تحويل التحدي لفرص حقيقة وترسيخ مفهوم التنافسية
فريق التنافسية
يتبادر إلى ذهننا فورا السؤال عن أهمية ترسيخ المسؤولية الاجتماعية للشركات كمفهوم وكممارسة في واقعنا السعودي، رد بديهي: لأن هذا يحقق التنمية المستدامة داخليا، ويخلق مناخا تنافسيا مسؤولا بين الشركات
في اتجاه وعي جديد
وهذا هدف وطني يندرج في سياق الطموح النهضوي الأشمل للملكة التي تسعى لأن تصبح لاعبا رئيسيا ومحوريا في الخارطة الدولية المعاصرة والمستقبلية، وهو طموح تتوافر كل مقومات نجاحه وتحقيقه.
إلا أن التحدي الذي يواجهنا بعد ذلك يتمثل في السؤال عن: كيفية تحقيق ذلك؟
هذا ما علينا التوقف عنده بشيء من التركيز وأول ما يمكن أن يطرح هنا كقاعدة للإجابة عن هذا السؤال، ولمواجهة هذا التحدي هو ضرورة العمل على نشر الوعي بالمسؤولية الاجتماعية للشركات.
ولكن يجب أن يكون واضحا أن ذلك لا يمكن أن يتحقق ويعطي نتائجه إلا إذا فهمنا بشكل ما الذي يعنيه نشر هذا الوعي، وما هو مضمونه، ذلك لأن البعض يفهم أن ذلك يمكن أن يتم عبر الملصقات والحملات التوعوية ذات الرسائل المختزلة، وهذا فهم خاطئ لما ينبغي أن يكون عليه الأمر.
ما يجب أن يرسخ في الأذهان من عملية النشر هذه هو أن هذا الوعي إنما يتجسد كنمط حياة أو طريقة في الحياة، وليس مجرد شعارات تطلق في الهواء أو تحفظ دون أن تترك تأثيراتها الواضحة في حياة الفرد والمجتمع فكرا وسلوكا.
وعلى صعيد الشركات، فإن هذا الوعي بالمسؤولية يجب أن يتبلور كمنهج في خطط وسلوك الشركة، وليس مجرد "موضة" أو صرعة موسمية تبدأ وتنتهي بتاريخ محدد . فإذا ما انتشر وتحقق وساد هذا الوعي الجديد بالمسؤولية الاجتماعية للشركات باعتبار منهج ونمط حياة أو طريقة بين مختلف الشرائح الاجتماعية والشركات، فإنها ستكون قد وضعت أقدامها في أولى درجات " ممارسة " المسؤولية الاجتماعية على مستوى التخطيط والسلوك.
قاعدة معلومات صعبة
وتأتي في هذا الاتجاه قاعدة أخرى يمكن اعتبارها أو النظر إليها - ولو من ناحية نظرية - كخطوة تالية وهي بناء قاعدة معلومات دقيقة ومفصلة.
إذ من الواضح أن قاعدة مثل هذه تساعد الشركة على بناء نماذج أكثر واقعية، كما ويعطيها قدرة لقياس تأثير الشركات في المجتمع بصورة أكثر واقعية، لأنها ستنطلق من فهم أوسع لاحتياجات المجتمع، الأمر الذي يتيح لها بالتالي تخطيطا مفيدا وأكثر جدوى.
لأنك لا تستطيع أن تخطط لأي مشاريع - سواء كانت اجتماعية أو غير اجتماعية - دون إلمام دقيق بحاجة المجتمع، وهذا لا يمكن أن يتأتى لك دون قاعدة معلومات دقيقة وصلبة.
وإن انتشار الوعي وبالمواصفات المذكورة، وحين يرتكز على قاعدة صلبة من المعلومات، سيساعد الشركات من ناحية أخرى، على خلق فرص استثمارية جديدة بشكل متواصل، كما وأنه - من ناحية ثالثة - يسهم بشكل أكبر وأوسع في الاستثمار في رأس المال البشري.
إعداد الكوادر والترسيخ السلوكي
وهنا يأتي دور مؤشر التنافسية كأداة لقياس وتقييم سلوك الشركات. ولكن تظل المشكلة التي نواجهها دائما هي: كيف نستطيع أن نجعل كل ذلك ممكنا على أرض الواقع ؟ أي كيف نرسخ مفهوم التنافسية المسؤولة سلوكيا في نسيج الثقافة الاجتماعية؟
من الواضح أن ذلك لا يمكن أن يتم إلا عبر تأهيل كوادر مؤهلة تستوعب هذا الوعي الجديد لمفهوم التنافسية المسؤولة للشركات وتعمل على نشره وبثه عبر مختلف الوسائط والوسائل بين مختلف الشرائح الاجتماعية والمؤسسات.
وكما هو أيضا فإن هذه الكوادر لا تقتصر في تكوينها على قطاع دون القطاعات الأخرى، إذ ينبغي أن تمثل كل أطباق اللون القطاعية، بين رجال الأعمال ومؤسساتهم والإعلاميين، وغيرهما من القطاعات.
وقد حان الوقت الآن لإشاعة مفهوم المسؤولية الاجتماعية ومؤشر تنافسيتها فكرا وسلوكا في الجامعات وفي مناهج كلياتها الإنسانية وفي مراكز الدراسات والأبحاث نظرا لحداثتها وأهميتها القصوى، وأن هذا سيضمن مستقبلا مفعما بفهم أعمق لمفهوم وممارسة ا الاجتماعية للشركات، وترسيخا قويا لها في نسيج ثقافة المجتمع السعودي، وجزءا أصيلا فيها لا يتجزأ من مكوناتها.