عوائق إجرائية وتسويقية تحد من تدفق المنتجات السعودية للأسواق الخارجية
يعد الاقتصاد السعودي من أكثر الاقتصادات انفتاحا على العالم الخارجي، وتأتي الصادرات السعودية كأحد معالم ذلك الانفتاح على الرغم من العوائق المتعددة سواء الإجرائية أو الجغرافية والتسويقية التي تحد من انسياب الصادرات السعودية ونفاذها إلى أسواق العالم، ويولي عديد من الجهات أهمية كبيرة لمعالجة معوقات الصادرات السعودية وكان آخرها غرفة تجارة وصناعة الرياض التي أعلنت تأسيس لجنة تعنى بالصادرات.
وهنا تحدث لـ "الاقتصادية" أحمد بن سعد الكريديس عضو مجلس إدارة "غرفة الرياض" رئيس لجنة الصادرات، عن الخطوات التي تتجه لجنة الصادرات الوليدة لاتخاذها بهدف تشجيع الصادرات السعودية، كما كشف عن وجود بعض العراقيل الإجرائية و التسويقية التي تحد من تدفق المنتجات السعودية للأسواق الخارجية، متحدثا عن الحلول المنتظرة التي يمكن أن تتخذ في سبيل تعزيز وجود المنتجات السعودية في الأسواق الإقليمية والدولية. إلى التفاصيل:
شكلت "غرفة الرياض" أخيرا لجنة للصادرات برئاستكم، ما أهداف هذه اللجنة؟
تأسيس هذه اللجنة التي تضم نخبة من رجال الأعمال المتميزين والمهتمين بالتصدير يأتي ضمن اهتمام "غرفة الرياض" بدعم الصناعة الوطنية وتعزيز وجودها في الأسواق الخارجية, ولا سيما في ظل حدة المنافسة في معظم الأسواق الإقليمية والدولية وما تتيحه أنظمة التجارة العالمية من تبادل السلع وفتح الأسواق لتدفق السلع بين الدول.
كما أن نمو الاقتصاد السعودي وتطور الصناعة أديا إلى تزايد حجم الصادرات غير النفطية الذي بلغ حجمه 24.5 مليار دولار عام 2007، ويشير بعض المصادر إلى بلوغها 28 مليارا تقريباً في نهاية العام الجاري 2008.
ونحن ـ بإذن الله ـ عازمون على دعم تصدير المنتج السعودي, ونعمل حاليا على إعداد دراسة ستقوم بها اللجنة ـ بإذن الله ـ بالتعاون مع أحد بيوت الخبرة المتخصصة في الدراسات والبحوث لإجراء دراسة شاملة ومسح ميداني تتناول كل ما يختص التصدير، وتحديد عوائقه وسبل دعمه، كما أننا في لجنة الصادرات سنبادر بالتواصل مع المصانع الوطنية ومقابلتهم لنتمكن من تحديد المعوقات سواء المتعلقة بالإجراءات والأنظمة أو التسويق، وسنتواصل مع الجهات الحكومية ذات العلاقة بالتصدير، فالهدف المشترك هو تسهيل وصول المنتج السعودي إلى الأسواق الدولية.
ما أبرز العوائق والصعوبات التي تواجه الصادرات السعودية غير النفطية؟
المنتجات الصناعية الوطنية شهدت درجة جيدة من الجودة والتطور في السنوات الأخيرة, وهي تواصل تحسين الجودة، وهذا في تقديري من أهم عوامل الطلب عليها في الأسواق الخارجية، وتجاوز حجم الصادرات السعودية غير النفطية عام 2006 مبلغ 66 مليار ريال، وهو إن كان رقماً جيداً إلا أن بمقدور الصادرات السعودية غير النفطية أن ترتفع كثيرا, بل تتضاعف إذا ما عملنا على إزالة العقبات التي تعترض المنتج السعودي من اجتياز الحدود للأسواق العالمية.
وهناك بالتأكيد بعض العقبات ليست جديدة مثل عدم تبني المصدرين السعوديين خطة استراتيجية واضحة لتنمية الصادرات ونفاذها إلى الأسواق الخارجية, إضافة إلى ضعف خطط وأعمال التسويق والترويج للمنتجات السعودية وضعف مشاركة القطاع الخاص السعودي في المعارض الخارجية، فضلاً عن عدم توافر المعلومات الكافية عن الأسواق الخارجية لدى الشركات والمصانع الوطنية القادرة على التصدير.
أيضا هناك ضعف إلمام الشركات السعودية بالأنظمة التي تحكم عمليات التصدير، فضلاً عن ضعف قدرة قطاع الأعمال الوطني على الاستفادة من القروض وبرامج التمويل والائتمان التي توفرها مؤسسات التمويل المحلية والدولية للصادرات، ومن الضروري أن نزيد من التعاون بين الشركات ذات الخبرة المتمرسة في مجال التصدير، وبين المؤسسات الراغبة في الدخول في ميدان التصدير, خصوصا الشركات الصغيرة والمتوسطة للاستفادة من خبرات الشركات المتمرسة، ومن الضروري كذلك وضع آلية لتعزيز هذا التعاون واستقطاب شركات جديدة إلى ميدان التصدير.
ومن المهم تبسيط إجراءات التصدير وسرعة حل قضايا نزاعات التصدير، مع أهمية التركيز على الأسواق العربية نظراً لقربها من المملكة وتقارب الأذواق ونمط الاستهلاك مع المستهلك السعودي، فضلاً عن أهمية مردود تعزيز التكامل الاقتصادي العربي لصالح الدول العربية ككل، وهو ما نتمنى أن يكون مستقبله أفضل من واقعه الحالي.
ولعلي أشدد على ما بدأته في معرض إجابتي عن هذا السؤال وهو ضرورة الاهتمام المستمر بتحسين مستوى جودة المنتج السعودي وتعزيز تنافسيته، مع تحسين وسائل الإنتاج لتقليص التكلفة، فالمنتج الجيد ذو التكلفة المنافسة يفرض نفسه على الأسواق.
متى يستطيع الاقتصاد السعودي التخلي عن الاعتماد على النفط ويتجه نحو تنوع مصادر الدخل؟
أولاً يجب تحسين البيئة التصديرية عن طريق وضع البرامج المؤهلة لذلك ودراسة الأسواق العالمية واحتياجاتها الفعلية من المنتجات والسلع ومدى ملاءمة ذلك بتوافر الخامات داخل المملكة, إلى جانب توافر العمالة الماهرة والمدربة, ثم وضع استراتيجيات خاصة لمنافسة المنتج المحلي نظيره الأجنبي وكيفية التفوق عليه بالجودة والسعر، وأخيراً تسهيل وتذليل العقبات أمام تحقيق ذلك وتقديم الحوافز للمستثمرين.
حقيقة نحن في حاجة ماسة إلى مرحلة جديدة في مجال الاستثمار الصناعي، الذي سيمثل خطوة ضرورية لتحرير الاقتصاد الوطني من سيطرة تقلبات النفط، كما سيسهم ذلك في خلق بيئة صناعية جديدة في المملكة لتنويع الاقتصاد الوطني وتخفيف الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل الوطني.
#2#
بم تنصحون أصحاب المؤسسات والشركات لتنمية صادراتهم وصولاً إلى الأسواق الخارجية؟
يجب أن تتم الاستفادة من برامج تمويل وائتمان الصادرات المتاحة بما في ذلك دراسة الإجراءات والتكاليف والتسويق والترويج لخدمات وبرامج التمويل, مع أهمية التركيز على الوصول إلى أكبر عدد من المصدرين من خلال لقاءات تعريفية ببرامج تمويل وضمان الصادرات والتركيز على أهمية مشاركة أصحاب الشركات والمسؤولين التنفيذيين والمديرين الماليين ومسؤولي التصدير في الشركات المصدرة في هذه اللقاءات, مع أهمية تطوير خدمات المؤسسات التجارية لدعم الصادرات وإنشائها والتفكير في إنشاء مناطق إيداع وتخزين في عدد من الدول للتوسع في الصادرات السعودية إلى عدد من الدول النامية ومنها الأسواق الإفريقية.
يعاني الاقتصاد العالمي في الوقت الراهن تداعيات الأزمة المالية العالمي التي ضربت كثيرا من أسواق المال، ما تأثير هذه الأزمة في الصادرات السعودية؟
الاقتصاد السعودي جزء من الاقتصاد العالمي داخل منظومة موحدة وإن اختلفت نظمه وقوانينه مع كثير من الدول في التعاملات المالية، ولكن يظل عدد من المعاملات التجارية المتمثلة في الصادرات والواردات هي أحد تلك الروابط بين الاقتصاد السعودي وغيره من الاقتصادات الأخرى ذات العلاقة، ومما لا شك فيه أن تداعيات الأزمة المالية العالمية ستنعكس سلبا على تراجع الطلب على منتجات وصادرات المملكة وستتأثر أسعار الصادرات البتروكيماوية بالذات، وبالفعل انخفضت أسعار موادها أخيرا بنسبة تربو على أكثر من 50 في المائة عما كانت عليه قبل اندلاع الأزمة. لكن هذا لا يعني التسليم بهذه النتيجة، فمن المهم أن نعمل ونعزز صادراتنا ونهتم بالتسويق لمنتجاتنا التي وصلت إلى أكثر من 120 بلدا حول العالم.
ما رؤيتكم للمرحلة المقبلة بالنسبة للسوقين المحلية والعالمية؟
التصريحات الأخيرة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز- أيده الله- حملت لنا مزيدا من الطمأنينة والثقة حينما قال إن اقتصاد السعودي بألف خير وينتابه فقط قليل من الذعر ينهيه قليل من الوقت, مشيراً ـ أيده الله ـ إلى أن فوائض نفط البلاد وأموالها السيادية في مأمن وأن القطاع الخاص قادر على حماية استثماراته.
أما بالنسبة إلى الاقتصاد العالمي فإن العالم مقبل على ضغوط تضخمية كبيرة – هذا بحسب بعض التقارير - وسينعكس ذلك سلباً على الخطط الاستثمارية في ظل عدم ثقة وخوف المستثمرين من الإقدام على الاستثمار في ظل زيادة المخاطر المحتملة والمتوقعة للنظام المالي مع انخفاض السيولة المالية المتاحة نتيجة لتزايد مخصصات الديون، أما على صعيد الاقتصاد السعودي فلديه المخصصات التي تمكنه من التغلب على شح السيولة، كما يدعم ذلك التأكيد على مواصلة المشاريع التنموية والبنى التحتية.
كيف يمكن للاقتصاد السعودي امتصاص تداعيات الأزمة المالية العالمية؟
أولاً يجب تنويع الاستثمارات المتاحة وتوزيعها والاتجاه إلى الاستثمار في الدول التي تشهد نمواً مستمراً مثل ماليزيا والصين وبعض الجمهوريات الروسية, إلى جانب التركيز على الاستثمارات الداخلية التي تعتمد على توافر المواد الخام المحلية, وإيجاد استراتيجية واضحة المعالم ومحددة لضمان تشجيع الاستثمار, خاصة إلى أسواق الدول العربية حيث تعد المملكة أكبر مصدر لتلك الدول العربية مستأثرة بأكبر حصة في الصادرات البينية العربية بنسبة بلغت نحو 44.4 في المائة.
ما الآثار المتوقعة التي يمكن أن يشعر بها المواطن العادي في السوق المحلية؟
تجمع معظم مراكز الدراسات على أن التباطؤ الاقتصادي سيكون أبرز تأثيرات الأزمة الحالية في الاقتصاد العالمي بشكل مباشر ما سيؤدي إلى انخفاض الطلب على السلع الأساسية كالبترول والمعادن والمواد الأساسية الأخرى، وسيشعر المواطن العادي بانخفاض في أسعار السلع التموينية والاستهلاكية نتيجة هبوط القوى الشرائية لدى المستهلكين وسيكون هذا الانخفاض في مصلحة الدول المستوردة, ومنها المملكة.