لطالما كانت الشعارات العالمية مثل الخاصة بنايكي أو أديداس رمزا للجاذبية والهوية لدى جيل كامل من المستهلكين الصينيين. غير أن هذا الارتباط العاطفي بدأ يتغير، في وقت تواجه فيه شركات الملابس الرياضية العالمية ضغوطا متزايدة من منافسين محليين باتوا أكثر قربا من أذواق السوق الصينية.
أليكس تشين، موظف مكتبي في بكين في أواخر الثلاثينيات من عمره، يمثل نموذجاً لهذا التحول. فخلال مراهقته، كان اقتناء أحذية كرة السلة من نايكي أو أديداس جزءاً من الانتماء لثقافة رياضية عالمية، متأثرا بنجوم مثل مايكل جوردان وكوبي براينت. إلا أن أولوياته اليوم باتت مختلفة.
يقول تشين "كنت أبحث تحديداً عن أحذية كرة السلة من نايكي وأديداس، وكان ارتداء حذاء يحمل اسم جوردان يمنحني شعوراً بالانتماء إلى مجتمع رياضي عالمي. أما اليوم، فأصبحت أكثر ميلاً لتجربة العلامات المحلية بسبب أسعارها المعقولة وتحسن جودتها وراحتها"، وفقا لـ "ساوث تشاينا مورنينج بوست".
لم يتلاشى بريق العلامات العالمية بالكامل، ولكن المستهلكين الصينيين باتوا أقل استعداداً لدفع أسعارا مرتفعة لمجرد الاسم. هذا التحول ينعكس بوضوح في نتائج أعمال الشركات الأجنبية العملاقة.
بينما أعلنت نايكي يوم الخميس عن أرباح وإيرادات ربع سنوية فاقت توقعات المحللين "حيث عوض نمو المبيعات في أمريكا الشمالية الانخفاض في الصين"، سجلت الشركة انخفاضا حادا بنسبة 16% لإيراداتها في الصين الكبرى لتصل إلى نحو 1.42 مليار دولار للربع الثاني من السنة المالية 2026 المنتهي في 30 نوفمبر.
انخفضت إيرادات المبيعات المباشرة للمستهلك 18% على أساس سنوي، وتراجعت إيرادات الأعمال الرقمية بنسبة 36%، وانخفضت إيرادات المتاجر 5%. وانخفضت أسهم شركة نايكي المدرجة في بورصة ناسداك 10% في تداولات ما بعد إغلاق السوق يوم الخميس عقب إعلان الأرباح.
في المقابل، تواصل العلامات الصينية ترسيخ موقعها. تفوقت مجموعة "أنتا" على نايكي في حجم المبيعات داخل الصين قبل ثلاث سنوات، ولا تزال بالصدارة، ما عزز مكانتها كأكبر علامة ملابس رياضية في السوق الصينية. كما أصبحت ثالث أكبر شركة ملابس رياضية في العالم من حيث الإيرادات السنوية – بعد نايكي وأديداس – إذا أُخذت في الاعتبار العلامات العالمية التي تمتلكها مثل "فيلا".
ويرى محللون أن ما تواجهه نايكي ليس مجرد تراجع عابر. تقول لين مين، محللة في معهد "ليدليو" للأبحاث، إن الأرقام الأخيرة "تعكس تحولاً هيكلياً في سوق الملابس الرياضية الصينية". وتشير إلى أن العلامات الصينية استفادت من سلاسل توريد رقمية مرنة وفهم أعمق للمستهلك المحلي، ما مكّنها من تقليص دورة تطوير المنتجات المخصصة للسوق الصينية إلى ما بين ثلاثة وستة أشهر فقط.
تواجه نايكي تحديا استراتيجيا يتمثل في الانتقال من مجرد "البيع في الصين" إلى "التصميم من أجل الصين"، مع الحفاظ في الوقت ذاته على هويتها العالمية. ورغم ذلك، لا تزال الشركة تعتبر السوق الصينية من أكثر الأسواق الواعدة على المدى الطويل، مؤكدة عزمها مواصلة تحسين عملياتها لبناء قاعدة نمو مستقبلية.
وعلى مستوى التجارة الإلكترونية، ما زالت نايكي تتصدر مبيعات الملابس الرياضية عبر المنصات الصينية الكبرى بحصة سوقية بلغت 8.7 في المئة خلال الربع الثالث، وفقاً لبيانات "غوسن سيكيوريتيز".
غير أن المشهد الإقليمي الأوسع يميل لصالح اللاعبين المحليين. إذ يُتوقع أن تتجاوز منطقة آسيا والمحيط الهادئ أميركا الشمالية كأكبر سوق استهلاكية في العالم بحلول 2035، مدفوعة بنمو العلامات المحلية التي تتفوق على الشركات متعددة الجنسيات في سرعة الابتكار والقدرة على التكيف مع أذواق المستهلكين.




