ميزانية متحفظة في تقديرات النفط .. وفائض متوقع
أقر مجلس الوزراء السعودي يوم أمس 22 كانون الأول (ديسمبر) ميزانية الدولة للعام المالي 2009 (31 كانون الأول (ديسمبر) 2008 حتى 30 كانون الأول (ديسمبر) 2009)، والتي تمت صياغتها خلال فترة شهد فيها العالم اضطرابات مالية شديدة سحبت معها الاقتصاد العالمي في دورة من الركود وتراجعت خلالها أسعار النفط بواقع 70 في المائة منذ تموز (يوليو) الماضي. لكن الحكومة، وعلى الرغم من ذلك، لجأت إلى رفع حجم الإنفاق مقارنة بميزانية العام الماضي من أجل الدفع باتجاه تنفيذ برامجها الاستثمارية. وفيما يلي أبرز ما ورد في خطاب الميزانية:
من المتوقع أن يبلغ العجز 75 مليار ريال (20 مليار دولار) وذلك بناء على إيرادات تبلغ 410 مليارات ريال ونفقات تبلغ 475 مليار ريال، وتعتبر هذه المرة الأولى منذ عام 2004 التي تتوقع الدولة فيها عجزاً. ولا يزال التركيز الأساسي في الإنفاق ينحصر في قطاعات التعليم والرعاية الصحية والدفاع، ومن المقرر أن ترتفع المصروفات الرأسمالية على المشاريع بصورة حادة ما يوحي بضآلة حجم الإنفاق الجاري على المشاريع.
وتؤكد الزيادة في الإنفاق حسبما ورد في الميزانية على عزم الحكومة في المضي قدماً في تنفيذ برامجها الاستثمارية، ونعتقد أن ذلك ينضوي على قدر من التبصر باعتبار أن تراجع تكلفة المشاريع وأسعار المواد الأولية جعلت من تلك المشاريع أكثر قابلية للتنفيذ، ومن شأن ذلك أيضاً أن يرسل إشارة مهمة إلى المستثمرين حول سلامة المعطيات الأساسية للاقتصاد وقوة الأوضاع المالية للدولة بما يعزز من الثقة في الاقتصاد وينعش سوق الأسهم. ومن شأن الاحتياطي الضخم من صافي الموجودات الأجنبية (بلغ صافي الموجودات الأجنبية لدى مؤسسة النقد 433 مليار دولار بنهاية كانون الأول (ديسمبر)) التأكيد على أن الدولة لن تواجه أية صعوبات في تمويل العجز في الميزانية.
وقد تم تحقيق فائض قياسي في الميزانية قدره 590 مليار خلال العام 2008، حيث بلغت الإيرادات 1,100 مليار ريال, بينما لم يتعدى حجم المصروفات 510 مليارات ريال. وقد تخطى الفائض المبلغ المتوقع حسب مقررات الميزانية والبالغ 40 مليار ريال بصورة كبيرة نتيجة للإيرادات النفطية التي فاقت التوقعات بصورة كبيرة. وقد حقق الإنفاق الحكومي نمواً طفيفاً بلغ 9 في المائة.
وتشير البيانات الأولية إلى أن الأداء الاقتصادي لعام 2008 جاء جيداً، حيث سجل النمو الفعلي للناتج المحلي الإجمالي نمواً بلغ 4.2 في المائة نتيجة لزيادة الإنتاج في القطاع النفطي. لكن النمو في القطاع الخاص غير النفطي تباطأ خلال العام مسجلاً 4.3 في المائة وهو النمو الأقل منذ عام 2003. وقد عززت الإيرادات النفطية الضخمة من فوائض ميزان الحساب الجاري, بحيث بلغت 151 مليار ريال في الوقت الذي لم يتعدى فيه النمو في إيرادات الصادرات غير النفطية ما نسبته 10 في المائة ، ومن المتوقع أن يبلغ متوسط التضخم للعام المالي الحالي 9.2 في المائة .
ونعتقد أن حجم إنتاج النفط ومتوسط أسعاره اللذين يراوحان عند مستوى 8.1 مليون برميل يومياً و44 دولارا للبرميل (أي ما يعادل 48 دولارا من خام غرب تكساس) سيستوفيا تقديرات الإيرادات النفطية للميزانية. ورغم أن توقعات أسعار النفط تعتبر أقل تحفظاً من الأعوام السابقة (سعر خام غرب تكساس يبلغ 42 دولارا حالياً)، إلا أننا نتوقع أن تتخطى الإيرادات الفعلية تلك المقررة بموجب الميزانية، بل نتوقع استنادا إلى تقديراتنا بأن يأتي متوسط سعر الخام السعودي عند مستوى 68 دولار خلال العام 2008, وبأن يتخطى الإنفاق الحكومي المستوى المتوقع في الميزانية وأن يتم تحقيق فائض في الميزانية قدره 89 مليار ريال سعودي.