العلاقات السعودية ـ القطرية إلى طبيعتها .. ولا عزاء لرهان الجفوة
العلاقات السعودية ـ القطرية إلى طبيعتها .. ولا عزاء لرهان الجفوة
يعد اجتماع أمس لـ"مجلس التنسيق السعودي ـ القطري المشترك" تتويجا لجهود التقارب الحثيثة التي بذلتها قيادتا البلدين في إطار سعيهما لتكامل الدولتين اللتين تجمع بينها عوامل جغرافية وتاريخية مشتركة، إلى جانب كونهما عضوين فاعلين على الساحتين العربية والدولية.
ومن المنتظر أن يشكل اجتماع أمس خطوة تستكمل خطوات سابقة في الإطار الثنائي والإطار الخليجي للوصول إلى التكامل المنشود الذي تتطلع إليه قيادات وشعوب منطقة الخليج العربي ورسالة إلى من راهن على استمرار الجفوة المؤقتة بين البلدين على حساب العلاقات الأخوية والودية التي طبعت تاريخ الدولتين.
وفي هذا الإطار سبق لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أن أكد في أكثر من مناسبة أن العالم اليوم لا يقيم وزنا إلا للتكتلات، وأن على الدول العربية والخليجية العمل على التكامل فيما بينها وتشكيل تكتل يتجاوب مع طموحات شعوبها. ومن منطلق رؤية الرخاء التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين التي في ضوئها أطلق العديد من المشروعات في البلاد فإن المرحلة المقبلة كما وصفها هي مرحلة العمل على توفير سبل الراحة والأمان للمواطن ليعود ويؤكد على أن دول الخليج عليها أن تعمل على رفاهية شعوبها، قائلا في حديثه لجريدة "السياسة" الكويتية "مع الوفرة المالية التي أفاء الله سبحانه وتعالى بها على المملكة علينا أن نكسب الوقت حتى ولو تطلب الأمر أن نقفز من حاجزه بزيادة الإنفاق والتكلفة على المشاريع التي تعود بالخير الوفير على أبناء شعبنا من جيل المملكة الحالي والأجيال المقبلة (..) نريد أن يتمتع السعوديون من جيلنا الحالي بمظاهر النمو في بلدهم وأن يورثوا هذه المشاريع لأجيالهم المقبلة لينعموا بها وبخيراتها".
حديث الملك عبد الله ورؤيته لم تتوقف عند حدود المملكة بل تخطت إلى حث دول مجلس التعاون الأخرى على العمل بوتيرة عالية على رفاهية المواطن الخليجي فقال "يصفنا إخواننا في دول المجلس بالشقيقة الكبرى وهذا يجعلنا في المملكة حريصين تمام الحرص على مواصلة دورنا في طرح كل ما من شأنه زيادة عرى التعاون والتلاحم بين دولنا فهناك تعاون اقتصادي قائم بين الشقيقات الست في المجلس إلا أننا ندفع دوماً بأن تكون وتيرة هذا التعاون أسرع وأفضل ونتطلع إلى ذلك اليوم الذي نرى فيه حلم شعوبنا في الترابط الاقتصادي قد تحقق على أرض الواقع وأعطى أكله".
واليوم نهج ورؤية الملك عبد الله تتبلور من خلال "مجلس التنسيق السعودي ـ القطري المشترك" الذي تشكل وفق رغبة الطرفين السعودي والقطري في إرسال رسالة إلى من راهن على استمرار الجفوة التي شابت العلاقة الأخوية في الأعوام القليلة الماضية. ولعل "مجلس التنسيق السعودي ـ القطري المشترك" ـ الذي يرأسه ولي العهد الأمير سلطان بن عبد العزيز ـ وظهوره كان دليلا بالغا على أن الأصل في العلاقات الخليجية ـ الخليجية ومنها العلاقة السعودية ـ القطرية علاقات الأخوة، وأن الاتفاق بين الرياض والدوحة هو السمة الغالبة فيما يظل الاختلاف علاقة استثنائية مؤقتة لا يعتمد عليها في وصف طبيعة العلاقة بين البلدين الشقيقين. وهذا المنحى عبرت عنه القيادتان في البلدين بشكل صريح، وآخر تلك التصريحات ما قاله ولي العهد القطري الشيخ تميم بن حمد "أود أن أعرب عن بالغ سروري بفرصة اللقاء الطيبة هذه مع قادة المملكة العربية السعودية الشقيقة وكلي ثقة أن يحقق هذا المجلس الذي انبثق عن الرؤية الثاقبة لقائدي البلدين ما ننشده من تدعيم للروابط الأخوية الحميمة بين بلدينا وتوطيد للأواصر الوثيقة وتعزيز للتعاون المشترك في جميع المجالات لما فيه خير شعبينا الشقيقين". من جانبه قال السفير القطري في الرياض علي بن عبد الله المحمود "إن الاجتماع الأول لمجلس التنسيق السعودي - القطري (..) يكتسب أهمية خاصة في تجسيده روح الإخاء والتعاون بين البلدين وسعيهما لتطوير العلاقات الثنائية بينهما في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية وغيرهما من المجالات الأخرى التي تهدف لتأصيل العلاقة بين البلدين والشعبين الشقيقين". وشدد المحمود على "أن الاهتمام الكبير من قائدي البلدين خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وأخيه الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر بتكوين هذا المجلس يشير إلى تطلعات كبيرة إلى أن يؤدي المجلس دورا إيجابيا وبارزا في تحقيق عديد من الإنجازات". وأكد "أن العلاقات بين دولة قطر والمملكة علاقات متميزة على امتداد التاريخ لما يجمع البلدين والشعبين من أواصر القربى والإخاء وكثير من العوامل المشتركة المتمثلة في اللغة والدين والتاريخ والمصير المشترك كما يجمع بينهما مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي أسهم في قيامه البلدان ليصبح الآن كيانا كبيرا يجسد روح التكافل والتعاون بين أعضائه ويسهم في تقوية وتعزيز العلاقة بين البلدين ويزيدها قوة ومتانة".
الرسالة السعودية ـ القطرية التي بدأت بالزيارات المتكررة بين قادة البلدين وتكرست بـ"مجلس التنسيق السعودي ـ القطري المشترك" مفادها أن الجفوة ذهبت إلى غير رجعة وأن التعاون المثمر بين البلدين عاد إلى مجراه الطبيعي وأن تكامل البلدين في خدمة شعبيهما وبقية الشعوب العربية السمة المقبلة.