من شانيل إلى منصب تنفيذي في شركة لوريال الولايات المتحدة، ارتقت ستيفاني كريمر السلم الوظيفي في مسيرة تبدو كأنها صعود لامع يحلم به معظم الشباب في العشرينات من العمر.
لكن خلف تلك الرحلة قصة، بدأت بمهام صغيرة بسيطة، من رحلات جلب القهوة وتصوير المستندات إلى الحضور مبكرا قبل أي شخص آخر.
تقول كريمر "إن الموافقة على المهام الصغيرة غير الجذابة، خصوصا التي لا يرغب أحد آخر في توليها، كانت السر الذي أوصلها إلى منصب في الإدارة التنفيذية لأكبر شركة تجميل في العالم".
"نعم" تفتح الأبواب المغلقة
في حديثها لمجلة "فورتشن" حول مسيرتها المهنية، تعزو كريمر التقدم الذي حققته إلى قدرتها على قول "نعم" مهما كانت المهام صغيرة. وتقول: "من سينسخ المستندات ويحضر القهوة؟ أنا من ستفعل. ومن سيحضر مبكرا لترتيب الاجتماع؟ أنا هذا الشخص. ومن سيراقب أي باب يدخله المستهلكون لتحديد أفضل ركن أو نافذة للمنتجات؟ هو أنا أيضا".
ترسخت روح المبادرة لدى كرامر قبل دخولها الحياة المهنية، حيث تنسب الفضل إلى جدها وجدّتها في تعلّم العمل "بعقل منفتح، وقلب راغب، وأيدٍ حاضرة".
لكن عندما يتعلق الأمر بمسيرتها المهنية، تقول رئيسة الموارد البشرية للشركة المدرجة في قائمة "فورتشن 500"، "إن كل (نعم) كانت تفتح لها أبوابا إلى تحديات أكبر".
كانت كريمر تقول "نعم" لكل فرصة، حتى للمشاريع غير المألوفة، مثل قبولها مشروع في الصين قبل الألعاب الأولمبية لدراسة أصول العطور وفهم جذورها ومعانيها في سوق العطور.
كانت صغيرة آنذاك. ورغم أنها لم تكن تتحدث الصينية، فقد كان لديها إيمان راسخ بأن قبول مثل هذه التحديات يفتح أبوابا أوسع نحو المستقبل.
الطريق إلى "نعم" الإستراتيجية
مع ازدياد مسؤوليات كريمر المهنية والشخصية، اضطرت إلى تعلم التقليل من قول "نعم"، أو بالأحرى قول "نعم" لكن بشكل إستراتيجي للفرص المناسبة.
تقول كريمر "إن إحدى أهم اللحظات الحاسمة أو مفاتيح التقدم في مسيرتها المهنية كانت عندما أدركت ضرورة اختيار الفرص بعناية واتخاذ قرارات مقصودة".
كانت "نقطة ضعف" كريمر هي قول "نعم" لكل شيء، لأنها لا تريد أن تُخيّب آمال الآخرين. لكن الآن، مع مسؤولياتها المزدوجة بين رعاية طفلين وإدارة عشرات آلاف الموظفين، تعلمت أن تكون أكثر حرصا وتأنّيا في اتخاذ القرارات.
لا تشعر بالذنب يا صاحب "لا"
تنصح كريمر من ينتقلون من الوظائف الصغيرة إلى المناصب الإدارية، بأن يكونوا صادقين بشأن الوقت الفعلي المتاح لديهم، وأن يعرفوا ما يمكنهم تفويضه للآخرين، دون أن يشعروا بالذنب عند قول "لا" للأمور التي لا يستطيعون تحملها في الوقت الحالي.
أحد الأطر التي تساعد كريمر على تحديد ما تقبله وما ترفضه، هو اتباع ما يُغذي طاقتها، لا ما يستنزفها.
كانت رئيسة الموارد البشرية تشعر سابقا بأنها مجرد شخص واحد يوزع جهده على أجزاء كثيرة من حياتها، دون أن يمتلئ أي جزء بما يكفي.
لكنها تقول "إنها غيرت هذا المنظور، وأصبحت الآن تركز على كل جوانب حياتها بطريقة تمنحها طاقة يومية وتشعر روحها بالامتلاء".
كُن قنّاصا واغتنم الفرصة
الرئيس التنفيذي لشركة وول مارت دوج ماكميلون اتبع مسارا مشابها، عندما عمل في تفريغ الشاحنات مقابل 6.50 دولار للساعة وقتما كان في الـ17 من العمر عام 1984.
ماكميلون يشق طريقه بعد ذلك عبر سلسلة من الترقيات، حيث تدرّج في مناصب عملاقة التجزئة ليصبح أصغر رئيس تنفيذي للشركة منذ مؤسسها سام والتون.
يقول رئيس وول مارت "إن سر نجاحه كان قبوله الفرص المتاحة أثناء غياب مديره".
الرئيس التنفيذي لشركة "كيرت جايجر" "كورت جيجر" نيل كليفورد كان من بين الأشخاص الذين وجدوا فرصتهم الكبرى في غياب مديريهم. حرص كليفورد على أخذ نصيحة مهنية من رئيس الشركة. وعندما تلقاها، وافق على الانتقال إلى مدينة جديدة من أجل الترقية.
بانو كريستو، الرئيس التنفيذي لشركة "بريت أ مانجيه"، كذلك انتقل من العمل في "ماكدونالدز" مقابل 3 دولارات للساعة إلى كسب ملايين بصفته رئيسا لسلسلة الشطائر البريطانية.
كان دخول كريستو عالم الإدارة بفضل قبوله الفرص المتاحة، رغم عدم استعداده التام. ويقول: "كان من المفترض أن يذهب شخص ما لدورة تدريبية ليصبح مشرفا على الورديات، لكن لسبب ما تم فصله"، فاغتنمت الفرصة وملأت المكان الشاغر".
يضيف: "كنت في الـ16 من عمري. وفجأة، وجدت نفسي أدير الشخص الذي كان يدربني قبل شهرين أو ثلاثة، وكان عمره يقارب الثلاثين عاما. كلما أتيحت لي فرصة أكبر وجديدة، كنت أغتنمها. دائما لم أقل لا أبدا، حتى لو كانت مخاطرة".



