مساران و3محاور لتأهيل قطاع المجموعات تنافسيا

مساران و3محاور لتأهيل قطاع المجموعات تنافسيا

إلى وقت قريب، وإلى ما قبل شيوع مفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات بالكثافة التي آل إليها الآن، وقبل طرح مبادرة التنافسية المسؤولة، كان عدد كبير من قادة إدارات الشركات ورجال الأعمال يولون جل اهتمامهم لما تقدمه شركاتهم ومؤسساتهم من مبادرات وخدمات للمجتمع. وكان هذا العطاء، وهذا الشكل من الخدمات الاجتماعية كافيا في نظرهم، وفي نظر المجتمع، دون كثرة الالتفات إلى واقع الموظفين الذين يعملون في هذه الشركات، ولا إلى أوضاعهم القانونية والصحية والبيئية.
مساران .. و3 محاور

ومع مؤشر التنافسية المسؤولية أخذت قضايا مثل بيئة العمل وتنمية وتطوير كفاءة الكوادر البشرية تحتل موقعها المتقدم، وتكتسب أهميتها التي لا تقل عن أهمية مساهمات الشركة خارج جدرانها. ونظرا إلى أهمية هذين المسارين في معايير التنافسية المسؤولة وتأثيرهما في تحديد موقع الشركة التنافسي، أصبحا مدار اهتمام كثير من الشركات الطموحة التي تسعى إلى التميز، ونظرا إلى حجمها وتنوع نشاطاتها الاقتصادية كان لا بد أن تبحث إدارات المجموعات عن أفضل الوسائل والسبل التي تحصل في بيئة العمل داخل مجموعاتها جاذبة ومستقرة أفضل الكفاءات في سوق العمل.
وتعطي مجموعة سيتي جروب الأمريكية مثالا واضحا على هذا التوجه الاستراتيجي في سياساتها، حيث ترتكز استراتيجيتها على ثلاثة محاور، يتداخل فيها مساران من مسارات المسؤولية الاجتماعية تجاه موظفيها وهما بيئة العمل وتنمية الكوادر البشرية.
وبالنسبة للمسار الأول نجد أن المجموعة تبدي عناية فائقة بموظفيها حيث خصصت في كل مقر للشركة مرفقا صحيا أو وحدة عناية صحية مزودة بأجهزة الطوارئ الطبية، وهذه الوحدة تقوم بعملية متابعة صحية يومية وشاملة وتعطي النصائح من خلال متابعة وقياس نسب الكوليسترول، وضغط الدم والضغط العصبي، والإرهاق للعاملين، وبرامج للإقلاع عن التدخين وكل العادات الضارة بالصحة.
ولا تهمل المجموعة الجانبين النفسي والاجتماعي لموظفيها من عنايتها بهم، حيث يتكفل أطباء نفسيون وباحثون اجتماعيون بهذا الجانب، كما وفرت الإدارة مراكز عناية لأطفال الموظفين تتولى رعايتهم خلال ساعات عمل الوالد أو الوالدة، وتتدخل استشارات الطاقم الصحي في برمجة عمل الموظف بما لا يتعارض وحالته المعنوية برفعها توصية بضرورة مراعاة تنظيم أوقات عمله حسب حاجة العمل وطاقته الذاتية.

نعم .. ثمة تدريب وآخر

هذا مجرد مثال لبيئة العمل التي تحرص المجموعة على توفيرها للموظف من ناحية رعايته الصحية الجسدية والنفسية في الشركة. أما بالنسبة للمسار الثاني والخاص ببناء وتنمية وتطوير القدرات العملية ورفع مستوى كفاءته، فإن "سيتي جروب" وضعت برامج مدروسة وخططا مفصلة لتطوير كفاءات الموظفين. وقد روعي في وضعها أن تخصص لتلبية احتياجات الشركة على مختلف أنواع التدريب، فمنها ما هو على رأس العمل ومنها ما هو على شكل فرق وورش عمل خارج الشركة، وتحرص على كل أشكال التدريب على تطوير مهارات الموظفين في التعامل مع التكنولوجيا في أعمال القطاع المصرفي، وتنمية مهارات العلاقات العامة والشخصية. ويتم كل ذلك وفق قاعدة بيانات وفي ضوء معايير شفافة بتقييم الأداء والإنتاج للموظفين، ووضع خطط للتطور في هذا الاتجاه.
ولكن ثمة جانب – فيما يتعلق بالمسؤولية الاجتماعية للشركات – قلما توليه إدارات الشركات انتباها، ألا وهو مسؤوليتها عن تثقيف موظفيها حول المسؤولية الاجتماعية خارج الشركة، وتحضيرهم لممارسة هذه المسؤولية طوعيا وغرس قيم التطوع والعناية فكرا وسلوكا، وفي هذا الإطار وضعت "سيتي جروب" برامج لتحضير موظفيها على التطوع والقيام بمبادرات في هذا الاتجاه، حيث قامت - على سبيل المثال - بتخصيص يوم في السنة للأعمال التطوعية، ثم قامت بوضع حافز 500 دولار تدفعها للموظف المتطوع عن كل 50 ساعة عمل تطوعي.
ومن ضمن جهودها في هذا الاتجاه، بدأت برنامجا أطلقت عليه يوم المجتمع العالمي في عام 2006، يقوم فيه أكثر من 61 ألف موظف من مجموعة "سيتي جروب" في كل القارات في أكثر من 600 مدينة بأكثر من 100 للعمل في ألف مشروع، مثل محو الأمية، والمساعدة على بناء منازل لمن هم بلا مأوى، ومشاريع لحماية البيئة، ومحاربة الفقر والجوع، والرعاية الصحية وغيرها من الأعمال، وأثبتت الإحصائيات أن نحو830 ألف شخص استفادوا من هذه الخدمات، كما تم التبرع بـ 56 ألف وجبة من الموظفين، وأن تسعة آلاف شخص تم التبرع بتكلفة تعليمهم الدراسي.

التطوع والمبادرات الذاتية

وما يقال هنا إن ما تقدمه شركة المجموعة في الإطار العام لمسؤولياتها الاجتماعية لموظفيها داخل المؤسسة سواء بتهيئة بيئة عمل صحية وسليمة جيدة، ومراعاة تامة لقوانين العمل الدولية والمحلية، وما تقدمه في رعاية متكاملة لجميعشؤونهم داخل العمل وخارجه، إنما ينعكس إيجابا على الشركة في مستويات إقبالهم على العمل، وإزكاء روح التنافسية الإنتاجية بينهم، وتطوير قدراتهم والارتقاء بكفاءاتهم سينعكس إيجابا على إنتاجيتهم من حيث الكم والنوع.

لنضمن بذلك رهان الأداء والإنتاج

إلا أن المجموعات تستطيع أن تفعل أكثر من ذلك فإنها الأقدر بين شركات القطاعات الأخرى على لعب دور مؤثر في توظيف كوادرها البشرية الكثيرة العدد والمتنوعة الاختصاصات على المساهمة الفاعلة في تنفيذ المبادرات الذاتية للعاملين في مختلف مجالات نشاطاتها الاقتصادية، وإدماجهم في برامج ومبادرات المسؤولية الاجتماعية، وتصبح بذلك أشبه ما تكون بمعاهد للمسؤولية الاجتماعية تتخرج فيها كوادر مسؤولة وفاعلة.

الأكثر قراءة