التقنية الحديثة تكشف أخطاء تحديد القبلة في المساجد داخل المملكة

التقنية الحديثة تكشف أخطاء تحديد القبلة في المساجد داخل المملكة
التقنية الحديثة تكشف أخطاء تحديد القبلة في المساجد داخل المملكة

كشفت التقنيات الحديثة والأجهزة المتطورة التي أفرزتها عجلة العلم والتطور الحادث اليوم في عالمنا المعاصر, عن كثير من الأخطاء في اتجاه القبلة في بعض المساجد في المدن الكبيرة، وهي مساجد ليست بالضرورة قديمة البناء, بل بعضها تم بناؤه حديثاً وفي مدن كبيرة كجدة والباحة, التي كشفت بعض وسائل الإعلام المحلية قبل فترة العديد منها، وكما يعرف الجميع أن استقبال القبلة شرط أساسي لصحة الصلاة، فقد قال الله تعالى "فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره".
عبر عدد من التحقيقات المنفصلة, التي سننشرها عبر هذا الباب ـ إن شاء الله، سنحاول طرح وبحث قضية انحراف اتجاه القبلة لبعض المساجد وسبل العلاج من الناحية الهندسية والدينية، وفي هذا التحقيق الأولي سنبحث أهم الوسائل المستخدمة في تحديد اتجاه القبلة التي يطالب عديد من الناس بضرورة تدريب المسؤولين عليها لتفادي حدوث الأخطاء، ما هذه الأجهزة ؟ وهل هي حقاً آمنة الاستخدام؟

البوصلة وأخطاؤها
يستخدم أكثر الناس البوصلة لتحديد اتجاه القبلة، باعتبارها من أكثر الأجهزة توافراً وسهولة في الاستخدام, حتى إن المرء اليوم يجدها مدمجة مع بعض أنوا ع سجادات الصلاة المخصصة في الأصل للمسافرين إلى الدول والمناطق غير المسلمة، وعلى الرغم من هذا الرواج الكبير لهذه الآلة القديمة واستعمالها الكثير من قبل المهندسين والمقاولين في تحديد اتجاه القبلة لعدد من المساجد، إلا أن عديدا من المتخصصين يرون أنها غير دقيقة في تحديد الاتجاهات وبطبيعة الحال في تحديد اتجاه القبلة.
فمن المعروف أن البوصلة التي تتكون في الأساس من إبرة مغناطيسية حرة الحركة، من الممكن أن تتأثر بالأجسام المعدنية القريبة كالأثاث والأدوات المنزلية, ولذلك فإن وضعها في أماكن مختلفة للمنطقة نفسها قد يعطي اتجاهات مختلفة للقبلة, وبحسب العلوم والمعارف الفيزيائية فإن البوصلة تشير إلى الشمال المغناطيسي، وهو اتجاه متغير ويختلف من مدينة إلى أخرى, ومن وقت إلى آخر، إضافة إلى أنه منحرف قليلا عن الشمال الجغرافي, الذي هو ثابت لا يتغير، ومن الخطأ إذن الاعتماد على الشمال المغناطيسي في تحديد اتجاه القبلة، ذلك أن حساب القبلة يكون في العادة اعتماداً على الشمال الجغرافي، ولذا يدعو المختصون مستعملي البوصلة إلى ضرورة مراعاة الفارق بين الخريطة ومؤشر البوصلة, ويوصون في الوقت نفسه بضرورة تحويل القيم ذات العلاقة إلى الشمال المغناطيسي, حيث يمكن في هذه الحالة استخدام البوصلة لتحديد اتجاه القبلة، ومن المعروف أن معظم هذه الأجهزة اليوم تكون في العادة مرفقة مع جداول تحتوي على هذه المعلومات للاستفادة منها في تحديد اتجاه القبلة.

الشمس .. هل هي أكثر دقة؟
في نظر بعضهم أن الشمس هي الطريقة الأكثر دقة لتحديد اتجاه القبلة، لأن ظل عقربها "أو عكسها" ، في أغلب الأيام – وذلك عند وقت محدد من اليوم- يكون في اتجاه القبلة مباشرة، إذ أثبت الباحثون أن ظل عقرب الشمس أو عكسه يشير في وقت الظهر إلى الشمال الجغرافي وذلك في كل مكان في العالم.
ويعرف المختصون عقرب الشمس بأنه أي جسم مستقيم عمودي (بزاوية 90 درجة) على سطح الأرض، كأعمدة مصابيح الشوارع، أما ظل عقرب الشمس فهو الوقت الذي يشير فيه ظل عقرب الشمس إلى القبلة.

الأجهزة الحديثة
تعد أجهزة النظام العالمي لتحديد المواقعGPS من بين أكثر الأجهزة انتشاراً واستخداماً في الفترة الأخيرة في كثير من المناطق حول العالم، خاصة أن نسخا صغيرة الحجم وقليلة التكلفة منها باتت متوافرة في الأسواق منها "الأجهزة المحمولة يدويا Hand-Held GPS Receivers", التي يمكن استخدامها بسهولة في تحديد اتجاه القبلة من أي مكان على سطح الكرة الأرضية, حيث تعتمد الفكرة فيها على حساب و تحديد انحراف أو اتجاه الخط الواصل بين موقع الجهاز وموقع مكة المكرمة، وبما أن الجهاز ذاته يحدد موقع الشخص الراصد في أي لحظة فإن المطلوب هو معرفة موقع (إحداثيات) مكة المكرمة فقط حتى يستطيع الجهاز حساب وتحديد الاتجاه إليها، وهذا يتطلب من الراصد إنشاء نقطة أو موقع افتراضي داخل ذاكرة الجهاز, ومن ثم إدخال إحداثيات هذه النقطة التي تدل على مكة المكرمة, التي هي تقريباً بالنسبة لخط العرض Latitude 21 درجة و25 دقيقة بينما لخط الطول Longitude 39 درجة، 50 دقيقة", ومن خلال بعض التعليمات الإرشادية البسيطة فإن الجهاز يحدد انحراف الخط من موقع المنشأ إلى موقع مكة المكرمة, حيث إن معظم أجهزة GPS تحتوي على وسائل بيانية على شاشة الجهاز ترشد إلى اتجاه الخط المطلوب فيتحرك حامل الجهاز عدة خطوات بسيطة ويبدأ في توجيه نفسه حتى يكون خط سيره واقعا تماما على الخط المرسوم على الشاشة الذي يحدد الاتجاه إلى مكة المكرمة، وبذلك يمكن تحديد اتجاه القبلة من أي مكان على سطح الأرض سواء صباحا أو ليلا.

باحث سعودي يكشف الحقيقة
قبل فترة وجيزة عرض عديد من وسائل الإعلام قصة باحث سعودي كشف أثناء تحضيره درجة الدكتوراه عن عدم دقة اتجاه القبلة في 15 مسجدا, وفتح هذا الباحث واسمه عبد العزيز الغامدي باكتشافه هذا, الذي عكف عليه أكثر من عامين, باباً جديدا لتحديد اتجاه القبلة من مساجد مدينة الباحة, وذلك باستخدام برنامج "جوجل إيرث".

"جوجل إيرث" أخيراً
مهندس تقنية الاتصالات عمر عبد العزيز يقول بالنسبة إلى برنامج "جوجل إيرث" فهو برنامج يمنح مستخدميه إمكانية استجلاء المناطق الأرضية عبر الفضاء مع حزمة واسعة من الأدوات الخدمية. وفي فحص اتجاه القبلة، وضمن الأدوات التي يوفرها البرنامج، أداة تمكن المستخدم من تعيين مدينة معينة، كمكة المكرمة، ثم التوجه صوب أي مدينة أخرى في العالم ومعرفة اتجاه مكة بالنسبة لها، وهو الأمر الذي يسهل مهمة البحث لكل باحث عن اتجاه القبلة, إذ يقتصر دوره على التنقل فضائيا بين المساجد المنتشرة في كل مناطق العالم لمعرفة الاتجاه .
إضافة إلى "جوجل إيرث" والجي بي إس هناك اليوم كثير من التقنيات الحديثة التي تساعد الناس على تحديد اتجاه القبلة كبعض الساعات اليدوية وغيرها.

الأكثر قراءة