سمة المدير الجيد هي قدرته على تفويض المهام. أو هكذا يُفترض، فمن خلال إسناد المهام إلى المرؤوسين المباشرين، يتفرغ المديرون لأعمال أكثر أهمية، ويُمكن الموظفين، وترتفع كفاءة الفريق.
من المفترض أن يكون التفويض أداة مفيدة وفعالة، لكن لماذا يتحول أحيانا إلى فشل؟
تقول سابينا نواز، مدربة عالمية للرؤساء التنفيذيين ومتحدثة في مجال القيادة، إن معظم المديرين يقعون في فخ التفويض نفسه، فهم يتعاملون مع التفويض وكأنه زر تشغيل وإيقاف. أي أنهم بعد تكليف موظف بمهمة، ينسحبون منها فورا، على أمل أن يُنجزها الموظف على أكمل وجه، ثم يُصابون بالإحباط عندما لا يحدث ذلك. بدلا من تمكين الموظفين وتخفيف الضغط على المديرين، يتحول التفويض إلى مصدر إحباط للطرفين، فضلا عن إهدار الجهد وانخفاض دافعية أعضاء الفريق.
تقول مديرة هندسة في شركة تقنية كبيرة: "كنتُ سأفوض المهام لو استطاع أي شخص إنجازها بمفرده. فهم لا ينجزونها على أكمل وجه، ويستغرقون وقتا طويلا، ويفتقرون إلى المبادرة". ولكن تقول نواز إنه بالتعمق في الموضوع، مشكلات هذه المديرة في التفويض كانت تتعلق بها هي أكثر من فريقها.
بدلا من التفويض والانسحاب، تقترح نواز، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، استخدام إستراتيجية تسميها "قرص التفويض".
خطوة بخطوة
الخطوة الأولى هي تحديد مستوى معرفة الموظف ومهارته وخبرته في أداء العمل أو المهمة التي يرغب المدير في تفويضها. من البديهي أن المتدرب سيحتاج إلى توجيه، ولكن هذا ينطبق على أي عضو في الفريق، حتى ذوي الخبرة، عند العمل على مشاريع محددة. يجب على المدير أن يلاحظ نوع الأسئلة التي يطرحها الموظف - هل تُشير إلى أنه لديه فكرة عما تريده منه؟
بمجرد تحديد مستوى الموظف، يمكن للمدير تقدير مدى التدخل المباشر المطلوب. يتكون "قرص التفويض"، مستوى التدخل المطلوب، من 5 مستويات: التنفيذ والإرشاد والتعليم والتوجيه والدعم.
"التنفيذ" يعني أن يراقب الموظف المدير وهو يؤدي المهمة قبل تسليمها إليه. وهذا المستوى مناسب لأعضاء الفريق الذين لم يسبق لهم أداء المهمة ولا يعرفون من أين يبدؤون. أما بالنسبة إلى الموظفين القادرين على تحمل مسؤولية أكبر، مثلا، الذين يدركون المهارات التي تنقصهم وما يحتاجون إليه لإتقان مهمة ما - فهناك مستوى "الإرشاد"، حيث يقدم المدير لهم تعليمات خطوة بخطوة حول كيفية أداء المهمة. ومستوى "التعليم" هو حيث يشرح المدير بوضوح سبب وجوب أداء المهمة بترتيب وطريقة محددتين، ويترك للموظف حرية التصرف.
أما المستوى التالي، "التوجيه"، فهو عندما يترك المدير الموظف يتولى المهمة الموكلة إليه بنفسه، ولكن يوجهه أثناء أدائها بطرح أسئلة مثل: "ما الذي فكرت فيه أيضا؟" أو "ما الذي دفعك لاختيار هذا الخيار؟" أخيرا، "الدعم" وهو عندما يترك المدير مرؤوسه المباشر يؤدي المهمة ويخبره بأنه متاح عند الحاجة. ومن المفارقات أن هذه هي الخطوة التي يبدأ بها معظم المديرين.
المتابعة الدورية
بغض النظر عن مستوى تفويض المهام الذي يتبعه المديرين، المتابعة الدورية ضرورية لتجنب أي تضارب في التوقعات في اللحظات الأخيرة.
يجب على المديرين تقييم مستوى تعلم الموظفين بشكل دوري لتحديد مدى استعدادهم لتحمل مسؤولية أكبر، وأن يطلبوا منهم تقييم نقاط النجاح، وأين واجهوا صعوبات ولماذا؟ ما مدى ارتياحهم العام للمشروع؟ إذا كان هناك أي شك في قدرة الموظف على تحمل مسؤولية أكبر، من الأفضل تفويض المهمة عند مستوى الموظف الحالي حتى يثبت كفاءته.
أخيرا، تقول نواز إن استخدام نظام تفويض المهام يحقق 3 أهداف: تقليل عبء العمل على المدير، تعزيز نمو فريق العمل، وتحقيق جودة أعلى في العمل مع تقليل الأزمات المفاجئة.

