"دوائر الماء" من السعودية إلى العالم
أثبتت المملكة العربية السعودية أنها قادرة على تصدير ما هو أكثر من النفط. إنها تصدر الماء .. ماء المبادرات الإنسانية والحلول الكونية، وتسعى عبر قيادتها ومؤسساتها لإرواء العالم المتعطش للأفكار الخلاقة وسط موجة متزايدة من الحروب والأزمات السياسية والاقتصادية.
في نيويورك كان خادم الحرمين الشريفين يؤسس تحت قبة الأمم المتحدة لحوار الأديان وأعين أكثر من مليار ونصف إنسان متعلقة بما يتفوه به الملك عبد الله بن عبد العزيز، فيما عدسات المصورين تلتقط صورا ربما لا تتكرر بسهولة لشخصيات تجلس إلى جوار بعضها فيما يبدو وكأنه المستحيل بعينه.
وفي الرياض العاصمة السعودية التي كان أكثر المتفائلين من البشر يعتقد أنها ستغرق ذات يوم في بحر من الرمال المتصارعة حولها من جميع الجهات، كانت الهيئة العامة للاستثمار تعقد حوارا آخر للقيادات الاقتصادية والنخب الأكاديمية، بالتعاون مع جامعة هارفارد العريقة بحضور ممثلين دوليين يمثلون أقطاب الطيف الاقتصادي لإطلاق أفكار مبتكرة في دعم المجتمعات وتحقيق الرفاه الاجتماعي في المملكة.
وتظهر انسيابية هذه الحوارات السعودية المنشأ، العالمية المحتوى والمضامين، في طريقة التعاطي معها بهدوء لا يبحث عن الصخب الإعلامي بقدر ما يرمي لتأسيس جداول سيارة تجري بها مياه الحياة لشعوب الأرض.
وتنطلق هذه الحوارات من نقطة أساسية تعرف عالميا بالمسؤولية الاجتماعية، فيما هي عند الملك عبد الله بن عبد العزيز شهامة البدوي الأصيل التنويري في وعيه والمرتبط بجذوره في إعمار الأرض، ونبذ العنف، وربط الأزمات العالمية من فقر وحروب ومجاعات بحالة التنافر السياسي والديني.
إنها دوائر من الماء تنطلق من حجر صائب تلقيه السعودية في الماء الراكد لإنعاش الكون بالمبادرات والحلول، وهي كذلك رسالة عميقة تبعثها المملكة للعالم من أن صناعة الفعل الدولي هو دور ومسؤولية تتحملها السعودية بجدارة دون أن تكتفي بردة الفعل أو حالة اللامبالاة التي تعكس توجهات كثير من دول المنطقة.
حوار القيادات السياسية والدينية في نيويورك تقوده المملكة، وحوار آخر لقيادات اقتصادية في الرياض.. تزامن مدهش في قراءة المشهد الدولي تلعب فيه السعودية دور البطولة المطلقة، والأجمل ألا أحد ينتظر الحلقة الأخيرة، فهو عمل واقعي يقوم على أهداف استراتيجية تتقاطع في مناطق كثيرة في عالم متغير يبقى الهدف الأساسي المشترك فيه هو إدارة الحياة على كوكب الأرض بعقول مستنيرة تراعي حق الشعوب في الحياة والعمل والصحة والتعليم. وكذلك تسمو للسلام والأمن العالمي الذي بات سلاما واحدا وأمنا واحدا، وحكاية فصلها عن جسد الحياة الاقتصادية ستكون عملية سيامية فاشلة مهما كانت قدرة الجراحين.
يوما ما ستكون شمس العام الميلادي أشرقت فيه على رقم جديد سيتذكر العالم فيه كيف استطاع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، تحويل بلاده إلى ورشة عمل ضخمة للاستثمار في الوعي والعقول والأفكار النيرة، دون أن يقف لحظة واحدة عند أدعياء الجهل والتخلف وأساطير الانغلاق.
إن كان الحضور في قاعة إسبانية أو أمريكية وقفوا طويلا للتصفيق لكلمة الملك عبد الله، فإن العالم سيصفق أيضا لمبادرات سياسية واقتصادية ودينية خرجت من الرياض لتنير في كل أصقاع المعمورة .. تذكروا جيدا: العالم مدين بالتصفيق لدوائر الماء والإصلاح في السعودية.