دول الخليج تتجه إلى ذروة التكامل الاقتصادي

دول الخليج تتجه إلى ذروة التكامل الاقتصادي

قطعت دول مجلس التعاون الخليجي أمس المسافة الأكبر نحو بلوغ ذروة التكامل الاقتصادي، وذلك بمصادقة قادة دول المجلس أمس في ختام قمة مسقط على الوحدة النقدية التي تستهدف طرح عملة موحدة لدول المجلس. وفيما لم تسم القمة مقر البنك المركزي، أوضح ناصر القعود، نائب الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي المساعد للشؤون الاقتصادية أنه "تمت الموافقة على الوحدة النقدية، ولم يقرروا الموقع الخاص بالبنك المركزي، والمأمول أن يتم ذلك خلال الأشهر الخمسة المقبلة". وهنا رجحت مصادر أن يتم تحديد مقر البنك المركزي في قمة القادة التشاورية التي تعقد عادة في منتصف العام.
وأكد البيان الختامي للقمة على سرعة المصادقة على الاتفاقية ليتم إنشاء المجلس النقدي الذي سيتولى استكمال المتطلبات الفنية للاتحاد النقدي والتهيئة لتأسيس البنك المركزي وإصدار العملة الموحدة. وهنا أفادت مصادر أنه وفقا لإقرار الوحدة النقدية، سيكون أمام دول المجلس الأعضاء فيها (عمان ليست عضوا في الوحدة النقدية)، فترة لتفعيل هذه الاتفاقية ودخولها حيز التنفيذ تنتهي في 12 كانون الأول (ديسمبر) 2009.

في مايلي مزيداً من التفاصيل:

صادق قادة دول مجلس التعاون الخليجي في ختام اجتماعاتهم في قمة مسقط أمس، على اتفاقية الاتحاد النقدي الخليجي المتضمنة الأطر التشريعية والمؤسسية له، كما اعتمدوا النظام الأساسي للمجلس النقدي، الذي سيمهد السبيل لطرح عملة خليجية موحدة.
وفيما لم تسم القمة مقر البنك المركزي، أوضح ناصر القعود نائب الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي المساعد للشؤون الاقتصادية "أنه تمت الموافقة على الوحدة النقدية، ولم يقرروا الموقع الخاص بالبنك المركزي الخليجي، والمأمول أن يتم ذلك خلال الأشهر الخمسة المقبلة". وهنا رجحت مصادر أن يتم تحديد مقر البنك المركزي في قمة القادة التشاورية التي تعقد عادة في منتصف العام.
وفيما أكد البيان الختامي لقمة مسقط على سرعة المصادقة على الاتفاقية ليتم إنشاء المجلس النقدي الذي سيتولى استكمال المتطلبات الفنية للاتحاد النقدي والتهيئة لتأسيس البنك المركزي وإصدار العملة الموحدة، أفادت مصادر أن إقرار الوحدة النقدية يقضي بمنح الدول الأعضاء فيها (عمان غير عضو في الوحدة النقدية)، فترة لتفعيل هذه الاتفاقية ودخولها حيز التنفيذ حيث تنتهي هذه الفترة في 12 كانون الأول (ديسمبر) 2009.
ووفق مصادر، يتكون النظام الأساسي للمجلس النقدي الخليجي من 28 مادة، ‏ويستهدف تحقيق ‏تقارب أوثق وروابط أقوى بين دول المجلس، كما يهدف المجلس وبصفه أساسية إلى تهيئة وتجهيز البنى الأساسية المطلوبة لقيام الاتحاد ‏النقدي، وعلى الأخص إنشاء البنك المركزي وإرساء قدراته التحليلية والتشغيلية.‏ ويتطلب قيام الاتحاد النقدي تنسيق السياسات الاقتصادية للدول الأعضاء لضمان إسهامها في ‏الاستقرار المالي والنقدي، وبما يكفل تحقيق درجة عالية من التقارب الاقتصادي المستدام في ‏منطقة العملة الموحدة. وأيضا تهيئة البنى المتعلقة بنظم المدفوعات ونظم تسويتها اللازمة ‏للعملة الموحدة، وتبني تشريعات مصرفية وقواعد مشتركة في مجال الرقابة المصرفية بما يحقق ‏الاستقرار النقدي والمالي. وكذلك إنشاء مجلس نقدي يُعد لإنشاء بنك مركزي يتمتع بالاستقلالية ‏التامة ويكون من أغراض البنك المركزي الأساسية رسم وتنفيذ السياسة النقدية وسياسة سعر ‏الصرف للعملة الموحدة، وإصدار عملة موحدة تحل محل عملات الدول الأعضاء.‏
وتتركز مهام المجلس النقدي في تعزيز التعاون بين البنوك المركزية الوطنية لتهيئة الظروف ‏اللازمة لقيام الاتحاد النقدي، تهيئة وتنسيق السياسات النقدية وسياسات أسعار الصرف ‏للعملات الوطنية إلى حين إنشاء البنك المركزي، متابعة الالتزام بحظر إقراض البنوك المركزية ‏الوطنية للجهات العامة في الدول الأعضاء، ووضع القواعد اللازمة لتنفيذ ذلك.‏
ومن المهام أيضا تحديد الإطار القانوني والتنظيمي اللازم لقيام البنك المركزي بمهامه ‏بالتعاون مع البنوك المركزية الوطنية، تطوير الأنظمة الإحصائية اللازمة لتحقيق أهداف ‏الاتحاد النقدي، الإعداد لإصدار أوراق النقد والمسكوكات المعدنية للعملة الموحدة، والعمل ‏على وضع وتطوير إطار عمل لإصدارها وتداولها في منطقة العملة الموحدة. كذلك التأكد من ‏جاهزية نظم المدفوعات ونظم تسويتها للتعامل مع العملة الموحدة، متابعة وفاء الدول ‏الأعضاء بالتزاماتها تجاه الاتحاد النقدي وإصدار العملة الموحدة وتحديداً فيما يتعلق بمعايير ‏تقارب الأداء الاقتصادي. على أن يحدد المجلس النقدي في ضوء ذلك البرنامج الزمني لإصدار ‏العملة الموحدة وطرحها للتداول، والتوصية بشأن التشريعات اللازمة لقيام الاتحاد النقدي ‏وإنشاء البنك المركزي وإصدار العملة الموحدة.‏
وحول الفترة اللازمة لنفاذ اتفاقية الوحدة النقدية، أوضحت لـ "الاقتصادية" ‏مصادر مطلعة في وقت سابق ‏أن أي وثيقة قانونية لا بد أن تمر بعدة مراحل لنفاذها بدءا ‏بالتصديق وانتهاء بالإيداع ‏وهي المرحلة التي تؤكد قبول الدولة بالكامل ‏بوثيقة الاتفاقية، وبالتالي فإن اتفاقية ‏الوحدة النقدية ستنتقل بعد توقيع قادة ‏دول المجلس عليها إلى مرحلة التصديق عليها من ‏قبل المنظومة التشريعية ‏داخل كل دولة، ومن ثم إيداعها لدى الأمانة العامة لتكون بذلك ‏قد دخلت ‏حيز النفاذ وبناء عليه يبدأ العمل على إنشاء المجلس النقدي، وذلك باعتبار أن الاتفاقية يترتب ‏عليها عديد من الالتزامات والقضايا ‏العامة والفنية والمالية (الميزانية) ذات ‏العلاقة بإنشاء المجلس النقدي وتشغيله.
وفي جانب ثان، أبدت قمة مسقط أسفها لعدم التوصل إلى اتفاقية للتجارة الحرة مع أوروبا، وذلك إثر عدم تجاوب الاتحاد الأوروبي مع المقترحات التي قدمتها دول المجلس لإنهاء مفاوضات الاتفاقية بين الجانبين، مما أدى إلى تعليق دول المجلس هذه المفاوضات. في المقابل، رحب القادة الخليجيون بالتوقيع على اتفاقية التجارة الحرة بين دول المجلس وسنغافورة، معربين في الوقت نفسه عن تطلعهم إلى الانتهاء من المفاوضات لإبرام اتفاقيات تجارة حرة مع الدول والمجموعات الصديقة التي يتم التفاوض معها، والتوقيع على هذه الاتفاقيات في أسرع وقت ممكن.
والمعلوم أن المفاوضات مع الجانب ‏الأوروبي مستمرة منذ 18 عاما، وتحمّل دول المجلس الجانب ‏الأوروبي مسؤولية هذا التعطيل، حيث ‏يصر على إضافة جوانب سياسية ليست لها علاقة ‏بالاتفاقية التجارية.‏ وأعلن عبد الرحمن العطية أمين عام مجلس التعاون أخيرا أن دول مجلس التعاون قررت ‏تعليق المفاوضات الجارية منذ فترة طويلة مع الاتحاد الأوروبي حول اتفاقية التجارة الحرة.‏ وأكد في حينه أن وقف المفاوضات تم دون ضغوط من أي جهة وبقرار خليجي بعد مناقشات عدة ‏من قبل المجلس الوزاري لوزراء الخارجية في دول المجلس. وقال "إنه تم تكليف الأمين العام ‏بإبلاغ الاتحاد الأوروبي بأنه ليس في مقدور دول المجلس الاستمرار في المفاوضات دون سقف زمني ‏محدد وفي غياب الرغبة التي كانت دول التعاون تعلق عليها أهمية كبرى، ولذلك فمن الأنسب ‏للجميع إيقافها وقد تم".‏
ولفت العطية، إلى أن دول الاتحاد الأوروبي كانت تخلط بين السياسة والتجارة خلال المفاوضات ‏مع دول المجلس التي استمرت 18 عاما دون إحراز أي تقدم لتوقيع اتفاقية التجارة الحرة بين ‏الطرفين. موضحا أنه رغم التنازلات الكثيرة والمرونة التي أبداها الجانب الخليجي لإنجاز ‏الاتفاقية، إلا أن دول مجلس التعاون لم تلق تجاوبا يذكر. وأضاف أنه بعد هذه المدة الطويلة فإنه لا يمكن لدول المجلس ‏أن تستمر في إضاعة المزيد من الوقت والجهد دون تحقيق الغاية المنشودة من هذه الاتفاقية.‏
وفي المجال الاقتصادي أيضا، تدارس المجلس الأعلى الأزمة المالية العالمية وتداعياتها وتأثيراتها الاقتصادية، ووجه اللجان الوزارية المختصة بتكثيف التنسيق بين الدول الأعضاء لاتخاذ التدابير الكفيلة للحد من آثارها السلبية في اقتصاديات دول المجلس. كذلك وجه اللجنة الوزارية المعنية للعمل على كل ما من شأنه أن يسهم في استقرار أسعار النفط بما يحقق التوازن المنشود والمصالح المشتركة للدول المنتجة والمستهلكة.
وفي السياق ذاته، كلف المجلس الأعلى الهيئة الاستشارية للمجلس بدراسة موضوع الأزمة المالية العالمية وتأثيراتها في دول مجلس التعاون والتدابير التي يمكن اتخاذها، إضافة إلى موضوع الأمن الغذائي والمائي لدول مجلس التعاون. ومعلوم أن قضية الأمن الغذائي على رأس المواضيع التي تناقش في إطار منظومة مجلس ‏التعاون لسد هذه الفجوة وللحد من آثارها السلبية المتمثلة في الإضرار بالقوة الشرائية ‏للسكان، حيث تضاعفت أسعار عديد من السلع الغذائية على مدى العامين الماضيين في ‏دول الخليج بنسب زاد في بعضها على 30 في المائة.
كما تبرز أهمية الأمن الغذائي كهدف استراتيجي تسعى قيادات دول المجلس لتحقيقه لأسباب ‏عديدة، يأتي في مقدمتها الارتفاع الجنوني في أسعار السلع والمنتجات الغذائية وزيادة ‏الاستهلاك وقلة الإنتاج بسبب البيئة شبه الصحراوية التي تتميز بها المنطقة وقلة توافر ‏الموارد المائية بسبب انخفاض كمية تساقط الأمطار والظروف المناخية القاسية ‏والمتقلبة التي تؤثر في المحاصيل الزراعية وقلة المساحات المزروعة، أما في الدول ‏الموردة فبسبب الكوارث الطبيعية والجفاف وعوامل الاحتباس الحراري وزيادة أعداد ‏السكان وارتفاع أسعار النفط إضافة إلى اتجاه بعض الدول الرئيسية المنتجة للمواد ‏الزراعية إلى تصنيع الوقود الحيوي الذي يعد من أهم العوامل في ارتفاع أسعار السلع ‏الزراعية.‏
وذكر البيان الختامي للقمة أن المجلس الأعلى أطلع على مرئيات الهيئة الاستشارية بشأن موضوع ظاهرة التضخم وارتفاع الأسعار وآثارها الاجتماعية في المواطنين وفي اقتصاديات دول مجلس التعاون، وموضوع مشكلة الباحثين عن عمل أسبابها وآثارها وعلاجها. وقرر في هذا الصدد اعتمادها وإحالتها إلى اللجان الوزارية المختصة لوضع الآليات اللازمة لتنفيذها. مشيدا في الوقت نفسه بالجهود التي تبذلها الهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى، وبما ترفعه لمقام المجلس الأعلى من رؤى هادفة لتعزيز مسيرة التعاون المباركة في المجالات كافة.
وفي الشأن الاقتصادي أيضا، اعتمد قادة دول المجلس في ختام اجتماعاتهم في مسقط، وثيقة السوق الخليجية المشتركة المتضمنة مبادئها ومتطلباتها وأهدافها وآليات تنفيذها والقرارات الصادرة بشأنها، مؤكدا ضرورة تطبيق ذلك وبما يحقق الاستفادة القصوى لمواطني دول المجلس من قيامها.
ومعلوم أن السوق الخليجية المشتركة دخلت مرحلة المتابعة والتقييم بعد أن تجاوزت ‏دول المجلس مرحلة الإعداد والإعلان عنها وبدء التنفيذ الفعلي لها مطلع هذا العام 2008. ‏وتتم مرحلة تنفيذ السوق داخل كل دولة من الدول الأعضاء حسب إجراءاتها الدستورية ‏والقانونية، وتقوم بالتنفيذ الأجهزة الحكومية المختلفة المختصة بمجالات السوق العشرة، ‏وهي: التنقل والإقامة، العمل في القطاعات الحكومية والأهلية، التأمين الاجتماعي والتقاعد، ‏ممارسة المهن والحرف، مزاولة جميع الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية والخدمية، تملّك العقار، ‏تنقل الرساميل، المعاملة الضريبية، تداول وشراء الأسهم وتأسيس الشركات، والاستفادة من ‏الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية.‏
وأوضح البيان الختامي لقمة مسقط، أن المجلس الأعلى اطلع على التقارير المرفوعة له بشأن تنفيذ مقترح خادم الحرمين الشريفين حول تسريع الأداء وإزالة العقبات التي تعترض مسيرة العمل المشترك، وفي ضوء ذلك اعتمد الحلول المقترحة لذلك في المجالات الاقتصادية، كذلك وجه الجهات المختصة واللجان العاملة في إطار مجلس التعاون بمعالجة تلك العقبات في ضوء الحلول المقترحة وبما يضمن إزالتها في موعد أقصاه نهاية أيلول (سبتمبر) 2009، وبما يعزز التكامل الاقتصادي ويعمق المواطنة الاقتصادية لمواطني دول المجلس. كما اعتمد أيضا آلية لتنفيذ القرارات الصادرة عن المجلس الأعلى.
ووفقا لبيان قمة مسقط الختامي، ناقش المجلس الأعلى مسيرة التكامل الاقتصادي بين دول المجلس من خلال تقارير المتابعة المرفوعة له بشأن سير العمل في الاتحاد الجمركي والسوق المشتركة ومشروع الاتحاد النقدي واستراتيجية التنمية الشاملة بعيدة المدى 2000/2025، إلى جانب مشروع الربط المائي بين دول المجلس ومشروع سكة حديد دول المجلس ودراسة الجدوى الاقتصادية لها والبطاقة الذكية واستخداماتها لما من شأنه تسهيل تنقل مواطني دول المجلس. واستمراراً للعمل على توحيد الأنظمة في الدول الأعضاء، اعتمد المجلس الأعلى قانون (نظام) البذور والتقاوي والشتلات، وأقر العمل به بصفة إلزامية.
ورحب القادة بانعقاد القمة العربية الاقتصادية والتنموية الاجتماعية المزمع عقدها في الكويت في كانون الثاني (يناير) المقبل. وأكد البيان الختامي الصادر عن القمة أهمية البعدين الاقتصادي والتنموي لهذه اللقمة في تعزيز العلاقات العربية - العربية وتفعيل العمل العربي المشترك. وكانت الكويت ومصر قد اقترحتا عقد قمة اقتصادية عربية بهدف دفع التنمية وإزالة معوقات التقارب الاقتصادي بين الدول العربية، وتعزيز العمل العربي المشترك في هذا المجال. ومن المقرر إقامة هذه القمة في الـ 19 من كانون الثاني (يناير) المقبل.

الأكثر قراءة