شنطة لتغطية نفقات رحلة العمر
عندما تنظر إلى التقرير يخيل إليك للوهلة الأولى أحد أمرين إما أن تكون هذه الصور أرشيفية لموسم حج قد مضى، وإما أن وقائع حج هذا الموسم قد بدأت فعلا قبل وقتها. ولكن الحقيقة التي يحكيها واقع الصور هي نتاج جولة كاميرا "الاقتصادية" على المشاعر المقدسة قبل أيام من بدء موسم حج هذا العام, حيث عمدت أفواج منظمة من حجيج عدة دول إلى القيام بجولات تختلف الغاية في هدفها من فوج لآخر.
هناك من يأخذ الحجيج ليعلمهم بمواقع المشاعر المقدسة التي يأتون إليها في أيام الحج, وهناك من يأخذ الحجيج في رحلات سياحية تتيح لهم مشاهدة تلك المواقع المقدسة بعيدا عن الزحام الذي تشهده أيام الحج.
#2#
أحداث وقصص تكشفت لنا خلال تلك الجولة من معتقدات وأساليب ينتهجها هؤلاء الحجيج ناتجة عن جهلهم كثيرا من الأمور الدينية, التي توقعهم في بدع وخزعبلات تقودهم إلى المحظور الذي نهى عنه ديننا الحنيف.
تجارة ما قبل الحج
ما يقارب ألف حاج يفدون يوميا ومنذ الصباح وحتى غروب الشمس تسببوا في انتعاش اقتصاديات الباعة الجائلين وأصحاب الدواب أمثال الجمال والخيول والدبابات وحملة الكاميرات التي تلتقط الصور التذكارية, الأمر الذي جعل جل الباعة المتواجدة في مكة المكرمة تتجه صوب المشاعر المقدسة.
خليل الرحمن باكستاني الجنسية يقود جملا ومعه كاميرا, بصعوبة استطعنا أن نخرجه من زحام الحجيج الراغبين في امتطاء الجمل ومن ثم التقاط الصور التذكارية, بكلمات مقتضبة ومتذمرة ناتجة لإشغالنا إياه عن أداء عمله المربح يقول " أتواجد هنا أنا وزملائي قبل الفجر حيث نفطر ونجهز دوابنا ودراجاتنا النارية استعدادا لاستقبال الحجيج".
وعن الأسعار وقيمة ركوب الجمال والخيول وغيرها يقول خليل الرحمن " أسعارنا لا تتجاوز عشرة ريالات للدورة الواحدة, ومدتها في الغالب تراوح ما بين 5 وعشر دقائق, أجول بالحاج حول جبل الرحمة ومن ثم العودة به إلى نقطة البداية.
#2#
تجارة الشنطة الخارجية
لم تقتصر الحركة الاقتصادية على مقيمي العاصمة المقدسة بل شملت عددا من الحجاج القادمين من بلادهم محملين بكثير من السلع التي يتاجرون بها خلال أيام الحج.
أحد الحجاج الإندونيسيين أستغل تواجد أبناء جلدته في مشعر عرفات وتحديدا حول جبل الرحمة, وقام ببيع عدد من أفلام الكاميرا التي يحتاجون إليها وبأسعار منافسة عن التي تباع من قبل الباعة الآخرين, وكذلك بعض شرائح الجوال, إضافة إلى أن بعض المأكولات الإندونيسية الخفيفة التي يفضلها أقرانه, حاولنا أن نتحدث معه ولكن حاجز اللغة وقف حائلا بيننا, وبابتسامة منه قدم لنا بعض المكسرات الإندونيسية, طالبا منا أن نزوده بصورة من كاميراتنا.
"الرحمة"معتقدات وخرافات
لم يسلم جبل الرحمة كعادته كل عام عند قرب بداية موسم الحج وقدوم تلك الأفواج لزيارته من الممارسات الخاطئة التي يقوم بها حجاج بيت الله الحرام من التبرك والمعتقدات غير الصحيحة.
فهناك من يجلس فوق الجبل كاشفا رأسه تحت أشعة الشمس شاقا قميصه ويقوم بالتلطيم على وجهه ويجهش بالبكاء, طالبا من الجبل أن يتوسط له عند الله ـ عز وجل ـ بأن يغفر له عن ذنب اقترفه في حياته, وبعض يتمسح بالجبل وكأنه حائط مبكى, معتقدا أن للجبل قدرة على استجابة طلباتهم الدنيوية والدينية, ناسيا أن هذا الجبل لا يسمن ولا يغني من جوع, وإنما هو مشعر مقدس يقوم الناس بالدعاء عليه, وليس ملزمين به أثناء الحج لقول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم: "وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف وارتفعوا عن بطن عرنة".
قدومهم يمثل الفرج لهم
تنطبق هذه المقولة على شركات اللموزين في العاصمة المقدسة حيث يعيشون طوال فترات الموسم حالة من الركود ولا ينقذهم من تلك الحالة إلا موسما العمرة والحج حيث يعدان طوق نجاة لهم لتعويض بعض المكتساب الضائعة, مستغلين هذه الفترة من السنة برفع أجورهم وبشكل مبالغ فيه, معللين بأن هذا الارتفاع في السعر هو من حقهم الطبيعي لكي يعوضوا ما خسروه بسبب الركود العام الذي يعيشوه طوال السنة, والغريب في الأمر أن رفعهم أسعار أجرة المشوار والذي يصل في بعض الأحيان إلى مبلغ 50 ريالا للمشوار الواحد من داخل مكة المكرمة وحتى المشاعر المقدسة والذي يكون في العادة لا يتجاوز عشرة ريالات يلاقي تجاوبا كبيرا من قبل الحجاج ,فليس لدى الحاج هم غير الوصول إلى المشاعر المقدسة.
الشركات والتوعية
في نهاية المطاف يجب على شركات الحج والعمرة والتي يقع على عاتقها نجاح إتمام الحاج حجه, إضافة إلى وجوب توعية هؤلاء الحجيج بالممارسات الخاطئة التي يقومون بها أثناء إقامتهم في المشاعر المقدسة في أيام الحج.
سعد القرشي صاحب إحدى شركات الحج والعمرة يقول " في كل عام نجند أكثر من 100 شاب في مجال إرشاد وتوعية الحجاج خلال أيام الحج, إضافة إلى قيامنا بعمل محاضرات بلغات أجنبية في المخيمات بهدف توعية الحجاج وتعليمهم الطرق الصحيحة والسليمة".