إرهـاب جـديـد
تفيد الإحصاءات على مستوى العالم من خلال التقارير الدولية كتقرير منظمة الصحة العالمية أن هناك 1.2 مليون قتيل سنويا من خلال حوادث السيارات التي تقع في الطرق، وهناك قرابة 50 مليون جريح من هذه الحوادث، ومن المتوقع ارتفاع هذا المعدل خلال الـ 20 سنة المقبلة بنسبة 65 في المائة إذا لم تكن هناك حملة وقاية قوية ومركزة .
وتستحوذ الدول النامية والفقيرة على نسبة 85 في المائة من قتلى الحوادث في العالم، كما تشير الإحصاءات في المملكة إلى أن هناك حادثا مروريا من كل خمسة حوادث يقوم الهلال الأحمر بالمساعدة على نقله، كما أن هناك ستة جرحى من بين كل ثماني حوادث في المملكة في حين أن المعدل العالمي أن هناك جريحا واحدا بين كل ثماني حوادث، كما أن الخسائر التي تسببها مثل هذه الحوادث تصل إلى 21 مليار ريال في كل عام، كما أن معدل خسائر الناتج القومي من هذه الحوادث يصل 4.7 في المائة في المملكة مقارنة بـ 1.7 في المائة في كل من أستراليا وأمريكا وبريطانيا.
ومن أكثر الأسباب المؤدية إلى الحوادث المرورية في العالم قيادة السيارة في حالة تعب أو إجهاد، أو قيادتها تحت تأثير المسكرات أو المخدرات أو قيادتها بسرعة عالية وتليها عدة أسباب أخرى مختلفة، ويصل عدد الوفيات في المملكة من خلال الحوادث المرورية 5000 قتيل في حين أن عدد السكان يصل إلى 24 مليون نسمة في حين يبلغ عدد القتلى في اليابان من خلال هذه الحوادث 4000 في حين أن عدد السكان 127 مليون نسمة أي أن معدل القتلى هو 7 أضعاف ما هو موجود في اليابان.
والمتأمل لما سبق والمتمعن في هذه الأرقام يلمس عظم الكارثة التي تقع سنويا من خلال هذه الحوادث وضرورة أن تكون هناك وقفة جادة وصارمة تجاه أسبابها فنحن نسير في الطرقات ولسنا بمنأى أن نكون نحن أو أبناؤنا أو إخواننا أو آباؤنا ضحايا لمثل هذه الحوادث ومواصلة السكوت على ما يجري اليوم في شوارعنا سكوت على سرطان يستشري في مجتمعنا ويقضي سنويا على خمسة آلاف فرد منا ونحن وقوف نتفرج أو أننا نقوم بحملات إعلانية أو مرورية لا جدوى لها فمسلسل الضحايا والإعاقات مستمر والمسؤولية ليست مسؤولية جهة بعينها بل مسؤولية مجتمع بأكمله، فعندما يرى المرور قائد السيارة يخالف الأنظمة ولا يطبق عليه العقوبة أو أنه يطبقها بشكل مخفف فهو مسؤول وعندما لا تنفذ الطرق بشكل سليم سواء من خلال الطبقة الأسفلتية أو السكوت على ما فيها من حفر ومطبات أو انحناءات أو مداخل ومخارج شوارع الخدمة فهي مسؤولية الدولة، وعندما لا توضع علامات التحذير والتوجيه فهي مسؤولة، وعندما يرى أفراد المجتمع الشاب المتهور وهو يعيث فسادا في الشوارع ويجعلها كميادين سباق ولا يحترم إشارات المرور ويقوم بقطعها ولا يتم إبلاغ الجهات المسؤولة فهم مسؤولون.
إن من أعظم أسباب المأساة التي نعيشها اليوم عدم وجود رهبة في نفوس السائقين من أن هناك عقوبات أو خطوات رادعة عند تجاوز الأنظمة فأصبح الناس يستخفون بالنظام وبالإشارات بل وحتى برجل المرور فلم تعد هناك هيبة بل أصبحت المخالفات ترتكب على مرأى ومسمع من رجال المرور.
إنها مسؤولية مجتمع متكاملة يجب على كل جهة فيه أن تحاسب نفسها فقد تكون سببا في روح زهقت على الطريق لخلل في إشارة مرورية أو عيب في الطريق أو تقصير في أداء مهمة وكما أن المجتمع بالأمس قد انتفض في وجه الإرهاب وفي وجه الحاقدين الذين يعيثون فساداً في الأرض فيجب عليه أن ينتفض اليوم في وجه هذا الإرهاب، الذي يحصد أرواح عشرات البشر كل يوم .