المعلم والضغوط النفسية والمهنية؟!
مما لا شك فيه أن كل إنسان معرض للضغوط النفسية والانفعالات السلبية الناتجة عن الضغوط الاجتماعية، المهنية، الأسرية، المادية، العاطفية. إلا أن المعلم يقع تحت مجموعة من الضغوط النفسية اليومية أكثر من غيره بناء على شدة واختلاف العوامل المسببة لذلك؛ فالمعلم اليوم يعاني من كثرة الأعباء التدريسية والإشرافية، والعمل تحت ضغوط الأوقات المحدودة للإنجاز، ووجود عمل سريع محدد بفواصل زمنية نظامية مع عدم وقت للراحة، والشعور بعدم السيطرة على العمل أو المتعلمين أنفسهم، وعدم الإحساس بالأمان الوظيفي، وانعدام التعاون بين البيت والمدرسة، وإهمال أولياء الأمور لأبنائهم، وانعدام أساليب التشجيع أو التحفيز، وتسلط بعض مديري المدارس وكثرة مطالبهم المتضاربة، وعدم وضوح الأنظمة الرادعة لسلوك الطلاب، والتعامل مع العقليات المختلفة من الطلاب والمعلمين وأولياء الأمور و المسؤولين عن التعليم، والنظرة السلبية تجاه العملية الإشرافية على التعليم، وعدم القدرة على تحقيق الذات، وغيرها من العوامل النفسية الأخرى داخل المدرسة وخارجها.
كل هذه العوامل أصبحت تشكل ضغوطا نفسية انفعالية على المعلمين فظهر على كثير من المعلمين بعض العلامات النفسية : كالضيق، والكآبة، والحزن، وفقدان الاهتمام، وفرط التهيج، وفرط النشاط الانفعالي، وعدم الاستقرار، وفقدان الصبر، وزيادة الغضب، والملل، والخمول، والتعب، والإنهاك، وضعف التركيز، والتشوش الذهني، والسلبية، وعدم القدرة على اتخاذ القرارات، والجمود، وانعدام مراقبة الذات، وإسقاط الفشل على الآخرين، والأداء السيئ، واللجوء إلى المقارنات مع الآخرين، وعدم تطوير الذات، والتحايل على الأنظمة، والهروب من العمل، وعدم الولاء للمهنة، وغيرها من الآثار الدالة على وجود الضغوط النفسية لدى فئة كبيرة من المعلمين.
كما أن الضغوط النفسية تؤثر سلباً في الصحة النفسية فإنها تؤثر في الصحة الجسمية أيضا فتؤدي إلى تصلب الشرايين، والصداع النصفي، وارتفاع ضغط الدم والسكر، واضطرابات النوم والأكل، والتهابات المعدة، وظهور حب الشباب، والطفح الجلدي، واضطرابات الجهاز الهضمي كالإسهال أو الإمساك، وغيرها من الأمراض العضوية الأخرى.
وهنا لا ينبغي للمعلم أن يستسلم للضغوط النفسية بل يجب عليه أن يتبع بعض الأساليب العملية للتكيف والتعايش معها بإيجابية والسعي إلى التقليل من أثرها لأنه ليس من الواقعي أن نتخلص من كل الضغوط الحياتية ولكن من الممكن أن نقلل من الأثر السلبي لتلك الضغوط من خلال : المداومة على أداء الصلاة وقراءة القرآن، والتدريب على المهارات الاجتماعية، ورسم أهداف واقعية للتخلص من الضغوط المتراكمة وعلاجها أولا بأول، وتنظيم الوقت، وتوزيع الأعباء اليومية، والحرص على التغذية السليمة، والنوم الكافي خلال الليل، والانخراط في الأنشطة المدرسية، وربط جسور المحبة والصداقة مع الطلاب والهيئة التعليمية داخل المدرسة، واستبدال التخيلات المثيرة للقلق بتخيلات أخرى مهدئة للمشاعر، والاستفادة من أوقات الفراغ في ممارسة الهوايات، وتنظيم الحياة الاجتماعية، والدينية، والأسرية.