واستنفاد شهية المخاطرة".
"ميريل لينش" هي واحدة من الشركات الرائدة عالمياً في مجالات إدارة الثروات وأسواق المال والاستشارات الاقتصادية، ولها مكاتب في 40 دولة ومنطقة وتبلغ أصول عملائها الإجمالية نحو 1.5 تريليون دولار أمريكي لغاية 26 أيلول (سبتمبر) 2008. وكمصرف استثماري، تعد "ميريل لينش" مؤسسة تجارية عالمية رائدة وجهة اكتتاب رئيسة للأوراق المالية والاشتقاقات في عديد من فئات الأصول، وتعمل كجهة معتمدة للاستشارات الاستراتيجية بالنسبة للشركات والحكومات والمؤسسات والأفراد على مستوى العالم. وتملك "ميريل لينش" نحو نصف شركة بلاك روك وهي من بين أكبر شركات الخدمات الاستثمارية العالمية التي تدرج أسهمها في الأسواق الدولية وتبلغ أصولها المدارة 1.3 تريليون دولار أمريكي في 30 أيلول (سبتمبر) 2008.