الإسراع بتجسير الفجوة المعرفية

الإسراع بتجسير الفجوة المعرفية

يعاني المجتمع السعودي نقصا يسترعي الانتباه وضعفا في علاقة أفراده بتقنية الاتصالات والمعلوماتية تتناقض مع ما تنشره صحفنا المحلية وتردده عن تسيدنا هذه الساحة عربيا وتفوقنا على بعض من هم خارج منطقتنا، وذلك حسبما يفيد الجدول المرفق.
وهذا مؤشر سلبي يجب أن يجعلنا نفكر قليلا في كيفية تفعيل دور شركات قطاع تقنية الاتصال والمعلومات للنهوض بمسؤولياتها الاجتماعية، لأن الفجوة بيننا وبين الدول المتقدمة هائلة للغاية، ثم إن الفجوة أكثر من ذلك بيننا وبين دول في محيطنا العربي والإسلامي كبيرة، رغم ما تتمتع به المملكة من إمكانات تتيح الفرصة أمام الكبار والصغار من الجنسين للتمتع بخدمات تكنولوجيا الاتصال والمعلومات، والاستفادة منها معرفيا وعمليا ووظيفيا في كل شؤونهم الحياتية، خاصة إذا تأكد لدينا واستقر في قناعتنا أننا مقبلون على عصر الاقتصاد المعرفي.
وإن ترتيب أوضاع المجتمعات منذ الآن بدأت تتكشف ملامحها المستقبلية على أسس معرفية، وربما يكون لدينا في المملكة دافع آخر وهو: أن المملكة التي تعتمد في اقتصاداتها على النفط، وهو مورد غير متجدد، أي له عمر محدد، ليس أمامها من سبيل مستقبلا سوى أن تستثمر في مواردها البشرية معرفيا، وهذا هو المجال الذي يمكن أن تلعب فيه شركات قطاع الاتصالات والمعلوماتية دورا حيويا ومهما في إطار التنافسية المسؤولة، التي تستطيع من خلال هذا الدور أن تقوم بمبادرات تستهدف تعليم وتدريب أكبر شريحة بين القطاعات الشبابية وتأهيلهم للمنافسة في سوق العمل.
وأن هذا الجهد الذي تبذله شركات قطاع الاتصالات والمعلوماتية سيكون بالتأكيد استثمارا على المدى البعيد في صالح ازدهار أعمال الشركة في المجتمع الذي استطاعت من خلال مبادراتها الخلاقة أن تكسب ثقته واحترامه.
وعلى هذه الشركات أن تقرأ جيدا خريطة توزيع خدماتها على مناطق المملكة، ستجد أنها مطالبة بردم الهوة بين المدن الكبرى التي تتمتع بخدمة الاتصالات المتنوعة وبشبكة معلوماتية غنية، بينما تعاني المجتمعات الأصغر من الحرمان والبؤس المعلوماتي، ولعل هذا كما هو واضح هو أبسط ما يمكن أن يشار إليه كنقيض لمفهوم التنمية المتوازنة والمستدامة نعم، وثمة عمل كثير ينتظر هذه الشركات في إطار مسؤولياتها الاجتماعية، وهو عمل أصبح الآن أكثر إلحاحا ًوضرورة في ظل الدور المتعاظم الذي تلعبه المملكة عالميا على المستويين السياسي والاقتصادي.
وفي اقتصاد المعرفة يتم التركيز على عنصر الشباب من الجنسين في برامج التعليم والتدريب والدعم والمساندة، إلا أن الأمر يأخذ منحى مختلفا في مناهج التعليم، حيث ينبغي أن يبدأ تعليم الصغار منذ مرحلة أساس التعامل مع أجهزة الإيصال وتقنية المعلومات.
وقد قام العديد من الشركات الكبرى بمبادرات تعليمية وتدريبية بين الطلاب في مختلف أنحاء العالم، خاصة في المجتمعات الأقل نموا، والحال أن عملية تجسير الفجوة بين المناطق المركز والأطراف في المملكة المترامية الأطراف، التي تحتل أربعة أخماس مساحة جزيرة العرب، ويجب أن توضع في اعتبار شركات قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات
وأن يترجم هذا الاهتمام وهذا التوجه بمبادرات عملية وواقعية، لنشر المعرفة التكنولوجية والثقافة التقنية من خلال الدورات التدريبية وتوفير الأجهزة للطلاب، وللراغبين من مختلف الأعمار من الجنسين، إذ إنها أي هذه الشركات ستفتح أبوابا استثمارية مستقبلية في وجه منتجاتها، وستصبح بمرور الوقت جزءا من نسيج المجتمع هناك متمتعة بالثقة والاحترام لمساهمتها في تجسير الهوة المعرفية فيه.
وفي إطار المسؤولية الاجتماعية للشركات لتجسير هذه الفجوة المعرفية بين المملكة والدول الأخرى وتعزيز موقف الأولى تنافسيا فإن على الشركات طرح العديد من المبادرات التي ستساعد على نشر المعرفة التقنية وممارستها، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن التحذير والتنبيه إلى الممارسات والآثار السلبية لاستخدام تقنيات الاتصال والمعلومات ينبغي أن تتحمل هذه الشركات نصيبها منها.
أما في إطار سد أو تجسير الفجوة المعرفية داخل المملكة بين الشرائح التي تتمتع بخدمات تقنية الاتصال والمعلومات وبين الشرائح المحرومة منها، فيحتاج إلى دراسات متعمقة ودقيقة يتم بموجبها تحديد الشرائح المحرومة من هذه الخدمة ديمغرافيا وتحديد مواقعها واحتياجاتها التنموية ومن ثم توضع استراتيجيات عملية وواقعية لتوصيل هذه الخدمة إليها، على أن يتم ذلك وفقا لخطط تنموية مستدامة تستهدف تعليم وتدريب وتأهيل هذه الشرائح وتطوير قدراتها ومهاراتها للانخراط في سوق العمل بكفاءة واقتدار.
جدول مقارنة لمستخدمي الإنترنت والكمبيوتر في الخليج العربي وأفضل 10 دول حسب تقرير المنتدى الاقتصادي الدولي:

الأكثر قراءة